5 - الحاجة الماسّة التي تعيشها المكتبة الإسلامية إلى الأبحاث المستقلة التي تبرز حكم الشرع وضوابطه في النوازل والقضايا المعاصرة.
6 - أهمية وضع خطة ورسم طريق لتجديد هذا العلم؛ ليكون بمثابة انطلاقة نحو التنفيذ العملي لهذا التجديد المنشود على أرض الواقع.
7 - ضرورة استبيان سبيل المجرمين، وفضح المناهج المنحرفة عن سبيل المؤمنين في التجديد؛ ليهلك من هلك عن بينة، ويحيا من حيي عن بينة.
8 - ما قذفت به المدنية الحديثة من وسائل التقانات والفضائيات، وشبكات المعلومات، وخوضها في قضايا أصول، ومناقشة ثوابت من قبل مجهولين تارة، ومتهمين تارة أخرى، مما يعد من قبيل الإعلام الموجه الذي يستوجب الإسهام في تكوين إعلام مضاد يرد على الباطل ويدمغه.
تلك أهم الأسباب والعوامل التي دعتني إلى اختيار هذا البحث، سائلاً الله التوفيق والتسديد بمنّه وكرمه.
خاتمة:
الحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات، والصلاة والسلام على نبينا محمد خير البريات، وعلى آله وصحبه أولي الفضل والمكرمات، أما بعد:
فبعد حطّ الرحال من هذه الرحلة الممتعة مع التجديد في علم أصول الفقه، يحسن أن أورد بعض النتائج في هذا الموضوع المهم:
فقد تضمن البحث في هذه القضية عدداً من النتائج المهمّة أجملها فيما يلي:
1 - أهميّة علم أصول الفقه لكونه الباب الرئيس الذي يدخل منه المجتهدون لدراسة الأدلة، وتنزيلها على الوقائع الحادثة، ويقارنون به بين أقوال العلماء، ويعملون بالراجح، وينافحون به أهل الأهواء ويردون عليهم أباطيلهم وزيفهم، مؤيدين بالدليل الشرعي والعقلي، بما يحفظ على هذه الشريعة الغراء دوامها وصلاحيتها لكل زمان ومكان.
2 - تبين للقارئ الكريم المراد بالتجديد وحقيقته، والتفريق بينه وبين البدعة من حيث المعنى اللغوي والمعنى الشرعي وكذا مناهجه ... فالتجديد المرتكز على الأدلة الشرعية الصحيحة على فهم السلف الصالح لها، والذي يبحث عن الحلول السليمة لكل مستجدات العصر، وينأى بالأمة عن الوقوع في الانحرافات العقدية والسلوكية؛ فإن هذا التجديد هو المطلوب شرعًا، وليس التجديد الذي ينادي به من غشيت أبصارهم؛ لمرض في قلوبهم، أو عدم فهم حقيقي لدينهم الحق، فصاروا يخبطون خبط عشواء، ويهدمون ما شُيِّد باسم التطوير العقلاني - وإن خالف فهم السلف الصالح بحجة أن لكل عصر رجاله فصاروا معاول هدم أصول الشريعة الغراء، باطّراحهم بعض أصولها خاصة الأصل الثاني منها وهو السنّة، بحجة أنها غير محفوظة زعموا فأدّاهم ذلك إلى فهم وتأويل القرآن على غير ما أراد الله سبحانه وتعالى.
3 - أوضحت لك -أيها القارئ الكريم- أن التجديد المطلوب يتناول مجالات كثيرة في الأحكام والأدلة والدلالات والاجتهاد والترجيح، فما كان تجديدًا في عرضها وأسلوبها وصياغتها دون مساس بجوهرها، فهو مقبول، وإلا فلا.
4 - أوضحت أهم ملامح المنهج المشروع بل المنشود الذي يحسن اتباعه في التجديد في هذا الفن، ومن أهم هذه الملامح: توجيه هذا العلم الوجهة العملية؛ ليكون طريقًا للاجتهاد الصحيح على طريقة السلف السهلة الميسّرة، بعيدًا عن التعقيدات الشكلية التي سدّت باب مسالك الاستنباط الصحيح، وذلك يكون باتباع خطوات منهجية مبنية على مبادئ علمية، من أهمها: موافقة الوحيين في كل أصل وقاعدة، مع البرهان والاستدلال الصحيح لكل قاعدة، مع العناية بأن يكون للقاعدة الأصولية ثمرة علمية، في إطار من الحريّة الدائرة مع الدليل دون تعصب أو تقليد لمذهب، والابتعاد عن الموضوعات التي لا جدوى من دراستها في طيات هذا العلم، والإغراق في القضايا الكلامية، والمباحث الجدلية.
ومن ثم إيراد الأبواب والمسائل التي قام الدليل على نفعها، وجدواها مثل: أبواب مقاصد الشريعة، وقواعد التفاضل والأفضلية، ثم تخريج الفروع على أصولها، والإكثار من ضرب أمثلة واقعية في حياتنا المعاصرة، مما له أكبر الأثر على الدارسين في تدريبهم على استخراج الفروع الفقهية من القواعد الأصولية، وفيه سد الباب أمام المتحللين من الشريعة، الزاعمين بأن هذا العلم لا يحقق مقتضيات العصر، وكل ذلك ينبغي أن يكون في أسلوب جديد، سهل العبارة بعيدٍ عن التكلّف والاعتساف، مع حسن العرض وروعة البيان وقوة السبك، على طريقة أسلافنا الأولين عليهم رحمة الله مع البعد عن التقليد والجمود، دون تحرير أو
¥