ـ[عيد فهمي]ــــــــ[24 - 01 - 08, 11:46 م]ـ
(وذكرالأصحاب في الفتاوى: أنه لو أوصى لعلماء بلده: لا يدخل المتكلمون وأوصى إنسان أن يوقف من كتبه ما هو من كتب العلم فأفتى السلف أن يباع ما فيها من كتب الكلام ذكر ذلك بمعناه في الفتاوى الظهيرية) ([1] ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newreply.php?do=newreply&noquote=1&p=745148#_ftn1))
ولو أردنا أن نستقصي كلامهم في ذلك لطال الأمر جدا، لكن فيما ذكرنا كفاية تغني عن الإطالة وتفي بالمقصود.
فهذا الكتاب موضوع بحثنا إنما قامت أركانه وشُيّد بنيانه على علم الكلام، وأقوال أهله، فهو أبعد ما يكون عن المنهج السلفي والطريقة السنية.
هذا من جهة الإجمال، وأما من جهة التفصيل فنختار مسألتين من مسائل الكتاب: إحداهما من أوائل الجزء الأول، والأخرى من أواخر الجزء الثاني، ونورد الردّ عليهما بالتفصيل من كلام شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى، فقد ناقش أكثر مسائل الكتاب، وكلامه في ذلك منثور في مجموع الفتاوى، وهو جدير بأن يجمع في مؤلف واحد كما أراده، يكون ردًّا على كتاب: «الأربعين في أصول الدين»، على غرار كتاب «بيان تلبيس الجهمية» وهو ردّ عى كتاب الرازي: «تأسيس التقديس»
وهذا حين الشروع في المقصود:
ـــــــــــــــــــــ
[1] ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newreply.php?do=newreply&noquote=1&p=745148#_ftnref1) - شرح العقيدة الطحاوية (1/ 69).
ـ[عيد فهمي]ــــــــ[24 - 01 - 08, 11:49 م]ـ
المسألة العاشرة
في بيان أنه تعالى يمتنع أن يكون محلا للحوادث
قال الإمام فخر الدين الرازي:
(المشهور أن الكرامية يجوزون ذلك، وسائر الطوائف ينكرونه، ومن الناس من قال: أكثر طوائف العقلاء يقولون بهذا المذهب، وإن كانوا ينكرونه باللسان، أما المعتزلة فمذهب «أبي علي» و «أبي هاشم» وأتباعهما: أنه تعالى مريد بإرادة حادثة، لا في محل، وكاره للمعاصي والقبائح بكراهة محدثة، لا في محل، وهذه الإرادة والكراهات، وإن كانت موجودة لا في محل، إلا أن صفة المريدية والكارهية، تحدث في ذات الله تعالى، هذا قول بحدوث الحوادث في ذات الله تعالى.
وأيضًا: إذا حضر المرئي والمسموع، حدثت في ذات الله تعالى صفة السامعية والمبصرية.
بلى. المعتزلة لا يطلقون لفظ الحدوث، وإنما يطلقون لفظ التجدد، وهذا نزاع في العبارة، وأما «أبو الحسين البصري» فإنه يثبت علومًا متجددة في ذات الله تعالى بحسب تجدد المعلومات.
وأما الأشعرية، فإنهم يثبتون النسخ، ويفسرونه بأنه رفع الحكم الثابت، او انتهاء الحكم، وعلى التقديرين فإنه اعتراف بوقوع التغير، لأن الذي ارتفع وانتهى، فقد عدم بعد وجوده، وأيضًا: يقولون: إنه تعالى عالم بعلم واحد، ثم إنه قبل وقوع المعلوم يكون متعلقًا بأنه سيقع، وبعد وقوعه يزول ذلك التعلق، ويصير متعلقًا بأنه كان واقعًا، وهذا تصريح بتغير هذه التعلقات، ويقولون أيضًا: إن قدرته كانت متعلقة بإيجاد الموجود المعين، من الأزل، فإذا وجد ذلك لاشيء، ودخل ذلك الشي في الوجود انطقع ذلك التعلق، لأن الموجود لا يمكن إيقاعه، فهذا اعتراف بأن ذلك التعلق قد زال، وكذا أيضًا: الإرادة الأزلية كانت متعلقة بترجيح وجود شيء على عدمه في ذلك الوقت المعين، فإذا ترجح ذلك الشيء في ذلك الوقت، امتنع بقاء ذلك التعلق، لأن ترجيح المترجح محال.
وأيضًا: تواقفنا على أن المعدوم لا يكون مرئيًا ولا مسموعًا، فالعالم قبل أن كان موجودًا لم يكن مرئيًا، ولا كانت الأصوات مسموعة، وإذا خلق الألوان والأصوات صارت مرئية ومسموعة، فهذا اعتراف بحدوث هذه التعلقات، ولو أن جاهلاً التزم كون المعدوم مرئيًا ومسموعًا، قيل له: الله تعالى هل كان يرى العالم وقت عدمه معدومًا، أو كان يراه وجودًا؟ لا سبيل إلى القسم الثاني، لأن رؤية المعدوم موجودًا غلط، وهو على الله تعالى محال، ثم إذا أوجده فإنه يراه موجودًا لا معدومًا، وإلا عاد حديث الغلط فعلمنا: أنه تعالى كان يرى العالم وقت عدمه معدومًا، ووقت وجوده موجودًا، وهذا يوجب ما ذكرناه.
وأما الفلاسفة: فهم مع أنهم أبعد الناس في الظاهر عن هذا القول، هم قائلون به وذلك لأن مذهبهم: أن الإضافات موجودة في الأعيان، وعلى هذا، فكل حادث يحدث، فإن الله تعالى يكون موجودًا معه، وكونه تعالى مع ذلك الحادث، وصف إضافي حدث في ذاته.
¥