ترجيح.
ثم ذكرت ملامح المنهج الممنوع المرفوض الذي سار عليه دعاة التجديد والتغريب، ومنها:
(أ) العمومية والإجمال ورفع الشعارات البرّاقة، كالتحرير والتنوير ومسايرة التقدم والتطوير.
(ب) التهويل والتضخيم لأمور شكلية لا جدال في أهمية السعي، لدرء وقوعها، كعلم الكلام، والافتراضات الجدلية.
(ج) فتح باب الاجتهاد لمن لا يملك أدواته المقررة، ولعل هذا لأنّهم غير متخصصين في علوم الشريعة، ولا صلة لهم بعلم الأصول، أو لتحقيق مآربهم المشبوهة في الطعن في الشريعة، وصلاحيتها لكل زمان ومكان.
(د) سلوك سبيل المغالطة والتشويش، وحسبك تهجمهم على سلف الأمة الصالح بأنهم كانوا منغلقين في مجالسهم العلمية، بعيدين عن تطور الحياة المادية من حولهم.
ولا يخفى خطورة هذه المغالطات، وخصوصًا حينما يتلقاها من لم يتشرب فقه الشريعة ومقاصدها.
(ه) دعوتهم لفتح باب الاجتهاد في الأصول والفروع على حد سواء، ولكل أحد، ومسلكهم في هذا الخلط بين الدعوة إلى الاجتهاد؛ لمن يملكون أدواته، وبين تغيير القواعد الأصولية وتفريغها من محتواها، إذ أنها تشكل حجر عثرة في طريق دعوتهم العرجاء.
(و) سعيهم الدؤوب في تجميد النصوص وتعطيل الأحكام، متخذين في ذلك طرائق قدداً، فأحيانًا يشترطون التواتر زعموا في النصوص، وتارة يقبلون السنة العلمية القولية، وتارة يأخذون بخصوص السبب ويردون عموم النص، وتارة باعتماد الفهم المقاصدي للإسلام، ليس بغرض فهم مراد الشارع؛ وإنما بغرض تعطيل الأحكام، وتجميد النصوص، وثالثة الأثافي قولهم بتاريخية الأحكام، فهي تتبدل عندهم من عصر إلى عصر، وهي نسبية، وليست مطلقة دائمة، كما زعموا.
(ز) تفخيمهم لدور المصالح والعلل والحكم التي انطوت عليها الشريعة، واتخاذهم لها شعارًا أخّاذًا، ومطيةً ذلولاً؛ ليصلوا بدعواهم هذه إلى نتيجة مفادها أن هذه الأحكام تتبدل تبعًا لتبدل المصالح، مدعين أن هذا التبديل والنسخ حق أعطته الشريعة للمجتهدين، ولا يخفى على كل عاقل حصيف ما في هذا الهراء من رمي للشريعة الغرّاء بالقصور، والعجز عن رعاية مصالح الناس.
وبعد سرد هذه المزاعم والدعاوى، لا أشك أنك - أيها القارئ اللبيب - تدرك أن منهج أهل التجديد العصراني المرفوض، لا يعدو كونه مُروقًا من الدين، وتحللاً من أحكامه باسم التجديد والاجتهاد والإصلاح، وما هو في حقيقته إلاّ دعوة تغريبية مغلّفة باسم الإسلام، وتمهيد لهيمنة القوى التي تدعو إلى وحدة الأديان، إذ ما من دين ولا حضارة في الأرض، إلا وهي تدعو إلى القيم العامّة، والمثل العليا، والمقاصد الكبيرة، وتتبنى الأخلاق والفضائل، وذلك في ضوء المفاهيم والقيم التي يؤمنون بها.
5 - أوردت الضوابط المهمة للتجديد، وأنها باختصار تتمثل في موافقته للكتاب والسنة، ومحافظته على ثوابت الأمة وعقيدتها وأصولها، دون مساس بها وخروج عنها، كما خلصت إلى آثار التجديد إيجابًا وسلباً، وأنه في حال أخذ الأمة بالتجديد الشرعي، فستحقق النفع والخير في الدارين، وإن هي سلكت مسالك التجديد المنحرف، فستجني الفساد والشر في الحياتين، والله المستعان.
تلك أهم النتائج التي خرجت منها في عرض هذه القضية المهمة وبحثها، وإن كان هناك من توصيات ومقترحات، فإني أرى - لخطورة القضية وجَلَد دعاتها على المنهج المخالف للشريعة - أن تتولى الهيئات العلمية والمجامع الفقهية، ومراكز الأبحاث، وأقسام الأصول في الجامعات الإسلامية، العناية بها والاهتمام عن طريق المؤلفات والمؤتمرات والأبحاث ونحو ذلك، مع استثمار وسائل الإعلام في بيان هذه القضية وعلاجها كما يجب على العلماء وأهل الفكر والرأي، العناية بهذه القضية، وبيان ضوابطها وشروطها، حتى لا تختلط المفاهيم، وتلتبس الحقائق، سائلاً الله للجميع التوفيق والسداد، وأن ينصر دينه ويعلي كلمته، ويهدي ضال المسلمين إلى الحق، ويجمع كلمتهم على الهدى، ويحق الحق ويبطل الباطل، والله من وراء القصد، وهو الهادي إلى سواء السبيل، وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين.
ـ[مالك الكويتي]ــــــــ[22 - 08 - 10, 12:22 ص]ـ
جزاكم الله خيرااا
ـ[معاذ الجلال]ــــــــ[18 - 09 - 10, 01:28 م]ـ
بارك الله فيكم