تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

لقد ركز الشيخ حديثه على أن الولاء الفطري، لا سيما للزوجة والأقارب، ولاء فطري لم تنه الشريعة عنه، بل أقرته عملا بمقصدها في حفظ العلاقات بين الناس، وإجراء على حسن المعاملة بينهم، وتمشيًا مع فطرهم، وزيادة في تأييد رأيه، والرد على ما يمكن أن يورد عليه، أورد قصة إبراهيم عليه السلام المذكورة في القرآن، والمتضمنة إبداء بغض الكافر، حيث قال الله جل وعلا حاكيا قول إبراهيم لأبيه (وبدا بيننا وبينكم العداوة والبغضاء أبدًا حتى تؤمنوا بالله وحده) فقال الشيخ (فالآية واضحة في تبادل العداء "وبدا بيننا وبينكم العداوة"، ولم يأت إبراهيم عليه السلام إلى المشركين ابتداء ليبادلهم هذا العداء، بل جاء ليدعوهم إلى الإسلام والإخلاص، ولكن لما ناصبوه العداء والبغضاء كان واجباً طبيعياً أن يبادلهم ذلك حفاظاً على العقيدة التي يحملها من الانحسار والذوبان، "وما كان استغفار إبراهيم لأبيه .. "الآية، فلم يتبرأ إبراهيم من أبيه إلا بعد أن أشهر أبوه العداوة لهذا الدين، فخالف أصل العلاقة الطبيعية بين البشر التي حث عليها الإسلام المبنية على الرحمة: "وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين".

ثم تابع الشيخ الحديث عن بغض الكفار، وقرر أن البغض لمن عادى، وحارب، وليس لمطلق الكفر، وإن كان له عبارة أخرى قال فيها: (إن "الكره" إذًا هو كره الكافر وعقيدته وكره ظلمه وعدوانه والبراء من قادة الحروب والدماء والعدوان على الناس والأبرياء من المسلمين، والبراء من كل ممارسة ظالمة جائرة تزيد الظالم قوة والضعيف البريء ضعفاً، فالإسلام جاء لينصر المظلوم ويأخذ على يد الظالم)، لكنها ضبابية عامة في موطن يحتاج إلى الوضوح والتخصيص، فالشيخ يقرر أن مناط بغضنا لهم، هو عداوتهم لنا، ونسب هذا الفهم للمفسرين، حيث قال معقبًا على قوله تعالى: (لا تجد قوما يؤمنون بالله واليوم الآخر يوادون من حاد الله ورسوله ولو كانوا آباءهم أو أبناءهم أو إخوانهم أو عشيرتهم أولئك كتب في قلوبهم الإيمان وأيدهم بروح منه ويدخلهم جنات تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها رضي الله عنهم ورضوا عنه أولئك حزب الله ألا إن حزب الله هم المفلحون). "القضية في هذه الآية لهؤلاء المحاربين الذين يحادون الله ورسوله ويحاربون أولياءه، وهذا ما صرح به الطبري وابن عطية وغيرهم، وكل الآيات التي جاءت تحرم موالاة غير المؤمنين فالمقصود بها المحاربون، كقوله تعالى: "يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا عدوي .. "الآية، فنهى سبحانه عن موالاتهم ما داموا محاربين أو إفشاء الأسرار الحربية لهم، لأنه في نفس السورة قال: "لا ينهاكم .. "الآية".

وأول تعقيب على كلام الشيخ ما يلي: نعم عبارات المفسرين في هذه الآية، توهم وكأنهم اختلفوا في الحمل في هذه الآية، فجماعة منهم ذهب إلى حمل هذه الآية على ما ذكره الشيخ، من أن هذه الآية كما قال الجصاص الحنفي إنما هي (فِي أَهْلِ الْحَرْبِ دُونَ أَهْلِ الذِّمَّةِ؛ لِأَنَّهُ لَفْظٌ مُشْتَقٌّ مِنْ كَوْنِهِمْ فِي حَدٍّ وَنَحْنُ فِي حَدٍّ، وَكَذَلِكَ الْمُشَاقَّةُ وَهُوَ أَنْ يَكُونُوا فِي شِقٍّ وَنَحْنُ فِي شِقٍّ، وَهَذِهِ صِفَةُ أَهْلِ الْحَرْبِ دُونَ أَهْلِ الذِّمَّةِ .. ).

وذهبت جماعة أخرى من المفسرين إلى غير ذلك، ولم تجعل الآية خاصة في أهل الحرب، بل تحدثت عن الجميع، وقد رجعت إلى تفسير الطبري، والبغوي، وابن الجوزي، وابن عطية، والقرطبي، وابن كثير، والشنقيطي في أضواء البيان، فلم أجد ما ذكره الشيخ، من أن هذا الحمل في هذه الآية يشمل كل آيات الولاء والبراء، ليكون مناط البراء من الكفار هو الاعتداء.

وحبذا لو أن الشيخ نقل نص عبارتهم أو عباراتهم لتأييد ما ذهب إليه، أو أحال في هامش مقالته على موطن رأيهم ذلك، بل إن لقائل أن يقول إن ظاهر كلام هؤلاء المفسرين على خلاف ما قال الشيخ؛ أعني أن ظاهر كلامهم، حمل هذه الآية على الكفار مطلقًا، بدون تقييد المعادي منهم دون غير المعادي.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير