تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

((- وقد بين شيخ الإسلام، أنه لايوجد مصلحة قد ألغاها الشرع أو لم يأت بها، فلم يجر على طريقة الأصوليين في تقسيم المصالح، فما يراه الإنسان أنه مصلحة و يأتي النص بمخالفته، فهو في حقيقته ليس بمصلحة حقيقية بل هي مصلحة متوهمة، فيقول: ((وتركنا على البيضاء - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - ليلها كنهارها لا يزيغ عنها بعده إلا هالك، لكن ما اعتقده العقل مصلحة وإن كان الشرع لم يرد به، فأحد الأمرين لازم، إما أن الشرع دل عليه من حيث لم يعلم هذا الناظر، أو أنه ليس بمصلحة وإن اعتقده مصلحة، لأن المصلحة هي المنفعة الحاصلة أو الغالبة، وكثيراً ما يتوهم الناس أن الشيء ينفع في الدين والدنيا ويكون فيه منفعة مرجوحة بالمضرة، كما قال تعالى في الخمر والميسر: ((إنما الخمر و الميسر)) الآية [البقرة:219])) ().))

ثم ذكرت النتيجة الآتية:

((- عند الاطلاع على أقول الباحثين الذين حللوا رأي شيخ الإسلام ابن تيمية – رحمه الله – في المصالح المرسلة، كالشيخ أبو زهرة، والتركي، وصالح آل منصور في آخرين، نجد اختلافا بينهم في تحليل كلامه، فمنهم من يرى أنه من المانعين لها (كالشيخ التركي)، ومنهم من يرى أنه من القائلين بها (كالشيخ آل منصور)، ومنهم من يرى أنه من المترددين و المتشككين (كالشيخ أبو زهرة)، و لعل الصواب في ذلك، أخذه - رحمه الله - بهذا الأصل – المصالح المرسلة -، بشروط أهمها:

1 - عدم معارضة النصوص، من كتاب أو سنة.

2 - لابد من وجود أصل عام في الشريعة تندرج تلك المصلحة فيه، ووصف ملائم يجمع بينها وبين النصوص الشرعية، فتقاس عليه.

3 - الحذر عند التعامل مع هذا الأصل، سدا لذريعة اتخاذ أهل الباطل هذا الدليل سلما لباطلهم.

((و على ذلك لا يكون ثمة خلاف بين ابن تيمية و بين الحنابلة في الأصول المقررة، لأنه يقرر المصالح في مواضعها، و يرى أن كل مصلحة حقيقة لها حتما شاهد من الشارع الإسلامي خاص؛ سواء أكان الشاهد قريبا يجيب عند أول نداء، أم كان الشاهد بعيدا لا يعرف إلا بالاستنباط و التحري الدقيق العميق، الذي تغوص لمعرفته العقول القوية التي على شاكلة عقل ابن تيمية؛ فهو متلاق مع الحنابلة في أصولهم غير متباعد عنهم، و هذا القدر من الاختلاف في النظر يؤكد استقلاله في استخراج الأصول، و أنه لم يكن تابعاً تبعية مطلقة لمن سبقوه)) (ابن تيمية لأبي زهرة).

أما سبب التشكك الذي قد يظهر على شيخ الإسلام رحمه الله عند أخذه لهذا الأصل، فيرجع لأمور ():

1 - ما سبق من اتخاذ الصوفية لدليل المصالح بابا لأعمالهم الفاسدة.

2 - أن كثيراً ممن أخذ بالمصالح، لم يهتم بوجود ما يعارضها من نصوص الشرع أم لا، كما سبق من حال علماء السوء و الأمراء.

3 - و جود الصلة بين المصالح المرسلة و مسألة التحسين و التقبيح العقلي، وهذا طريق فكري لا يستحسنه رحمه الله، فهو سبيل لتشريع ما لم يأذن به الله غالباً.)).

والله الموفق

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير