تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

وكلام الإمام الشافعي رحمه الله في ذلك معروفٌ، ويمكنك مطالعته في كتاب الرسالة للإمام الشافعي في كلامه على شروط الحديث الصحيح ورواية الحديث بمعناه.

ـ وقُلْ مثل هذا في الطلبة والأتباع وغيرهما مما يلحق بأهل الحديث.

ـ وأما المصنِّفِيْن منهم: فقد اشترط لهم النُّقاد سلامة الكتب من التحريف والتبديل، وتكلَّم النقاد عن حفظ الكتب، ومناهج الحفظ، وشروطه، وما يلحق بذلك من المباحث.

وهؤلاء المصنفين على أصناف:

فمنهم الناقد البصير كالبخاري ومسلم رحمهما الله.

ومنهم الناقل الراوي للحديث، كعبد الرزاق وابن أبي شيبة ونحوهما، مع عِلْمٍ ودراية لكنها أقل بلا شك من علم ودراية النقاد أمثال البخاري رحمه الله.

ومَنْ نظر في مصنف عبد الرزاق وجد عِلْمًا جمًّا في الفقه والرواية، لا في النقد والكلام على الأحاديث، ويشهد لهذا تراجم أبواب المصنف، ثم اختيارات عبد الرزاق الصنعاني الفقهية، وغالبًا ما يقول فيها عبد الرزاق: ((وبهذا نأخذ))، وقد تكرر هذا في مواضع من المصنف.

فمثل هذا السلوك لا يُوصف صاحبه بقلة الفقه أو الدراية، أو ....

وهؤلاء كلهم من أهل الحديث، وهم أهل فقهٍ كما ترى.

ـ ثم خَلَف من بعد هؤلاء خَلْفٌ أضاعوا الأصول، واقتصروا على تناقل المنقول، فدُرسَتْ معالم المنهج النَّقْدِي، وملامح النُّقَّاد، وجاء مَن لا يعي فقهًا ولا حديثًا.

ـ فالمحدث قنع باليسير من الروايات، وصار همُّه الجمع والإغراب، أو الحصول على الإسناد، مهما كان شأن المسند له، وغابت شروط الرواية، وعُدِمَتْ أركان الدراية، إلا في منارات معروفة، منحها الله شرف صيانة المنهج، واتصال السلوك، كابن رجبٍ الحنبلي المحدث الفقيه، وغيره ممن جمع بين الحديث والفقه.

ـ وكذا الحال بالنسْبَة للفقه: فقد صار الأمر نقلاً من اللاحق عن السابق، دون بحثٍ أو تحرير، فإن وُجِد بحثٌ ففي صحة النقل عن أئمة المذهب، وإن كان تحرير ففي إثبات المذهب الصحيح لإمام المذهب.

وأصبح الحديث مهجورًا، والاستنباط من الكتاب والسنة مباشرة شبه المعدوم إلا في أماكن معلومة، وفساطيط مرحومة، رحمها الله من خلل التيه بين الأقوال، ومَنَّ عليها بثبات المنهج رغم تبدُّل الأحوال، ولعل من أبرز هؤلاء في عصرنا: الشيخ الإمام ابن باز رحمة الله عليه، والذي جَمع الفقه، حتى صار إمامًا مبرزًا، مع إلمامٍ بالحديث أيضًا.

ـ ولذا فمن الظلم الآن التجنِّي على أهل الحديث بعد هذه القسمة المذكورة.

والأحكام العامة في مثل هذا تخفي وراءها شيئًا من الصحة والدقة لا ينبغي إهداره.

ولعله قد ظهر لك الآن: أن رؤساء الفقه هم أهل الحديث على التقسيم الذي سبق هنا.

ولذا أقول أنا يحيى القطان لكم أيها الأخوة الكرام: لسنا ملزمين من تابعٍ لنا لا يعي ولا يفقه، وإنما نتركه يتبعنا لعله يتفقه.

وإنما ننظر في الحديث من جهتين: إسنادية ومتنية.

فمن نظر فيه كنظرنا فهو المقرب عندنا، وإلا فلا إلزام علينا بتقصير بعض أتباعنا.

وبهذا الذي ذُكِرَ كفاية.

وأشكركم جميعًا.

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

ـ[محمد الأمين]ــــــــ[29 - 05 - 04, 12:02 ص]ـ

الرسالة الأصلية كتبت بواسطة الأزهري الأصلي

وجاء في "تقدمة الجرح والتعديل" لابن أبي حاتم (ص 293)، في ترجمة (أحمد بن حنبل)، وفي "مناقب الإمام أحمد" لابن الجوزي (ص 63)، وفي "تاريخ الإسلام" للذهبي - مخطوط - من طريق ابن أبي حاتم، في ترجمة (أحمد بن حنبل) أيضاً، ما يلي:

"قال إسحاق بن راهويه: كنتُ أجالس بالعراق أحمد بن حنبل، ويحيى بن معين، وأصحابَنا، فكنا نتذاكرُ الحديث من طريق وطريقين وثلاثة، فيقول يحيى بن معين من بينهم: وطريق كذا، فأقول: أليس قد صح هذا بأجماع منا؟ فيقولون: نعم، فأقول: ما مرادُهُ؟ ما تفسيرُهُ؟ ما فقهه؟ فيَبقون - أي يسكتون مُفحَمين - كلُّهم! إلا أحمد بن حنبل". انتهى.

بل إن سيد الحفاظ الإمام (يحيى بن سعيد القطان) البصري، إمام المحدثين وشيخ الجرح والتعديل: كان لا يجتهد في استنباط الأحكام، بل يأخذ بقول الإمام أبي حنيفة

القصة التي ذكرتها لا تصح، وابن معين كان فقيهاً.

أيضاً فكون القطان يأخذ برأي أبي حنيفة فهذا لا يعني أنه مقلد غير مجتهد. ثم صاحبي أبي حنيفة كانوا يأخذون بأكثر آراءه وأقواله وهم من المجتهدين بلا شك. وكذلك وكيع، وله انقادات على أبي حنيفة كذلك كما في مقدمة تحفة الأحوذي.

ـ[محمد الأمين]ــــــــ[29 - 05 - 04, 12:08 ص]ـ

الرسالة الأصلية كتبت بواسطة يحيى القطان

ـ فالنُّقَاد من المحدثين: هم من أَعْلَى الناس فِقْهًا وفَهْمًا، ولهم مذهب معروف بمذهب أهل الحديث، ومنهم مالك والشافعي والليث والثوري وابن معين وأحمد والبخاري ومسلم وغيرهم من أئمة الدين الكبار.

بل أشهر الناس، وأوسعهم عِلْمًا وأَتْبَاعًا: مالك والشافعي وأحمد، وثلاثتهم من نُقَّاد المحدثين العظام، وكبار الفقهاء في آنٍ واحد.

أخي الفاضل

كلامك فيه مؤاخذات. فالثوري وابن معين مذهبهم شبيه جداً بمذهب أبي حنيفة، وإن كانا من حفاظ الحديث. ومذهب أهل الكوفة متشابه. ولذلك الترمذي عندما يذكر أهل الرأي يذكر من بينهم الثوري وأبي حنيفة.

وكذلك مالك من أهل الرأي كذلك. وله الكثير من الآراء التي اختص فيها. ولعلك تعلم أن أحد أكبر مشايخه هو ربيعة الرأي.

ثم قولك الأخير لا توافق عليه أبداً. لأن هناك من هو أفقه ممن ذكرت. فالليث مثلاً هو أفقه من مالك. وهناك من يفضل البخاري في الفقه على أحمد وإسحاق. فمجرد شهرة الفقيه لا تعني أنه الأفقه والأعلم. أما إن كان قصدك أعلم بالحديث فهو بعيد جداً لأن ابن معين والبخاري أعلم بلا شك من مالك والشافعي في نقد الحديث. إلا إن قصدت الشهرة فحسب، فهي كذلك. والله أعلم.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير