تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

ولذا لا بد لنا من أحد أمرين الأول منهما عدم تسمية ما خالف فيه الواحد والاثنان إجماعاً أو إلغاء هذا الشرط.

أما أن تبقى هذه الشروط مدونة في كتب أصول الفقه ونبقى نطلقه على ما فيه خلاف يسير فهو من التناقض الذي لا بد من إيجاد مخرج منه.

كما أنه لا بد من تسخير الوسائل العصرية المتاحة وتذليلها لخدمة هذا الأصل وذلك بقيام كل دولة من دول الإسلام بحصر ما عندها من مجتهدين ومعرفتهم بأعيانهم للرجوع لأخذ رأيهم فيما يستجد للأمة من حوادث في حاجة لحكم الشرع.

فإن حصل الإجماع كان ذلك خدمة لهذا الأصل العظيم من أصول الشريعة وإن لم يحصل كان ذلك أيضاًَ خدمة لأصل آخر عظيم من أصول الشريعة ألا وهو الاجتهاد.

ومن أعظم ما يحتاج إلى إعادة نظرٍ من مباحث أصول الفقه ما يتعلق بالاجتهاد وعلى الأخص شروط المجتهد ومن يجوز له الفتيا ومن لا يجوز له.

لقد وضع علماء الأمة شروطاً للمجتهد في العصور المفضلة التي كانت تعج بألوف من جهابذة العلماء ولذا وضعوا شروطاً يمكن تحققها في آلاف العلماء في زمانهم ولكن من العسير تحققها في علماء هذه الأزمان فنتج عن هذا أن الشروط التي دونت في الكتب أصبحت معطلة لأنه يصعب تحققها في الواقع ولذا كان من الواجب التنازل عن بعض هذه الشروط وخاصة وأنها اجتهادية لا نص عليها كما أنه يحسن إضافة غيرها مما يتلاءم مع واقعنا مما استجد في حياتنا من تكنولوجيا حديثة تخدم هذا المصدر العظيم من مصادر التشريع.

في عهد الصحابة والتابعين كان يطاف بالفتوى على الجمع منهم أياماً كل يحيل على غيره تورعاً وخوفاً من أن تزل الأقدام بعد ثبوتها وتعظيماً لشرع الله واستشعاراً لعظم المسؤولية مع كثرة من تتوفر شروط الاجتهاد فيهم وكان سادة العلماء يُضربون ويسجنون على قبول القضاء فلا يستجيبون – وهم أهل لذلك – لأن الأمر غير متعين فيهم حيث يوجد من يكفيهم المؤنة ويسقط به الفرض الكفائي. ثم تغير الحال وأصبح في المجتهدين قلة فتصدى للاجتهاد من لا يعرف من أمر الشرع إلا رسمه وليس له من الاجتهاد إلا اسمه، فلا يكاد تطرح قضية تحتاج إلى حكم الشرع فيها إلا وكثرت الدلاء ممن خلت قلوبهم من الإيمان وعقولهم من العلم فلم يعفروا جباههم تذللاً لله ولا عمروا قلوبهم بكلام الله الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه فارتقوا منزلة ليست لهم.

ومنذ عصور غابرة ظهر اهتمام بعض علماء الشريعة بفن من فنونها دون فن مع حصوله على قاعدة مشتركة بينها، فقامت صيحات تدعو إلى أن الاجتهاد محصور فيمن ينتسب للفقه من علماء الأمة وقامت أخرى تدعو إلى أن الاجتهاد محصور فيمن ينتسب لأصول الفقه، وادعى علماء الكلام أنهم فرسان الاجتهاد وأهله لمالهم من طول باع في المناظرات والجدل والحجاج.

ونحن في هذه الأيام تغير حالنا وأسلوب تعليمنا فانتشر التخصص بأحد علوم الشريعة بعد الشمول والعموم، وانطلق طلاب العلم من التقليد الذي ضرب على الأمة عصوراً طويلة، وأصبحت القدرة عند طالب العلم على سبر الأمور ومعرفة غورها وموازنة الآراء ومقابلتها، أرى أنه بناء على ذلك لا بد من إعادة النظر في وضع ضوابط الاجتهاد وشروطه بما يتناسب والواقع الجديد الذي أصبحت شروط الاجتهاد التي وضعت قديماً يتعذر توفرها في شخص واحد، بل يمكن توفر بعضها في شخص وبعضها الآخر في شخص آخر وقد بدأت تلوح في الأفق الآن ظاهرة أخرى جديرة بالدراسة وهي تخصص بعض أهل العلم في باب من أبواب الفقه يحيط بكل ما فيه من نصوص شرعية وفتاوى سابقة ويبحث عن كل ما استجد فيه من أنواع وصور لم تكن في عصور الأمة السابقة فيحصر همه وجهده فيما يتعلق به لأن الهمم قد كلَّت عن الإحاطة بجميع علوم الشريعة وأبوابها وفصولها من الشخص الواحد، ولذا قد يكون هذا حلاً له وجاهته إن لم تظهر له سلبيات.

ومن الأمور المطروحة في ميدان الاجتهاد (الاجتهاد الجماعي) خاصة ونحن في عصر سَهُلَ فيه الالتقاء بما أنعم الله به على البشرية من وسائل اتصال وانتقال ينبغي تسخيرها لشرع الله.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير