ثانيهما: الدراية؛ و هو معرفة ما تضمنه الحديث من فقه و أحكام و تشريع، و هذا شأن من ضمَّ إلى حفظ الحديث فقهه و فهمه، و هما قسمان:
الأول: من اعتبر رأيه، و حفظ مذهبه، و ضبط، و هم الأئمة الأربعة: أبو حنيفة، مالك، الشافعي، أحمد.
الثاني: من اعتبر رأيه و هم قسمان:
أولهما: من لم يحفظ عنه شيء.
ثانيهما: من حفظ عنه، لكن لم يعتبر، و لم يضبط، و لم يُحرَّر، و ليست له أصوله و قواعده.
فبان من هذا الكلام و اتضح أن المعتبر في الفقه إلى من حفظ مذهبه، و ضبط، و أُصِّلَ له.
و أما الآخران فلا اعتبار بهما إلا في حالة و هي: إذا وافقه قولٌ في المذهب المعتبر فيؤخَذُ به استئناساً لا احتجاجاً.
و أما قولك: (لماذا يكون التنقيح بالدليل لا يستقيم معه التنقيح؟؟.
ان قيل: صعب هذا!! قلت فمن اين صنعت الاصول اصلا!!.
وان قيل: هذا يعيدنا لنفس الخلاف: اقول: لا ضير فكل يصنف باعتبار دليله لأصله، وبعد هذا نعود الى اصل الحجة وهي السنة، فان صحت، صح الباب بصحتها، وان ضعفت ضعف الباب بها) أهـ.
فلي معه وقفات:
الأولى: أن الأخذ بالدليل شأن المجتهد الكامل الآلة في النظر بالأدلة، و أما من هو دونه فيعلم الدليل لا ليستنبط منه بل ليطمئن لسلامة المأخذ.
و هذا مقرَّرٌ عند الفقهاء و الأصوليين.
الثانية: الأدلة نوعان:
الأول: أدلة متفق عليها.
الثاني: أدلة مختلف فيها.
فأي دليل تريد؟
فإن قلت: أريد الكتاب و السنة.
قلت لك: هما من الأدلة و ليسا كل الأدلة.
فحرِّر المراد بالأدلة.
و عليه فإن الأصول قد كتبت و نقِّحَت على وَفْقِ الأدلة _ بنوعيها السابقين _.
فبطل بذلك القول بالأخذ بالأدلة.
الثالثة: من قال بأن كلاً يُصَنِّف باعتبار أصله؟
هذا كلام من لم يفقه منهج الفقهاء في التفقه.
و الكلام في هذا سبق.
الرابعة: قولك: (وبعد هذا نعود الى اصل الحجة وهي السنة، فان صحت، صح الباب بصحتها، وان ضعفت ضعف الباب بها).
أقول: إذا صحَّت السنة لا يعمل بها _ هكذا _ إلا بضابطين:
الأول: عدم شذوذ العمل.
الثاني: أن يكون معمولاً بهذه السنة.
و في حال تخلُّف ذلك لا يجوز العمل بالسنة.
و هذا معروف من حال السلف:
قال النخعي: لو رأيت الصحابة يتوظأون إلى الكوعين لتوضأت و أنا أقرأها إلى المرافق.
و قال مالك: كل حديث جاءك عن النبي صلى الله عليه و سلم لم يبلغك أن أحداً من أصحابه فعله: فدعه.
و أحوالهم في ذلك كثيرة معروفة.
و الله أعلم.
ـ[الصارم المنكي]ــــــــ[25 - 03 - 02, 11:23 م]ـ
بارك الله في الاخوان علي هذه الفوائد العلميه والمعلومات القيمه ,
ونشكرهم علي حسن الاسلوب وبراعة الكلمات .....
ـ[مظفر]ــــــــ[26 - 03 - 02, 01:00 ص]ـ
الإخوة السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
الحقيقة أنه أعجبني هذا الأدب المتبادل بين الإخوة المتحاورين ولكن
الذي يظهر لي أن محل النزاع لم يحرر بين الإخوة تحريرا واضحا ينظبط به النقاش ويمكن الإيراد والجواب ولذلك أطلب من الشيخ العتيبي أن يحرر وجهة نظرة بوضوح تام حتى يجري النقاش على سنن واحد، وأرجو أن يوضح ما يعترض عليه في أصول الفقه وما هي الطريقه الصحيحة التي يمكن أن تبنى بها القواعد و تخرج عليها الفروع!!!!!
ـ[علي سليم]ــــــــ[04 - 04 - 09, 10:51 م]ـ
يرفع حتى يستفاد منه أدب الحوار ....
ـ[علي سليم]ــــــــ[04 - 04 - 09, 11:04 م]ـ
يرفع حتى يستفاد منه أدب الحوار ....
ـ[أبو عبدالعزيز الشثري]ــــــــ[05 - 04 - 09, 01:26 ص]ـ
عجبي لايكاد ينفد من الاستمرار في مثل هذا الموضوع ..
رجل في القرن الخامس عشر يزهد في علم دام قرونا يتعاقب عليه علماء تقريرا وتحشية ..
ويزعم أنه لايختلف في هذا مع غيره ثم يقول إذا حذفنا كذا وكذا فماذا بقي؟ (!!!!)
ومن بعدُ يقول:
ثم هذا سؤال هل يوجد قاعدة اصوليه (لا اقول فقهيه) واحدة مضطردة دائما في كل حال؟؟
انا اقول لا.
وأنا حقيقة لاأدري ماذا أقول ..