وتكون وصفاً عارضاً كالشدة في الخمر.
وتكون وصفاً لازماً كالأنوثة في ولاية النكاح.
وقد تكون فعلا للمكلف كالقتل والسرقة.
وتكون وصفاً مجرداً كالكيل عند من يعلل به تحريم الربا في البر.
وقد تكون مركبة من أوصاف كالقتل العمد العدوان، وكالاقتيات والادخار وغلبة العيش عند من يعلل بذلك تحريم الربا في البر.
وقد تكون نفياً نحو لم ينفذ تصرفه لعدم رشده، وتكون وصفاً مناسباً وغير مناسب، فالمناسب كالاسكار لتحريم الخمر.
والظاهر أن المراد بغير المناسب يشمل أمرين:
الأول: هو ما لم يتحقق فيه المناسبة ولا عدمها كما تقدم في الدوران وقياس الشبه من أن الوصف المدار في الدوران والوصف الجامع في قياس الشبه لا يشترط في واحد منهما تحقق المناسبة فيه بل يكفي في الدوران احتمال المناسبة ويكفي في الشبه أن يشبه المناسب من جهة ولو كان يشبه الطردي من جهة أخرى. وكذلك الوصف المومى إليه في مسلك الايماء والتنبيه فالأكثرون من الأصوليين لا يشترطون فيه المناسبة.
والثاني: هو ما تخلفت فيه الحكمة عن العلة في بعض الصور مع كون وجودها هو الغالب ومثاله المسافر سفر ترفه كالنائم على محمل فان أكثر أهل العلم على أن له أن يترخص بسفره ذلك فيقصر الصلاة ويفطر في رمضان لأن العلة التي هي السفر موجودة، ووصف السفر في هذا المثال ليس مناسباً لتشريع الحكم لتخلف الحكمة لأن حكمة التخفيف بالقصر والافطار هي تخفيف المشقة على المسافر، وهذا المسافر المذكور لا مشقة عليه أصلا، ووجه بقاء الحكم هنا مع انتفاء حكمته هي أن السفر مظنة المشقة غالباً، والمعلل بالمظان لا يتخلف بتخلف حكمته اعتباراً بالغالب والغاء للنادر.
ومما يوضح ذلك أن الوصف الطردي المحض لا يعلل به قولا واحداً.
وربما كانت العلة وصفاً غير موجود في محل الحكم الا أنه يترقب وجوده كتحريم نكاح الأمة لعلة خوف رق الولد) انتهى.
ـ[عبيدالرحمن]ــــــــ[16 - 02 - 08, 07:46 م]ـ
* أما فيما يتعلق بالعلاقة بين الحكمة ومقاصد الشرع، فهذه و أختها مسألة العلاقة بين العلة (القياسية) و مقاصد الشرع.
من أدق مباحث علم المقاصد وأجلها، لخفائه وعظيم ثمرته.
.......................................
والحكمة اذا جامعت العلة بانضباطها صارت مقصدا اصليا للشارع لكنة جزئي في عين الحكم فاذا تواردت حكم مشابهه في أحكام مختلفة دل هذا على ان هذه الحكمة كلية.
فمثلا وجدنا الشارع قد شرع القصر في السفر، وشرع الفطر فيه، ورخص في المسح ثلاثة أيام.
فهذه الحكم الجزئية مختلفة الهيئات، فهي مابين إسقاط و ابدال و توسعة في الزمن، لكنها مآلها الى التخفيف، فدل على ان من مقصود الشارع التخفيف في السفر مطلقا.
وهذا المقصد - التخفيف في السفر - (جزئي من جهة لوقوعه داخل مقصد كلي هو رفع الحرج) وكلي من جهة كون التخفيف في السفر مقصد عام تدخل تحته جزئيات وفيه الحكم الخاصة.
.................................................. .....
هذه هي العلاقة الظاهرة بين الحكمة والمقاصد. وهي من أهم وسائل استنباط مقاصد الشرعية و من أدق مسالكه. وهي أيضا كما ترى من الصق العلائق وأشدها وثوقا.
مر علي في هذا الملتقى المبارك نقل عن شيخ الأسلام او ابن القيم رحمه الله، في كلام قريب من هذه المسألة او لها نوع تعلق بها، وكددت نفسي بحثا عنه ولم اظفر به لحاجتي الشديدة له خلال الثلاثة أيام القادمة، فمن احسن الى أخيه بإيقافي عليه، فله مني أجزل الدعاء و أعظمه.