تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

قيل لابن عباس: إن اليهود يزعمون أنهم لا يوسوسون في صلاتهم، فقال: صدقوا!! فقالوا: كيف ذلك؟ قال: ماذا يفعل الشيطان بالقلب الخرب.

(والذي يدخل الكنائس اليوم أو يسمع ما فيها لا يرى إلا كل رذيلة وفساد فماذا يعمل الشيطان بهؤلاء؟!، إنهم زادوا على إبليس ولعله إذا دخل عليهم الكنيسة أفسدوه لأنه كما قال الشيطان كنت ألقى الناس فأعلمهم فصرت ألقاهم وأتعلم منهم) وقال الشاعر المخذول:

وكنت امرأ ً من جند إبليس فارتقى ?? بيَ الحالُ حتى صار إبليسُ من جندي

فلو رأت قبلي كنت أحسن بعده ?? طرائق فسق ليس يحسنها قبلي

وغاية ما وقع من الشيطان أنه عصى ربه، لكنه لم يتقرب إليه بالمعصية أما هؤلاء النصارى يتقربون بالمعصية فتراه يصلي ويزني ....

وقد نهانا نبينا عليه الصلاة والسلام عن المجادلة والنزاع والأخذ والرد والقيل والقال في مسائل القدر، ثبت في سنن الترمذي بسند حسن من حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال: [خرج علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم ونحن نتنازع في القدر فغضب حتى احمرت وجنتاه () كأنما فقيء في وجهه حب الرمان () ثم قال: أبهذا أمرتم أم لهذا أرسلت إليكم ()؟، إنما هلك من كان قبلكم حين تنازعوا في هذا الأمر عزمت عليكم ألا تنازعوا فيه] فمن كان مؤمناً فليحفظ عزيمة النبي عليه الصلاة والسلام وقسمه وتشديده وطلبه وإلزامه لنا.

وفي مسند الإمام أحمد وسنن بن ماجه بسند صحيح من حديث عبد الله بن عمرو بن العاص قال: [خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم على أصحابه وهم يختصمون في القدر فكأنما فقيء في وجهه حب الرمان من الغضب، ثم قال: بهذا أمرتم أو لهذا خلقتم؟، تضربون القرآن بعضه ببعض بهذا هلكت الأمم قبلكم].

ولذلك إذا ذكر القدر فأمسكوا وإياك أن تسترسل في هذه المباحث ولا أقول هذا الأمر لا تدركه العقول ولا تعلمه كما بينه لنا نبينا الرسول عليه الصلاة والسلام، لا أقول هذا لكن أقول البحث عن الحكمة في التقرير هو الذي لا تدركه العقول، فالعقول تدرك أن الله يعلم كل شيء وأنه قدره وأن ما شاء الله كان وما لم يشأ لم يكن، لكن عندما تريد أن تسترسل في بيان الحكم فهذا في الحقيقة مجال للتعثر.

فإذا استرسل الإنسان في القدر وما عصمه الله وما حفظه قد يقع في إحدى ثلاث بليات:

1) بلية الزندقة: وهي توهم معارضةٍ بين أمر الله وقدر الله، فيُسلم بأن الله خالق كل شيء – وهذا بقدره – لكنه يقول: إن هذا يعارض أمره ونهيه، وهذا يدل على سفاهته وعدم حكمته، وهؤلاء قدرية زنديقية، ويقولون الله أمر ونهى وقدر وخلق لكن أمره ونهيه يعارض قدره وخلقه.

أول من قال هذا إبليس حيث سلم بالخلق لكنه قال الأمر يخالف الحكمة لذلك أول المعترضين إبليس، أمره الله بالسجود فاعترض وقال كيف تأمر الفاضل أن يسجل للمفضول؟! أي أنت يا رب لا تعرف الحكمة سبحانه وتعالى عما يصفه الضالون علواً كبيراًً، الله أمرك يا إبليس أن تسجد فلماذا تفلسفت وصرت تقول: لم؟ وهذا ليس من شأنك أن تسأل عنه فالله رب العالمين يعلم الحكمة ويعلم الغيب وأنت لا تعلم شيئاً من ذلك فلماذا تعترض؟، وأنت لا تعرف شيئاً حتى عن نفسك هل تعرف ماهية روحك؟ لا أحد يعلم، فأنت كما قال الله (وما أوتيتم من العلم إلا قليلا ً)

أنت آكل الخبز لا تعرفه ??? كيف يجري فيك أم كيف تبول

كيف تدري من على العرش استوى ??? لا تقل كيف استوى كيف النزول

أين منك الروح في جوهرها ??? هل تراها فترى كيف تجول

هذه الأنفاس هل تحصرها ??? لا ولا تدري متى عنك تزول

فأنت إذا كان هذا حالك فلماذا تعترض؟، فاعرف قدرك، فهل أنت ستساوي الله في إدراك حكمة كل شيء، ولو ساويته لكنت إلهاً مثله بل تبقى حالتك أنك تعلم شيئاً وتخفى عليك أشياء، وما تجهله هو أضعاف أضعاف أضعاف أضعاف ما تعلمه فقف عند حدك، إذ قد يؤدي به التعمق في القدر إلى التزندق ولذلك كان الفلاسفة يقولون: "لا يوجد أضر على المخلوق من الخالق"، فنعوذ بالله من هذا الكفر، نعمه علينا لا تحصى ورحمته وسعت كل شيء ووالله هو أرحم بنا من والدتنا وأرحم بنا من أنفسنا أرسل لنا الرسل وأنزل علينا الكتب، فكيف يكون أضر شيء علينا؟!!

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير