تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

ويقال ثانياً: ليس في كلام إسحاق ما يُتعلق به في شأن مسألتنا إذ غاية ما في كلام إسحاق أن الحُجاج بعد فراغهم من حجهم يقصدون المدينة للصلاة في مسجد النبي صلى الله عليه وسلم ولتكتحل عيونهم بمرأى مدينة النبي صلى الله عليه وسلم فيتبركوا برؤية روضته، (ورؤية) منبره، (ورؤية) قبره، (ورؤية) مجلسه، (ورؤية) ملامس يديه، (ورؤية) مواطئ قدميه، وإني لأعتذر للقارئ على تكرار كلمة رؤية لأنها مقصودة في العطف في كلام إسحاق كما هو بين واضح وإلا فهل يتصور في إسحاق أن يبيح التبرك بقبر النبي صلى الله عليه وسلم!! ولقد كنت في غنى عن هذا التعليق لولا أن الشيخ عبدالعزيز غفر الله له قد علق على كلمة إسحاق فقال: (فالروضة الشريفة يتبرك برؤيتها، والمكث بها، والصلاة فيها من باب أولى، ومنبره صلى الله عليه وسلم يتبرك به بالتمسح به كما كان يفعل الصحابة، ومنبره اندرس ولم يبق منه شيء، لكن بقيت البقعة فيتبرك بالمكث بها إن أمكن، وأما قبره وجدار الحجرة النبوية التي بها قبره وقبرا صاحبيه فلا يوصل إلى شيء من ذلك ليتبرك به؛ لأنه أحيط بالجدران الثلاثة، وأما مجلسه: أي الأماكن التي كان يجلس بها كأسطوانة الوفود، وأسطوانة السرير فيتبرك بالجلوس فيها والدعاء والصلاة)، وليت شعري لو أمكن للشيخ أن يصل لقبر النبي صلى الله عليه وسلم، أفيجيز التبرك ساعتئذ، ظاهر عبارته نعم، وهو باطل بيقين، وقد كان قبر النبي صلى الله عليه وسلم مما يوصل إليه زمن الصحابة فهل عرف عن واحد منهم التبرك به بأي لون من ألوان التبرك، وحاشا إسحاق رحمه الله أن يقول بجواز التبرك بقبر النبي صلى الله عليه وسلم وعبارته كما تقدم لا تدل عليه.

8) من الغريب جداً ظن الشيخ أن مخالفيه في هذه المسألة يَعتقدون أن هذا اللون من التبرك الذي يعتقده الشيخ لون من ألوان الشرك، فيقول: (هنا قاعدة مهمة: عدم المخالفة يدل على الموافقة في هذه المسائل، لأن مسألة التبرك بآثار النبي صلى الله عليه وسلم المكانية لو كانت مرتبطة بالشرك؛ لما سكت الصحابة، وكذلك التابعون؛ فإنهم لا يسكتون على منكر؛ فكيف يسكتون على شرك؟!)، وكنت أربأ بالشيخ أن يتهم مخالفيه بمثل هذه التهمة دونما مستند أو دليل، ثم يبني عليها مثل هذا الكلام ليجعله دليلاً على المطلوب، والمخالفة في هذه المسألة لا تصل بصاحبها حد الشرك -كما لا يخفى- فما بناه الشيخ على وصف الشرك والحالة هذه غير وارد، ثم نقول ليس في أفعال الصحابة والتابعين تبرك بالبقعة كما تقدم، بل غاية ما ثبت موافقة بعضهم لقصد النبي صلى الله عليه وسلم لبقعة معينة، وما وقع من بعضهم من قصد ما وقع من النبي صلى الله عليه وسلم اتفاقاً فليس من قبيل التبرك كما يظنه الشيخ وهذا ما سيتضح في نهاية المقال إن شاء الله، ثم إنكار ما يريده الشيخ موجود من فعل عمر فلما الإعراض عنه، والتكلف في تأويله.

9) أعاد الشيخ في رده هذا، الكلام على أثر عمر والمروي عن المعرور بن سويد في محاولة لتضعيف دلالة الحديث على عدم مشروعية تقصد ما نزله النبي صلى الله عليه وسلم من المنازل اتفاقاً، يقول المعرور بن سويد: (وافيت الموسم مع أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه، فلما انصرف إلى المدينة، وانصرفت معه، صلى لنا صلاة الغداة، فقرأ فيها: (ألم تر كيف فعل ربك بأصحاب الفيل) و (لإيلاف قريش)، ثم رأى أناساً يذهبون مذهباً، فقال: أين يذهب هؤلاء؟ قالوا: يأتون مسجداً ها هنا صلى فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: إنما أهلك من كان قبلكم بأشباه هذه يتبعون آثار أنبيائهم، فاتخذوها كنائس وبيعاً، ومن أدركته الصلاة في شيء من هذه المساجد التي صلى فيها رسول الله، فليصل فيها، ولا يتعمدنها)، ولا شك أن هذا الأثر في غاية القوة في الدلالة على عدم مشروعية تتبع المواضع التي صلى فيها النبي صلى الله عليه وسلم اتفاقاً، وتقّصد الصلاة فيها، ومع ذلك فالشيخ مصر أن لا دلالة في هذا الأثر فيقول: (وأما حديث عمر الذي رواه المعرور بن سويد فأجاب عنه الحافظ ابن حجر، وملخص الأجوبة أنها واقعة عين، ولها أسباب كانت حاضرة في تلك الواقعة، وإلا فكيف تفسر سكوت الفاروق عن ابنه طوال الوقت، أيحابي عمر ابنه عبد الله؟) والشيخ يشير إلى ما ذكره في كتابه من أجوبة الحافظ ابن حجر على أثر

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير