تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

فَقَالَ: "لَا " , فَقَتَلَهُ فَكَمَّلَ بِهِ مِائَةً. ثُمَّ سَأَلَ عَنْ أَعْلَمِ أَهْلِ الْأَرْضِ , فَدُلَّ عَلَى رَجُلٍ عَالِمٍ فَقَالَ: "إِنَّهُ قَتَلَ مِائَةَ نَفْسٍ , فَهَلْ لَهُ مِنْ تَوْبَةٍ"؟ فَقَالَ: "نَعَمْ وَمَنْ يَحُولُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ التَّوْبَةِ انْطَلِقْ إِلَى أَرْضِ كَذَا وَكَذَا فَإِنَّ بِهَا أُنَاسًا يَعْبُدُونَ اللَّهَ فَاعْبُدْ اللَّهَ مَعَهُمْ وَلَا تَرْجِعْ إِلَى أَرْضِكَ فَإِنَّهَا أَرْضُ سَوْءٍ". فَانْطَلَقَ حَتَّى إِذَا نَصَفَ الطَّرِيقَ أَتَاهُ الْمَوْتُ فَاخْتَصَمَتْ فِيهِ مَلَائِكَةُ الرَّحْمَةِ وَمَلَائِكَةُ الْعَذَابِ , فَقَالَتْ مَلَائِكَةُ الرَّحْمَةِ:" جَاءَ تَائِبًا مُقْبِلًا بِقَلْبِهِ إِلَى اللَّهِ". وَقَالَتْ مَلَائِكَةُ الْعَذَابِ:" إِنَّهُ لَمْ يَعْمَلْ خَيْرًا قَطُّ " , فَأَتَاهُمْ مَلَكٌ فِي صُورَةِ آدَمِيٍّ فَجَعَلُوهُ بَيْنَهُمْ فَقَالَ:" قِيسُوا مَا بَيْنَ الْأَرْضَيْنِ فَإِلَى أَيَّتِهِمَا كَانَ أَدْنَى فَهُوَ لَهُ" , فَقَاسُوهُ فَوَجَدُوهُ أَدْنَى إِلَى الْأَرْضِ الَّتِي أَرَادَ. فَقَبَضَتْهُ مَلَائِكَةُ الرَّحْمَةِ)) [3].

وروى الترمذي وحسنه الألباني من حديث أَنَس بْن مَالِكٍ رضي الله عنه قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ يَقُولُ: (قَالَ الله: يَا ابْنَ آدَمَ إِنَّكَ مَا دَعَوْتَنِي وَرَجَوْتَنِي غَفَرْتُ لَكَ عَلَى مَا كَانَ فِيكَ وَلاَ أُبَالِي، يَا ابْنَ آدَمَ لَوْ بَلَغَتْ ذُنُوبُكَ عَنَانَ السَّمَاءِ ثُمَّ اسْتَغْفَرْتَنِي غَفَرْتُ لَكَ وَلاَ أُبَالِي، يَا ابْنَ آدَمَ إِنَّكَ لَوْ أَتَيْتَنِي بِقُرَابِ الأَرْضِ خَطَايَا ثُمَّ لَقِيتَنِي لاَ تُشْرِكُ بِي شَيْئًا لأَتَيْتُكَ بِقُرَابِهَا مَغْفِرَةً) [4].

وعند البخاري من حديث عائشة رضي الله عنها أن النبي قال لها: (يَا عَائِشَةُ إِنَّهُ بلغني عَنْكِ كَذَا وَكَذَا، فَإِنْ كُنْتِ بَرِيئَةً، فَسَيُبَرِّئُكِ الله، وَإِنْ كُنْتِ أَلمَمْتِ بِذَنْبٍ، فاستغفري الله وتوبي إِلَيْهِ، فَإِنَّ العَبْدَ إِذَا اعْتَرَفَ ثُمَّ تَابَ، تَابَ الله عَلَيْهِ) [5].

و لا زلنا في زمن الإمهال وستغلق الأبواب بعد أيام محدودة وآجال عند المولى معلومة وأخبر عنها أنها قريبة , وقد مد الله التوبة للعبد إلى حضور أجله ما لم تغرغر نفسه , قال سبحانه: {إِنَّمَا التَّوْبَةُ عَلَى اللَّهِ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السُّوءَ بِجَهَالَةٍ ثُمَّ يَتُوبُونَ مِنْ قَرِيبٍ فَأُولَئِكَ يَتُوبُ اللَّهُ عَلَيْهِمْ وَكَانَ اللَّهُ عَلِيماً حَكِيماً وَلَيْسَتِ التَّوْبَةُ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السَّيِّئَاتِ حَتَّى إِذَا حَضَرَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قَالَ إِنِّي تُبْتُ الآنَ وَلا الَّذِينَ يَمُوتُونَ وَهُمْ كُفَّارٌ أُولَئِكَ أَعْتَدْنَا لَهُمْ عَذَاباً أَلِيماً} [النساء:17/ 18]

وعَنِ ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنه أن رَسُولَ اللَّهِ قال: (إِنَّ اللَّهَ يَقْبَلُ تَوْبَةَ الْعَبْدِ مَا لَمْ يُغَرْغِرْ) [6]،

أو تطلع الشمس من مغربها، فعن أَبِي مُوسَى رضي الله عنه مرفوعا: (إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ يَبْسُطُ يَدَهُ بِاللَّيْلِ لِيَتُوبَ مُسِيءُ النَّهَارِ، وَيَبْسُطُ يَدَهُ بِالنَّهَارِ لِيَتُوبَ مُسِيءُ اللَّيْلِ حتى تَطْلُعَ الشَّمْسُ مِنْ مَغْرِبِهَا) [7]. وعند مسلم من حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله قال: (مَنْ تَابَ قَبْلَ أَنْ تَطْلُعَ الشَّمْسُ مِنْ مَغْرِبِهَا تَابَ الله عَلَيْهِ) [8].

وليس بعد التوبة وعفو الله إلا العذاب وكل ذلك متعلق بمشيئته سبحانه راجع إلى علمه وحكمته لقوله تعالى: {وَآخَرُونَ مُرْجَوْنَ لأَمْرِ الله إِمَّا يُعَذِّبُهُمْ وَإِمَّا يَتُوبُ عَلَيْهِمْ وَالله عَلِيمٌ حَكِيم ٌ} [التوبة/106]

قال المزني: دخلت على الشافعي في علته التي مات فيها فقلت له:" كيف أصبحت؟ " فقال:أصبحت من الدنيا راحلاً , ولأخواني مفارقاً , ولكأس المنية شارباً ,ولسوء أعمالي ملاقياً وعلى الله وارداً , فلا أدري روحي تصير إلى الجنة فأهنيها , أم إلى النار فأعزيها , ثم أنشد:

ولما قسى قلبي وضاقت مذاهبي ... جعلت رجائي نحو عفوك سلما

تعاظمني ذنبي فلما قرنته ... بعفوك ربي كان عفوك أعظما

وما زلت ذا عفو عن الذنب لم تزل ... تجود وتعفو منة وتكرما

ولولاك لم يغوى بإبليس عابد ... فكيف وقد أغوى صفيك آدما

فإن تعف عني تعف عن متهتك ... ظلوم غشوم لا يزايل مأثما

وإن تنتقم مني فلست بآيس ... ولو دخلت نفسي بجرمي جهنما

قال الذهبي إسناده ثابت عنه [9]، وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.

وللحديث بقية بإذن الله.

*/ عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم. قسم السنة

13/ 11/1428

[1] مدارج السالكين1/ 312.

[2] شرح قصيدة ابن القيم 2/ 231.

[3] متفق عليه واللفظ لمسلم

[4] الترمذي في الدعوات، باب في فضل التوبة والاستغفار ح 3540

[5] البخاري في المغازي، باب حديث الإفك 4/ 1521 (3910).

[6] الترمذي في الدعوات، باب في فضل التوبة والاستغفار5/ 547 (3537)، وانظر حكم الشيخ الألباني على الحديث في صحيح الجامع (4338).

[7] مسلم في التوبة، باب قبول التوبة 4/ 2113 (2759)

[8] مسلم في الذكر والدعاء والتوبة، باب استحباب الاستغفار والاستكثار منه 4/ 2076 (2703). انظر الأسماء الحسنى للرضواني 3/ 103

[9] الوافي بالوفيات 1/ 225 تاريخ دمشق 50/ 332 سير أعلام النبلاء 10/ 76

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير