تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

ما المقصود بقوله تعالى: {بل هو قرآنٌ مجيد، في لوحٍ محفوظ}؟

ـ[عبد الباسط بن يوسف الغريب]ــــــــ[11 - 01 - 08, 04:40 م]ـ

الحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم أما بعد:

قال الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله في شرحه للعقيدة السفارينية (186)

:

فأما قوله تعالى: {بل هو قرآنٌ مجيد، في لوحٍ محفوظ} (البروج 21 – 22)، فإنه لا يتعين أن يكون القرآن نفسه مكتوباً في اللوح المحفوظ بل يكون الذي في اللوح المحفوظ ذكره دون ألفاظه،

وهذا لا يمتنع أن يقال إن القرآن فيه كذا والمراد ذكره كما في قوله تعالى: {وإنه لفي زبر الأولين} (الشعراء 196) وإنه: أي القرآن، {وإنه لفي زبر الأولين}: والمراد بلا شك ذكره في زبر الأولين، لأنه ما نزل على أحد قبل محمد عليه الصلاة والسلام، ولكن المراد ذكره،

والدليل على ذكره أو لم يكن لهم آية أن يعلم علماء بني إسرائيل وكلنا يقرأ قوله تعالى: {قد سمع الله قول التي تجادلك في زوجها} (المجادلة 1) ولو كان القرآن العظيم مكتوباً في اللوح المحفوظ بهذا اللفظ لأخبر الله عن سمع ما لم يكن، والله قال: {قد سمع} ثم قال: {والله يسمع} بالمضارع الدال على الحال والحاضر،

يعني لو قال قائل: قد سمع عبر عن المستقبل بالماضي لتحقق وقوعه؟

قلنا: هذا قد نسلِّمه لكن يمتنع مثل هذه الدعوى في قوله: {والله يسمع} فإن {يسمع} فعل مضارع تدل على الحاضر،

فالراجح عندي: أن القرآن تكلم الله به عز وجل حين نزوله وأن ما في اللوح المحفوظ إنما هو ذكره وأنه سيكون ويمكن فيه ثناء أيضاً كما قال تعالى: {بل هو قرآن مجيد، في لوح محفوظ} (البروج 21 – 22) يعني أنه ذكر في اللوح المحفوظ بالمجد والعظمة وما أشبه ذلك.

قال محقق الكتاب: (هذا الكلام ذكره الشيخ رحمه الله في شرحه الأول على العقيدة الواسطية (2/ 198) الذي شرحه في سنة 1408 هـ، وقد شَرَحَ (العقيدة السفارينية) في سنة 1408 هـ، ورجع عنه رحمه الله في شرحه الثاني على الأربعين النووية في الشريط الحادي عشر في الوجه الثاني من الشريط عند شرحه للحديث الثالث والعشرون عند قوله صلى الله عليه وسلم: (والقرآن حجةٌ لك أو عليك) فقال: (وكونه في الكتاب المكنون هل معناه أن القرآن كله كتب في اللوح المحفوظ أو أن المكتوب ذكر القرآن وأنه سينزل وسيكون كذا وكذا؟ الأول، لكن يبقى النظر: كيف يُكتب قبل أن تخلق السماوات بخمسين ألف سنة وفيه العبارات الدالة على المضي مثل: قوله {وإذ غدوت من أهلك تبوئ للمؤمنين مقاعد للقتال}، ومثل قوله: {قد سمع الله التي تجادلك} وهو حين كتابته قبل خلق السماوات والأرض بخمسين ألف سنة لم يسمع لأن المجادلة ما خلقت أصلاً حتى تسمع مجادلتها؟ فالجواب أن الله قد علم ذلك وكتبه في اللوح المحفوظ كما أنه قد علم المقادير وكتبها في اللوح المحفوظ وعند تقديرها يتكلم الله عز وجل بقوله: {كن فيكون}، هكذا قرره شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله وهو مما تطمئن إليه النفس، وكنت قبلاً أقول: إن الذي في اللوح المحفوظ ذكر القرآن، لا القرآن، بناءً على أنه يعرج بلفظ المضي قبل الوقوع، وأن هذا كقوله تعالى – عن القرآن –: {وإنه لفي زبر الأولين} والذي في زبر الأولين ليس القرآن، الذي في زبر الأولين ذكر القرآن والتنويه عنه، ولكن بعد أن اطلعت على قول شيخ الإسلام رحمه الله تعالى انشرح صدري إلى أنه مكتوبٌ في اللوح المحفوظ ولا مانع من ذلك، ولكن الله تعالى عند إنزاله إلى محمدٍ صلى الله عليه وعلى آله وسلم يتكلم به ويلقيه إلى جبريل، هذا قول السلف وأهل السنة في القرآن)، وقد شرح الشيخ كتاب (الأربعين النووية) مرةً ثانية في دورته الصيفية الأخيرة في سنة 1421 هـ التي قبل وفاته ببضعة أشهر وشرحه موجودٌ منتشر وعدد أشرطته (19 شريطاً)، والصحيح: ما رجع إليه الشيخ رحمه الله وهو أن القرآن الكريم مكتوبٌ كله في اللوح المحفوظ، وهذا هو قول أهل السنة والجماعة وهو قول شيخ الإسلام ابن تيمية في مجموع الفتاوى (12/ 126 و 127، 15/ 223) فاقتضى ذلك التنبيه والتنويه على ذلك، والله أعلم)

قلت: ونص كلام شيخ الإسلام كالآتي: وهذا لا ينافى ما جاء عن إبن عباس وغيره من السلف فى تفسير قوله {إنا أنزلناه فى ليلة القدر} أنه أنزله إلى بيت العزة في السماء الدنيا ثم أنزله بعد ذلك منجما مفرقا بحسب الحوادث ولا ينافى أنه مكتوب في اللوح المحفوظ قبل نزوله كما قال تعالى: {بل هو قرآن مجيد فى لوح محفوظ} وقال تعالى: {إنه لقرآن كريم في كتاب مكنون لا يمسه إلا المطهرون} وقال تعالى: {كلا إنها تذكرة فمن شاء ذكره في صحف مكرمة مرفوعة مطهرة بأيدي سفرة كرام بررة} وقال تعالى: {وإنه في أم الكتاب لدنيا لعلي حكيم}

فإن كونه مكتوبا فى اللوح المحفوظ وفي صحف مطهرة بأيدي الملائكة لا ينافى أن يكون جبريل نزل به من الله سواء كتبه الله قبل أن يرسل به جبريل أو بعد ذلك وإذا كان قد أنزله مكتوبا إلى بيت العزة جملة واحدة فى ليلة القدر فقد كتبه كله قبل أن ينزله.

والله تعالى يعلم ما كان وما يكون وما لا يكون أن لو كان كيف كان يكون وهو سبحانه قد قدر مقادير الخلائق وكتب أعمال العباد قبل أن يعملوها كما ثبت ذلك في صريح الكتاب والسنة وآثار السلف ثم إنه يأمر الملائكة بكتابتها بعد ما يعملونها فيقابل بين الكتابة المتقدمة على الوجود والكتابة المتأخرة عنه فلا يكون بينهما تفاوت هكذا قال ابن عباس وغيره من السلف وهو حق فإذا كان ما يخلقه بائنا عنه قد كتبه قبل أن يخلقه فكيف يستبعد أن يكتب كلامه الذي يرسل به ملائكته قبل أن يرسلهم به.

مجموع الفتاوى (12

127) (15

223)

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير