تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

[(تسلسل الحوادث) بين الشيخ الألباني .. والشيخ سفر الحوالي]

ـ[سليمان الخراشي]ــــــــ[08 - 12 - 07, 11:02 م]ـ

بسم الله الرحمن الرحيم

تُعد مسألة " قِدَم العالم، أو حدوثه " من المسائل المهمة التي طال فيها التنازع بين أهل السنة وأهل البدعة - بأنواعهم -، فنزع الفلاسفة إلى القول بقِدمه، منازعين الله في خلقه، وذهب أهل الكلام إلى حدوث النوع والأفراد، ملتزمين لأجل هذا لوازم شنيعة؛ من أهمها تعطيل بعض صفات الله الفعلية، فجاء شيخ الإسلام - رحمه الله -، مسفهًا رأي الطائفتين المبتدعتَين؛ مبينًا لوازم أقوالهم الشنيعة، فضلا عن مخالفتها للنصوص، ولما عُلم من دين الله بالضرورة، مبينًا حقيقة قول أهل السنة، مُفرقًا بين النوع والآحاد - كما يأتي -. فمن لم يفهم شيخ الإسلام رماه بما هو بريئ منه؛ من موافقة الفلاسفة! الذين هدّ الشيخ مذهبهم في مواضع كثيرة من كتبه، ولكن! لم ترها عيون الشانئين أو الجاهلين.

ومن الكتب التي جلّت حقيقة قول شيخ الإسلام، وردت على مناوئيه، وغيرهم؛ كتاب الفاضلة: كاملة الكواري - وفقها الله - " قِدَم العالم وتسلسل الحوادث بين شيخ الإسلام والفلاسفة "، وقدّم له الشيخ سفر الحوالي - وفقه الله وشفاه -. قال في مقدمته (ص 17 - 22):

(إن هذه الأمور العظيمة والأصول الكبرى إنما جلاها وفصّلها وتعمق في معقولها ومنقولها، ونقَد وقارن وفصل بين الطوائف المختلفة فيها، في كلياتها وجزئياتها: العالم الفرد والعلم الفذ شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله-، الذي قيضه الله لهذه الأمة.

والناس في هذه الأصول ثلاث طرق:

الأولى: المتكلمون الذين سلموا ببعض أصول الفلسفة، وأصّلوا ذلك الأصل الأفسد في حدوث العالم، وأهملوا ما جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم، حتى إنهم في مؤلفاتهم عن الأقوال والفرق لا يكادون يذكرون ما جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم أصلاً. وعلى أيديهم حدثت الفتن الجسام؛كفتنة القول بخلق القرآن، وفتنة القول بوجوب التأويل، وغيرها. وبقيتهم في المتأخرين الكوثري وتلامذته.

والطائفة الثانية: الفلاسفة المثبتون لقِدم العالم، وعمدتهم هو نقض ما قرره أولئك المتكلمون؛ إذ شغبوا على أهل الكلام قائلين: كيف تحول الأمر من الامتناع الذاتي إلى الإمكان أو الوجوب الذاتي؟ وكيف ترجح الفعل بلا مرجح؟ وغير ذلك من اللوازم؟ فليس لهم على الحقيقة حجة إلا فساد قول أولئك!

والطائفة الثالثة: المنتسبون للسنة والحديث بلا خبرة في العقليات، فكانوا فتنة للطائفتين السابقتين، وغرضاً لسهام الفريقين، ومن تفريطهم دخلتا، وعلى أكتافهم تسلقتا، وهم الذين عبر عنهم شيخ الإسلام بقوله: "من انتحل مذهب السلف مع الجهل بمقالهم أو المخالفة لهم بزيادة أو نقصان ..... ". وبقاياهم في زماننا على ثلاثة أصناف:

1 - من أعرض عن هذه المسائل بالكلية - مع أنها لا تزال تُقرر في كثير من معاهد العلم الشرعي في أنحاء المعمورة – وتُعلل بالنهي عن الخوض في علم الكلام، وهذا حق ولكن مسألة على هذا القدر من الأهمية بلوازمها واشتهار الكلام فيها؛ لا ينبغي الجهل بها ولا تجاهلها، وترك أهل البدع يثلمون عرض الشيخ، ويفرون أديمه، ويفتنون العامة بل طلبة العلم من أهل السنة.

2 - من تجرأ فخطأ شيخ الإسلام وصرح برفض قوله، وجعله مخالفاً لما اتفق عليه العلماء.

3 - من ادعى أن هذا ليس مذهب شيخ الإسلام! وجعل ذلك تبرئه لساحته ودفاعاً عنه، فكابر عقول قراء الشيخ كلهم، ولزمه تخطئة من خالف الشيخ ومن وافقه سواء، فابن القيم – عنده - مثلاً مخطئ حين وافق الشيخ على ما ليس مذهبه، والألباني مثلاً مخطئ حين خالف الشيخ فيما ليس مذهبه. وصدق من قال: عدو عاقل خير من صديق جاهل.

ولا ريب أن المسألة بتفصيلاتها ولوازمها دقيقة المنزع، وعرة المسلك، بعيدة الغور، إلا أننا نذكر خلاصة ما يجب على المسلم - لاسيما طالب العلم- معرفته في هذا الشأن، وهو هذه الأمور:

1 - أن الله تعالى هو الأول الذي ليس قبله شيء.

2 - أن الله تعالى متصف بصفات الكمال أزلاً وأبدًا، ومنها كونه خالقاً لما يشاء متى شاء، فعالا لما يريد، فلم يأت عليه زمن كان مُعَطلاً عن الخلق أو الكلام، أو غير ذلك من صفات كماله، ونعوت جلاله.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير