[قول الشيخ العثيمين (رحمه الله) في مسألة " العذر بالجهل "]
ـ[بندر البليهي]ــــــــ[08 - 02 - 08, 11:52 م]ـ
قول الشيخ العثيمين في مسألة " العذر بالجهل "
سؤال:
ما قول الشيخ ابن عثيمين رحمه الله في " العذر بالجهل " في الشرك الأكبر؟ فقد سمعت وقرأت له قولين مختلفين، فقد ردَّ على سائل في " نور على الدرب " عندما سأله عن مسلمين يعبدون القبور قائلاً: هذا جهل من السائل تسميته لهم بمسلمين، وقولٌ آخر يقول فيه يبقى لهم حكم الإسلام لجهلهم، وعدم وجود من ينبههم. فهل للشيخ قولان أحدهما قديم والآخر جديد تبين له الحق فيه؟ وأي القولين هو الصحيح الذي تدعمه الأدلة الشرعية؟
الجواب:
الحمد لله
لم نستطع الوقوف على كلام الشيخ العثيمين رحمه الله الذي أشار السائل إلى وجوده في فتاوى " نور على الدرب "، ووقفنا على كلامه في أكثر كتبه المطبوعة، وفتاواه الصوتية، ولم نجد تعارضاً ولا تناقضاً في كلامه، وليس هناك تراجع عن شيء قاله.
ويمكننا تلخيص كلام الشيخ رحمه الله في مسألة العذر بالجهل في النقاط التالية:
1. الأصل عند الشيخ رحمه الله هو العذر بالجهل، بل يرى أنه لا يستطيع أحد أن يأتي بدليل على أن الجاهل ليس بمعذور، ويرى أنه " لولا العذر بالجهل: لم يكن للرسل فائدة، ولكان الناس يُلزمون بمقتضى الفطرة، ولا حاجة لإرسال الرسل! ".
2. لا فرق في العذر بالجهل بين مسائل الاعتقاد ومسائل العمل.
3. لا فرق في العذر بالجهل بين المسائل الظاهرة والمسائل الخفية؛ لأن الظهور والخفاء أمرٌ نسبي يختلف من بيئة لأخرى، ومن شخص لآخر.
4. الكفر المخرج من الملة قد يكون بالاعتقاد أو القول أو الفعل أو الترك، والشيخ لا يخالف في كون ذلك مخرجاً من الملة، ولكن الخلاف في تنزيل وصف الكفر على الشخص المعيَّن، فقد يكون معذوراً فلا يكون كافراً.
5. لا يكون الشخص الفاعل للكفر كافراً إذا كان جاهلاً، ولا يعلم حكم الشرع في فعله، أو سأل أحد العلماء فأفتاه بجواز فعله.
ويكون كافراً إذا أقيمت عليه الحجة، وأزيل عنه الوهم والإشكال.
6. ليس كل من يدَّعي الجهل يُقبل منه، فقد يكون عنده تفريط في التعلم، وتهاون في السؤال، وقد يكون فيه عناد لا يقبل الحق ولا يسعى لطلبه: فكل هؤلاء غير معذورين عند الشيخ رحمه الله، ويسستثنى من حال المقصِّرين: إذا كان لم يطرأ على باله أن هذا الفعل محرم، وليس عنده من ينبهه من العلماء، ففي هذه الحال يكون معذوراً.
7. الجاهل من الكفار الأصليين: تطبَّق عليه أحكام الكفر في الدنيا وأمره إلى الله في الآخرة، والصحيح أنه يُمتحن.
والجاهل من المنتسبين للإسلام ممن وقعوا في الكفر المخرج من الملة: تطبَّق عليهم أحكام الإسلام في الظاهر، وأمرهم إلى الله في الآخرة.
8. ذكر الشيخ رحمه الله نصوصاً من القرآن والسنَّة وكلام أهل العلم على ما رجَّح في هذه المسألة، وبيَّن أن هذا هو مذهب الشيخ محمد بن عبد الوهاب رحمه الله، خلافاً لمن فهم عنه غير ذلك.
وإلى ذكر تفصيل ما لخصناه من كلام الشيخ رحمه الله، وقد نختصر فيما ننقله، ومن أراد الفائدة مكتملة فليرجع إلى ما نحيله عليه.
1. سئل الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله عن العذر بالجهل فيما يتعلق بالعقيدة؟
فأجاب:
الاختلاف في مسألة العذر بالجهل كغيره من الاختلافات الفقهية الاجتهادية، وربما يكون اختلافاً لفظيّاً في بعض الأحيان من أجل تطبيق الحكم على الشخص المعين، أي: إن الجميع يتفقون على أن هذا القول كفر، أو هذا الفعل كفر، أو هذا الترك كفر، ولكن هل يصدق الحكم على هذا الشخص المعين لقيام المقتضي في حقه وانتفاء المانع أو لا ينطبق لفوات بعض المقتضيات، أو وجود بعض الموانع.
وذلك أن الجهل بالمكفر على نوعين:
الأول: أن يكون من شخص يدين بغير الإسلام، أو لا يدين بشيء، ولم يكن يخطر بباله أن ديناً يخالف ما هو عليه: فهذا تجري عليه أحكام الظاهر في الدنيا، وأما في الآخرة: فأمره إلى الله تعالى، والقول الراجح: أنه يمتحن في الآخرة بما يشاء الله عز وجل، والله أعلم بما كانوا عاملين، لكننا نعلم أنه لن يدخل النار إلا بذنب لقوله تعالى: (ولا يظلم ربك أحداً).
¥