تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

[أخطأ الألباني وهو على الحق ... وأصاب أبو زهرة وهو على الباطل]

ـ[عيد فهمي]ــــــــ[21 - 01 - 08, 03:35 م]ـ

وقفت على ردٍّ للشيخ الألباني رحمه الله في مقدمة «مختصر العلو» يردّ به على أبي زهرة فيما نقله عن ابن تيمية، يقول فيه (ص 39):

رويدك يا فضيلة الشيخ فأنت تعلم أن ابن تيمية لا يفسر الاستواء بشيء مما ذكرت وإنما بالعلو وكتبه طافحة بذلك، فلماذا أوهمت القراء خلاف الواقع فهلا جريت على سننك في نقل أقوال ابن تيمية وأنت تشرح عقيدته ورأيه أم ضقت ذرعا بالتزام النقل الصحيح فأخذت تنسب إليه ما ليس بصحيح تارة بالتلويح كما فعلت هنا وتارة بالتصريح كما فعلت في كتابك الآخر (المذاهب الإسلامية) إذ قلت في بحث (السلفية) والإمام ابن تيمية (ص 320):

(وهكذا يثبتون كل ما جاء في القرآن والسنة عن أوصافه سبحانه. . . . ويثبتون الاستقرار على العرش)

فأين رأيت ابن تيمية يقول بالاستقرار على العرش علما بأنه أمر زائد على العلو وهو مما لم يرد به الشرع

قلت: رحمك الله يا شيخ شيوخنا، لقد صدق أبو زهرة في نقله، ولم تصب بإنكارك عليه.

-

فقد قال شيخ الإسلام ابن تيمية (5/ 404):

((وكذلك هو بكل مكان يراك لا يخفى عليه شيء مما في الأماكن هو فيها بالعلم بها والإحاطة فكيف يسوغ لأحد أن يقول: إنه بكل مكان على الحلول مع قوله: {الرحمن على العرش استوى} أي استقر؟ قال الله تعالى: {فإذا استويت أنت ومن معك على الفلك} أي استقررت ومع قوله: {إليه يصعد الكلم الطيب والعمل الصالح يرفعه} وكيف يصعد إليه شيء هو معه أو يرتفع إليه عمل هو عنده؟))

وإن كان قد نقل ذلك عن ابن قتيبة، لكنه قال في (5/ 519):

((وقال عبد الله بن المبارك ومن تابعه من أهل العلم وهم كثير: إن معنى استوى على العرش: استقر وهو قول القتيبي))

وهو ظاهر في أن هذا هو الذي يختاره شيخ الإسلام رحمه الله.

-

وقد بيّن رحمه الله أن الاستواء على الشيء يرد في لسان العرب ويراد به العلو والاعتدال والاستقرار عليه، ومن فسره بمعنى العلو فقد فسره بجزء معناه وليس في ذلك نفي لباقي المعاني.

-

وقد بيّن في موضع آخر ثلاثة فروق مهمة بين العلو والاستواء:

-

الأول: أن علو الله ليس مختصا بالعرش فالله فوق كل شيء أما الاستواء فهو أخص من العلو وهو خاص بالعرش دون غيره من المخلوقات

-

الثاني: أن العلو وصف لازم له سبحانه كالعظمة والكبرياء لا ينفك عنه بحال، بينما الاستواء فعل يفعله سبحانه بمشيئته وقدرته بدلالة قوله: {ثم استوى على العرش}

-

الثالث: أن العلو من الصفات العقلية المعلومة بالعقل مع السمع، بينما الاستواء من الصفات السمعية المعلومة بالخبر.

-

فقال في (5/ 522 - 523):

((فإن قيل: فإذا كان إنما استوى على العرش بعد أن خلق السموات والأرض في ستة أيام فقبل ذلك لم يكن على العرش؟ قيل: الاستواء علو خاص، فكل مستو على شيء عال عليه، وليس كل عال على شيء [مستويا عليه]، ولكن كل ما قيل فيه إنه استوى على غيره فإنه عال عليه. والذي أخبر الله أنه كان بعد خلق السموات والأرض "الاستواء" لا مطلق العلو، مع أنه يجوز أنه كان مستويا عليه قبل خلق السموات والأرض لما كان عرشه على الماء، ثم لما خلق هذا العالم كان عاليا عليه ولم يكن مستويا عليه؛ فلما خلق هذا العالم استوى عليه.

فالأصل أن علوه على المخلوقات وصف لازم له كما أن عظمته وكبرياءه وقدرته كذلك، وأما الاستواء فهو فعل يفعله سبحانه وتعالى بمشيئته وقدرته؛ ولهذا قال فيه: {ثم استوى} ولهذا كان الاستواء من الصفات السمعية المعلومة بالخبر. وأما علوه على المخلوقات فهو عند أئمة أهل الإثبات من الصفات العقلية المعلومة بالعقل مع السمع.))

-

وقال في (17/ 374 - 375):

((وأما "استوى على كذا" فليس في القرآن ولغة العرب المعروفة إلا بمعنى واحد. قال تعالى: {فآزره فاستغلظ فاستوى على سوقه} وقال {واستوت على الجودي} وقال: {لتستووا على ظهوره ثم تذكروا نعمة ربكم إذا استويتم عليه} وقال: {فإذا استويت أنت ومن معك على الفلك} وقد «أتي النبي صلى الله عليه وسلم بدابة ليركبها فلما وضع رجله في الغرز قال: بسم الله فلما استوى على ظهرها قال: الحمد لله» «وقال ابن عمر: أهل رسول الله صلى الله عليه وسلم بالحج لما استوى على بعيره» وهذا المعنى يتضمن شيئين: علوه على ما استوى عليه واعتداله أيضا. فلا يسمون المائل على الشيء مستويا عليه))

-

ورحم الله الشيخ الألباني، حيث أنكر ذلك فقال (ص 15):

((وهذا يسلتزم نسبة الاستقرار عليه الله تعالى وهذا مما لم يرد فلا يجوز اعتقاده ونسبته إلى الله عز وجل))

-

وقدكان يريد الحق ويسعى إلى التنزيه، فخطؤه مغفور له إن شاء الله.

وهو مسبوق في إنكار ذلك، فقد صرح الإمام الذهبي في ترجمة (البغوي) أنه لا يعجبه تفسير (استوى) بـ (استقر)

-

والحق أحق أن يتبع، ولا مزيد على ما وضحه شيخ الإسلام رحمه الله من هذا المعنى.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير