تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

سادساً: ومما يدل – أيضاً – على حجية قول الصحابي اتفاق العلماء قاطبة على أن البدعة هي ([180]):- كل ما أحدث بعد الرسول صلى الله عليه وسلم على سبيل التقرب إلى الله، ولم يكن قد فعلها الرسول ولا أمر بها، ولا أقرها، ولا فعلتها الصحابة.

ومن هذا – وأمثاله - يظهر جلياً أن فعل الصحابي لشيء أو قوله به يجعله حجة، إذ لو لم يكن حجة كان بدعةً - ولا قائل بهذا من أهل العلم والهدى -، و إذا لم يكن قوله بدعةً فهو موافق للشرع، وهذا هو المطلوب.

خاتمة البحث:

أحمد الله جل جلاله على جميع نعمه التي لا تُعد و لا تُحصى، كما أحمده وأشكره على أن يسر لي إتمام هذا البحث و الذي أسأله جلّ في علاه أن ينفعني به في الدنيا والأخرى وأن يجعله موضع قبول عند كل من قرأه، إنه ولي ذلك والقادر عليه.

هذا ....

وقد توصلت – ولله الحمد – إلى نتائج طيبة أثناء بحثي في هذه المسألة أجمل أهم نتائجها فيما يأتي:-

1 - نقلت تسعةً وعشرين أثراً مروياُ عن الصحابة والتابعين كلها تدل على أنهم كانوا يرون حجية قول الصحابي، حتى أن بعض أهل العلم حينما رأى ذلك حكى الإجماع فيها.

2 - توصلت إلى أن الأئمة الأربعة من أصولهم الفقهية الاحتجاج بقول الصحابي مطلقاً، وقررت تلك الحقيقة بالرجوع إلى أقوال الأئمة في مؤلفاتهم الأصيلة أو ما نقل عنهم بواسطة تلاميذهم الذين أخذوا عنهم العلم مباشرة، أو الذين أصبحوا أئمة في مذاهبهم.

3 - كما توصلت –أيضاً - إلى أن كثيراً ممن كتب في المسألة لم يحرر أقوال الأئمة الأربعة -رحمهم الله تعالى - تحريراً صحيحاً بل أحياناً ينسب إلى بعضهم أقوالاً غير صحيحة لا تتناسب مع ما اشتهر عنه، وأحياناً تعارض وتخالف ما نص عليه الإمام في آخر ما كتبه كما هو الحال مع الشافعي رحمه الله تعالى.

وبعض المنتسبين للأئمة خرَّج لهم أقوالاً غير ما نقله أئمة المذهب المتقدمين عنهم -مع العلم بأن الإمام لم يُنقل عنه إلا قول واحد - أخذاً من تصرفات الإمام في بعض المسائل المروية عنه كما هو الحال مع أبي حنيفة رحمه الله تعالى.

4 - توصلت إلى أن من كتب في هذه المسألة قد غفل غفلةً عظيمةً عن أن الصحابي إذا قال قولاً ولم يعلم له مخالف أن ذلك القول هو فهم الصحابة –رضي الله عنهم – كما دلّ عليه قوله تعالى:- {إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون} [الحجر 9] إذ لو لم يكن ذلك القول موافقاً للذكر لما تكفل الله بحفظه، وعلى زعم المخالف يكون الأمر بالعكس، حيث حفظ الله الباطل بنقله وترك الحق فلم ينقله إلينا؛ وحينئذٍ فقد وصل إلينا الباطل و لم يصل إلينا الحق بل اندثر باندثار ذلك الجيل المعاصر لذلك الصحابي، وهذا باطل.

وعليه: فإني أظن أن المسألة هذه لما أُخذت بمعزل عن النظر في هذه الآية بهذه الطريقة توصل من توصل إلى القول بعدم حجية قول الصحابي.

5 - كما توصلت إلى أن أكمل البحوث في هذه المسألة – من حيث الأدلة والمناقشة - هو ما قام به الإمام ابن القيم رحمه الله في كتابه القيم أعلام الموقعين عن رب العالمين (4/ 118 - 153).

وأما من حيث تقسيم المسألة و الاستدلال لكل قسم فهو العلائي الشافعي في كتابه إجمال الإصابة في أقوال الصحابة، إلا أن ابن القيم أشمل منه وأكمل.

6 - توصلت إلى أن الصحابي إذا قال قولاً ولم يعلم له مخالف أن ذلك القول هو الحق، إذ لو كان قول ذلك الصحابي خطأً محضاً وباطلاً لنصب الله جل وعلا له من الصحابة من يخالفه لئلا ينقلب الباطل حقاً فيُعمل بالباطل في ذلك العصر وما بعده من العصور حتى جاء المتأخر فبين خطأه وبطلانه، ولكونه مخالفاً لقوله تعالى:- {إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون} [الحجر 9] فلو لم يكن ذلكم القول حقاً لما حُفظ ولما نُقل إلينا إذ لو كان ثمة غيره لنقل - أيضاً- للآية.

فهل يهدي الله الأوائل للعمل بالحق الذي لم يُنقل إلينا، ويُضل الأواخر فتعمل بالباطل الذي نقل إليها؟! أقول: ليس هذا من حكمة الله وعدله ورحمته.

هذا وصلى الله وسلم على نبينا محمد بن عبدالله وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً.

الهوامش والتعليقات

([1]) انظر: المسائل المشتركة (5 - 7).

([2]) انظر: كتاب أصول الفقه الإسلامي لبدران (15) وأصول الفقه للبرديسي (12) وأصول الفقه تاريخه ورجاله (36 - 37)

([3]) انظر: الأعلام (3/ 273).

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير