وقال ابن القيم في (اعلام الموقعين) (1/ 32 - 33): ولم يكن الامام أحمد رحمه الله يقدم علي الحديث الصحيح، عملاً ولا رأياً ولا قياساً ولا قول صاحب، ولا عدم علمه بالمخالف الذي يسميه كثير من الناس إجماعاً، ويقدمونه علي الحديث الصحيح
وقد كذب أحمد من ادعي هذا الاجماع، ولم يسغ تقديمه علي الحديث الثابت
وكذلك الشافعي أيضاً نص في (الرسالة الجديدة) علي أن ما لا يُعلم فيه بخلاف لا يقال له إجماع ... ونصوص رسول الله صلي الله عليه وسلم أجل عند الإمام أحمد وسائر أئمة الحديث من أن يقدموا عليها توهم إجماع، مضمونه عدم العلم بالمخالف
ولو ساغ لتعطلت النصوص، وساغ لكل من لم يعلم مخالفاً في حكم مسألة أن يقدم جهله بالمخالف علي النصوص.
وقال ابن القيم أيضاً (3/ 464 - 465): وقد كان السلف الطيب يشتد نكيرهم وغضبهم علي من عارض حديث رسول الله صلي الله عليه وسلم برأي أو قياس أو استحسان، أو قول أحد من الناس كائناً من كان
ويهجرون فاعل ذلك وينكرون علي من ضرب الأمثال، ولا يسوغون غير الانقياد له صلي الله عليه وسلم والتسليم، والتلقي بالسمع والطاعة
ولا يخطر بقلوبهم التوقف في قبوله حتي يشهد له عمل أو قياس، أو يوافق قول فلان وفلان
بل كانوا عاملين بقوله تعالي {وما كان لمؤمن ولا مؤمنة إذا قضي الله ورسوله أمراً أن يكون لهم الخيرة من أمرهم} وأمثاله (مما تقدم)
فدُفعنا إلي زمان إذا قيل لأحدهم: ثبت عن النبي صلي الله عليه وسلم أنه قال: كذا وكذا، يقول من قال بهذا؟
دفعاً في صدر الحديث، ويجعل جهله بالقائل حجة له في مخالفته وترك العمل به، ولو نصح نفسه لعلم أن هذا الكلام من أعظم الباطل، وأنه لا يحل له دفع سنن رسول الله صلي الله عليه وسلم بمثل هذا الجهل
وأقبح من ذلك عذره في جهله، إذ يعتقد أن الإجماع منعقد علي مخالفة تلك السنة
وهذا سوء ظن بجماعة المسلمين، إذ ينسبهم إلي اتفاقهم علي مخالفة سنة رسول الله صلي الله عليه وسلم، وأقبح من ذلك عذره في دعوي هذا الإجماع، وهو جهله وعدم علمه بمن قال بالحديث، فعاد الأمر إلي تقديم جهله علي السنة والله المستعان.
قلت (الألباني): وإذا كان هذا حال من يخالف السنة وهو يظن أن العلماء اتفقوا علي خلافها، فكيف يكون حال من يخالفها، إذا كان يعلم أن كثيراً من العلماء قد قالوا بها، وأن من خالفها لا حجة له إلا من مثل تلك القواعد المشار إليها، أو التقليد علي ما سيأتي.
هذا والحمد لله رب العالمين
ـ[محمد الأمين]ــــــــ[11 - 10 - 02, 12:41 ص]ـ
كلام الشيخ الألباني فيه نظر.
إذ أن الإجماع على أن نصاً ما هو على الاستحباب إنما هو قرينةً كافيةً للعدول عن الوجوب إلى الاستحباب.
وكل من قال قولاً مخالفاً للإجماع كان هذا القول شاذاً. والإمام أحمد بعيد عن هذا. كيف وهو القائل: لا تتكلم في مسألةٍ ليس لك بها إمام؟! ومن نسب إليه غير هذا فقد غلط عليه.
ثم إنه من المحال على الأمة أن تجمع على الباطل. فمن زعم أن الإجماع قد يعارض الكتاب والسنة كان واهماً. فكيف يجتمع علماء الإسلام من لدن النبوة إلى آخر القرون المفضّلة، كلهم على نفس الخطأ، ولا يبعث الله لهم أحداً يبيّن لهم خطأهم؟ هذا سوء ظنٍّ بعلماء هذه الأمة التي هي خير أمة أخرجت للناس.
ـ[بو الوليد]ــــــــ[11 - 10 - 02, 01:53 ص]ـ
قول الإمام أحمد ليس كما ذكر، بل قال:
من ادعى الإجماع فهو كاذب لعل الناس اختلفوا وما يدريه؟! ولم ينته إليه، فليقل: لا نعلم الناس اختلفوا. انتهى.
فتبين أن انتقاده إنما هو على الجزم بالإجماع، وأن العبارة التي ذكرها أكثر تورعاً.
أو يقال بأنه عنى الإجماع السكوتي، وهو الأظهر وقد ألمح إليه ابن القيم.
ثم من كان عنده اعتراض على نقل أحد الأئمة للإجماع؛؛ فليعترض بإثبات خلافه؛؛
أما دعوى أن الإجماع يكون غلطاً أحياناً!! فشبه الريح.
ـ[عبدالرحمن الفقيه.]ــــــــ[11 - 10 - 02, 01:54 ص]ـ
بالنسبة لكلام الشيخ الألباني رحمه الله حول وجوب السلام فليس له دليل واضح
وأما استدلاله بحديث حق المسلم على المسلم فاستدلال غير صحيح
فلا يجب على كل مسلم أن يعود كل مسلم ولايجب على كل مسلم أن يتبع جنازة كل مسلم
وإنما القصد من الحديث الحقوق الخاصة فإذا كان هناك بعض أهل الإسلام جمع بينهم رابط معين وأصبحت بينهم علاقة قوية فأصبح لهذه العلاقة حقوق خاصة، بخلاف غيرهم حتى دخول البيت كما قال تعالى (أو صديقكم)، وأما إيجاب عيادة المريض على كل المسلمين فبعيد
ومثله الاستدلال بهذا الحديث على وجوب السلام، ولذلك فإجماع ابن عبدالبر في مكانه
والله أعلم
ـ[الأزهري السلفي]ــــــــ[11 - 10 - 02, 02:44 ص]ـ
الحمد لله ..
أحسنت أخي أبا الوليد.
بارك الله في شيخنا عبد الرحمن الفقيه.
وأزيد:
إثبات عدم انعقاد الإجماع يكون بنقل صحيح عن معتبر بالمخالفة قبل زمن انعقاد الإجماع.
¥