تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

في كلام الشيخ السقاف.

بل للشيخ ابن باز جملة من الفتاوى الدالة على عدم مشروعية تتبع الآثار النبوية فضلاً عن التبرك بها فمن ذلك قوله مثلاً في حكم قصد المساجد السبعة بالمدينة ومسجد القبلتين: (أما المساجد السبعة ومسجد القبلتين وغيرها من المواضع التي يذكر بعض المؤلفين في المناسك زيارتها فلا أصل لذلك ولا دليل عليه. والمشروع للمؤمن دائماً هو الاتباع دون الابتداع) (مجموع فتاوى ومقالات متنوعة 6/ 321)، ويقول كذلك في فتوى أخرى: (وأما ما نقل عن ابن عمر رضي الله عنهما من تتبع آثار النبي صلى الله عليه وسلم واستلامه المنبر فهذا اجتهاد منه رضي الله عنه لم يوافقه عليه أبوه ولا غيره من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، وهم أعلم منه بهذا الأمر، وعلمهم موافق لما دلت عليه الأحاديث الصحيحة. وقد قطع عمر رضي الله عنه الشجرة التي بويع تحتها النبي صلى الله عليه وسلم في الحديبية لما بلغه أن بعض الناس يذهبون إليها ويصلون عندها؛ خوفاً من الفتنة بها وسدا للذريعة) (مجموع فتاوى ومقالات متنوعة 9/ 109)، ويقول كذلك: (لا يجوز للمسلم تتبع آثار الأنبياء؛ ليصلي فيها أو ليبني عليها مساجد؛ لأن ذلك من وسائل الشرك، ولهذا كان عمر رضي الله عنه ينهى الناس عن ذلك ويقول: (إنما هلك من كان قبلكم بتتبعهم آثار أنبيائهم)، وقطع رضي الله عنه الشجرة التي في الحديبية التي بويع النبي صلى الله عليه وسلم تحتها؛ لما رأى بعض الناس يذهبون إليها ويصلون تحتها؛ حسماً لوسائل الشرك، وتحذيراً للأمة من البدع، وكان رضي الله عنه حكيماً في أعماله وسيرته، حريصاً على سد ذرائع الشرك وحسم أسبابه، فجزاه الله عن أمة محمد خيراً، ولهذا لم يبن الصحابة رضي الله عنهم على آثاره صلى الله عليه وسلم في طريق مكة وتبوك وغيرهما مساجد؛ لعلمهم بأن ذلك يخالف شريعته، ويسبب الوقوع في الشرك الأكبر، ولأنه من البدع التي حذر الرسول منها عليه الصلاة والسلام، بقوله صلى الله عليه وسلم: (من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد) متفق عليه من حديث عائشة رضي الله عنها، وقوله صلى الله عليه وسلم: (من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد) رواه مسلم في صحيحه، وكان عليه الصلاة والسلام يقول في خطبة الجمعة: (أما بعد، فإن خير الحديث كتاب الله، وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم، وشر الأمور محدثاتها، وكل بدعة ضلالة) خرجه مسلم في صحيحه، والأحاديث في هذا المعنى كثيرة. والله المستعان ولا حول ولا قوة إلا بالله.) (مجموع فتاوى ومقالات 17/ 421)، فهذا كلام الشيخ ابن باز، فهل يصح بعد ذلك أن يُنسب القول بجواز التبرك بآثار النبي صلى الله عليه وسلم المكانية إليه؟!

7) نقل الشيخ كلاماً لإسحاق بن راهويه في معرض كلامه حول عدم الفرق بين التبرك بالمكان وبين التبرك بما اتصل من المكان بجسد النبي صلى الله عليه وسلم كالتراب ونحوه، وذلك في معرض رده على الشيخ السقاف في بيان الفرق وأنه بتقدير جواز التبرك في الثاني لوجود عين لامست جسد النبي صلى الله عليه وسلم فإنه لا يجوز التبرك بالمكان بعد انعدام تلك العين، فأتى الشيخ بكلام إسحاق لبيان عدم تفريق السلف بين المسألتين فقال: (وعبارة إسحاق بن راهويه شيخ الإمام أحمد تدل على أن السلف لا يفرقون بين هذين القسمين، يقول:"ومما لم يزل من شأن من حج المرور بالمدينة، والقصد إلى الصلاة في مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم، والتبرك برؤية روضته، ومنبره، وقبره، ومجلسه، وملامس يديه، ومواطئ قدميه").

فيقال أولاً: ليس إسحاق بن راهويه بشيخ للإمام أحمد، وإنما هو من أقرانه، وأحمد أسن منه، ولا ضير أن روى أحمد عن إسحاق فإن روايته عنه لا تصيره شيخاً له بل هي من قبيل رواية الأقران، ولعل الشيخ أراد أن يُضفي على كلام إسحاق نوع جلالة بذكر هذه المشيخة، ويستميل قلوب القراء بهذا الأسلوب.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير