الصحابي لغة ([27]):- منسوب إلى الصحابة - كالأنصاري منسوب إلى الأنصار -، وهي مصدر صحبَ يَصحُبُ صُّحبَةً بمعنى لازم ملازمةً و رافق مرافقةً وعاشر معاشرة.
وفي الاصطلاح:- قال الإمام البخاري ([28]) رحمه الله تعالى في تعريفه:- بأنه من صحب النبي صلى الله عليه وسلم أو رآه من المسلمين.
وقال الإمام علي بن المديني ([29]) - رحمه الله - في تعريفه:- بأنه من صحب النبي صلى الله عليه وسلم أو رآه ولو ساعة من نهار.
وقال الإمام أحمد رحمه الله في تعريفه للصحابي ([30]): بأنه كل من صحبه سنةً أو شهراً أو يوماً أو ساعةً أو رآه.له من الصحبة على قدر ما صحبه وكانت سابقته معه،وسمع منه، ونظر إليه.
والملاحظ من تعريف هؤلاء الأئمة الأعلام – أئمة الحديث والسنة في وقتهم والقدوة لمن بعدهم – اتفاقهم في تعريفهم للصحابي، وعلى هذا جرى جل أئمة الحديث من بعدهم وبعض الأصوليين ([31]).
بل حكى أبو الحسن الأشعري إجماع السلف على ذلك حيث قال في كتابه (رسالةٌ إلى أهل الثغر بباب الأبواب) ([32]):- (الإجماع السابع والأربعون: وأجمعوا على أن الخيار بعد العشرة في أهل بدر من المهاجرين والأنصار على قدر الهجرة والسابقة، وعلى أن كل من صحب النبي صلى الله عليه وسلم ولو ساعة، أو رآه ولو مرةً مع إيمانه به وبما دعا إليه أفضل من التابعين بذلك).
قال أبو زرعة الرازي ([33]) – رحمه الله -: (قبض رسول الله صلى الله عليه وسلم عن مئة ألف وأربعة عشر ألفاً من الصحابة ممن روى عنه وسمع منه) وفي رواية: (ممن رآه وسمع منه) قاله لما قيل له – رضي الله عنه -: أليس يقال: حديث النبي صلى الله عليه وسلم أربعة آلاف حديث؟ قال: (ومن قال ذا؟ قلقل الله أنيابه، هذا قول الزنادقة، ومن يحصي حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ قبض رسول الله …) فذكره، فقيل له: هؤلاء أين كانوا؟ وأين سمعوا منه؟ فقال: (أهل المدينة، وأهل مكة، ومن بينهما، والأعراب، ومن شهد معه حجة الوداع، كل رآه وسمع منه بعرفة)
وذهب جمهور الأصوليين من معتزلة ومتكلمين وفقهاء إلى اشتراط طول الصحبة، وكثرة اللقاء بالنبي صلى الله عليه وسلم، على سبيل التبع له، والأخذ عنه. ولهذا قالوا: إن الرجل لا يوصف ولو أطال مجالسة العالم بأنه من أصحابه إذا لم يكن على طريق التبع له والأخذ عنه ([34]).
ومما لا شك فيه أن المعول عليه في تعريف الصحابي إنما هم أئمة الحديث والسنة؛ لأنهم هم أهل الشأن والاختصاص ([35])،كما أن المعول عليه في المباحث اللغوية هم علماء اللغة وأربابها. فعلماء الحديث -مثلاً- يقومون بتعريف الصحابي، وعلماء الأصول يبحثون ما يتعلق بحجية قوله من عدمه، كما أن الأصولي يقرر القواعد الأصولية ليأتي الفقيه فيأخذها مسلمةً ويبني عليها فقهه.
وقد بَيّن بدران أبو العينين بدران ([36]) الصلة بين الفقيه والأصولي فقال: (وهذه القواعد الأصولية التي وضعها الأصولي، يعمد إليها الفقيه ويستخدمها – كقواعد مسلم بها – في استنباط الحكم الشرعي العملي الجزئي من الدليل، فهو إذا أراد التوصل إلى الحكم الشرعي الوارد في قوله تعالى: {ولا تقتلوا النفس التي حرم الله إلا بالحق} [الأنعام 151] ينظر في هذا النص فيجده من النواهي؛ فيقصد إلى قاعدة الأصولي في النواهي وهي " النهي يفيد التحريم فيتوصل بهذه القاعدة إلى حكم القتل وأنه التحريم … وهكذا يتضح مدى استعانة الفقيه بالقواعد الأصولية في استدلاله وتوصيله إلى الحكم.
وبهذا تكون:
مهمة الأصولي البحث عن القواعد الكلية، والأدلة الإجمالية من حيث دلالتها على الأحكام، ومهمة الفقيه البحث في الأدلة الجزئية، بواسطة استخدام القواعد الأصولية لأجل التوصل إلى الأحكام الشرعية العملية من الأدلة الجزئية التي تتعلق بمسألة بخصوصها وتدل على حكم معين) انتهى باختصار.
¥