تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

[الحكم بغير ما أنزل الله للعلامة عبد الرزاق عفيفي _رحمه الله_]

ـ[أبو حزم فيصل الجزائري]ــــــــ[11 - 01 - 08, 11:55 م]ـ

شبهات حول السنة

اختلاف موقف المدافع عن السنة

باختلاف حال من يورد الشبهة

إن المسلم الداعية أو المناظر الذي يثبت حجية السنة، والذي يدفع الشبه عنها يختلف موقفه باختلاف خصمه أو من يناظره:

فتارة يكون منكراً للسنة من أصلها، وينكر جميع ما جاء عن الرسول عليه الصلاة والسلام من الأحاديث قولاً وعملاً أو خلقاً، ينكره ويكتفى بما جاء في القرآن الكريم، فموقفه الواجب مع هؤلاء أن يثبت لهم حاجة المسلمين في فهمهم للقرآن، وعملهم بالقرآن، حاجتهم في ذلك، إلي السنة التى جاء بها النبى r قولاً وعملاً وصفة.

الشبهة الأولى

الأقتصار على القرآن وإنكار السنة

فإذا احتج علينا بالقرآن فقال: إن الله تعالى أغنانا بالقرآن لقوله فيه: (وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ تِبْيَاناً لِكُلِّ شَيْءٍ وَهُدىً وَرَحْمَةً وَبُشْرَى لِلْمُسْلِمِينَ).النحل (89)

فالقرآن بين واضح ومبين لكل شيء فلا يحتاج معه إلي سنة، فلماذا نتكلف البحث فيها والركون إليها أو الاحتجاج لها، لماذا نتكلف هذا مع أن الله تكفل لنا ببيان كل ما نحتاج إليه في محكم كتابه لقوله ونزلنا عليك الكتاب " وهو القرآن " تبياناً لكل شيء وهدى ورحم وبشري للمسلمين فلا حاجة إلي أن نكلف أنفسنا عناء البحث في سنة رسول الله r لنعمل بما فيها لغنانا بالقرآن عنها ويقول سبحانه في آية أخرى: (وَمَا مِنْ دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ وَلا طَائِرٍ يَطِيرُ بِجَنَاحَيْهِ إِلَّا أُمَمٌ أَمْثَالُكُمْ مَا فَرَّطْنَا فِي الْكِتَابِ مِنْ شَيْءٍ) الانعام (38). ويريدون بالكتاب القرآن، فيكون المعنى ما فرطنا في القرآن من شيء ففى القرآن كل شيء فلا حاجة علي السنة، وهذا إنكار للسنة بجملتها أو إنكار للحاجة إليها وإلي الاحتجاج بها بالجملة، اكتفاء بما جاء في القرآن بهاتين الآيتين، وقد أجاب العلماء عن الاستدلال بهاتين الآيتين بأجوبة منها:

أن المراد بقوله تعالى: (مَا فَرَّطْنَا فِي الْكِتَابِ مِنْ شَيْءٍ) المراد به اللوح المحفوظ، والسورة مكية ولم يكن نزل من القرآن إلا قليل، سورة البقرة مدنية، براءة مدنية، النساء مدنية، آل عمران مدنية، كثير من آيات الأحكام والفروع، كثير منها مدنى، وما يتصل بالصلاة إنما وضح وتبين وتكامل فى المدينة.

وأحكام المعاملات إنما نزلت في القرآن بالمدينة، نزلت أصولها في القرآن، بعد الهجرة، وأحكام الجنايات من قصاص وديات نزلت في المدينة، والسورة، سورة الأنعام كلها مكية على الصحيح أنها جميعاً مكية، قد يكون منها آيات مكية تشبه الآيات المدنية كآيات الذبح وذكر الله على الذبائح، قد يكون مثل هذا نزل بالمدينة، لكن الغالب عليها أنها مكية، فكيف يكون في الكتاب الذي هو القرآن بيان كل شيء في الوقت الذي نزلت فيه هذه الآية، مع أن تلكم الأحكام إنما نزلت أصولها المدينة لا في مكة. ثم عدد الصلوات وتحديد أوقاتها، وعدد ركعاتها ن وسائر كيفياتها لم تعرف من القرآن، إنما عرفت من السنة.

وأحكام الزكاة من جهة النصاب ومن جهة المستحقين لم تكن عرفت في مكة، ل لم تكن فريضة الزكاة شرعت في مكة إنما الذي شرع الصدقات العامة، وفرض الزكاة وجبايتها إنما كان في المدينة وبيان المستحقين للزكاة إنما نزل في المدينة في سورة التوبة (إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا) إلي آخر الآية التى فيها الأصناف الثمانية ثم النصاب، نصاب الزكاة ليس محدداً في القرآن وكذا شرطها وهو حلول الحول ليس محدداً في القرآن ولا مبيناً فيه، فالواقع يدل على أن القرآن اشتمل على الأصول العامة، وأنه لم يكن فيه كل شيء فتفسير الكتاب بالقرآن في آية (مَا فَرَّطْنَا فِي الْكِتَابِ مِنْ شَيْءٍ) تفسير غير صحيح، إنما المراد به اللوح المحفوظ الذي أمر الله تعالى القلم أن يكتب فيه ما كان وما هو كائن إلي يوم القيامة.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير