ـ[محمد الأمين]ــــــــ[06 - 01 - 05, 12:31 م]ـ
مثال على أن قول الجمهور حجة:
قال جمهور الصحابة بأن زينة المرأة الظاهرة التي يجوز لها كشفها هي الوجه والكفين. وخالف ذلك ابن مسعود في رواية، فجعل الزينة الظاهرة هي الثياب! وهذا لا يقبل منه، لأنه خالف الجمهور.
ـ[العزيز بالله]ــــــــ[06 - 01 - 05, 09:28 م]ـ
شيخنا الفاضل: لا أريد أن أدخل في حوار أو نقاش حول ما ذكرته لأني أراك حفظك الله لا تحتمل مني هذا، لكني أبين ما عندي على مقالك هذا نصحاً لك ولمن لعله يقتنع بما ذكرته والله يتولى السرائر.
في الحقيقة عندي جوابان على ما ذكرته وفقنا الله وإيّاك وسلك بنا وبك سبيل المؤمنين:
أوّلهما: على أصلك الذي قررته هنا: رأيك هذا هل هو محل إجماع أم فيه خلاف؟
إن كان محل إجماع فأثبت ذلك.
وإن كان محل خلاف فهل هو قول الجمهور أم قول القلّة؟
إن كان قول القلة فقد أسقط نفسه بنفسه.
وإن كان قول الجمهور فأثبت هذا.
.............
الجواب الثاني: وهو على الأصل الذي أدين الله به وهو ما أعلمه من منهج السلف الصالح ومن تبعهم بإحسان، فأقول وبالله التوفيق:
عندما تقول الجمهور: هل تعني الأغلبية وليس الكثرة، يعني اثنان مقابل واحد، أربعة مقابل ثلاثة، عشرون مقابل خمسة عشر، مئة مقابل خمسة وتسعون.
أم تعني كثرة كاثرة أمام عدد قليل جداً، لم تبين هذا.
وعلى كل الاحتمالات فكلامك خطأ من حيث التوصيف والتأصيل ومن حيث الحكم والنتيجة.
فحين نقول حجية الكثرة أو الجمهور فنحن نتكلم عنها مجردة باعتبار تساوي الجهتين في كل العوامل الأخرى، ولا حاجة بنا لكل هذه القيود الأخرى كالإمامة والرسوخ ووجود النص.
يعني إذا قلنا إن من توضّأ صحت صلاته ومن لم يتوضأ فصلاته باطلة فنحن نتكلم عن صحة الصلاة من هذه الزاوية أي اشتراط الطهارة من الحدث، ولا يرد علينا أنه قد يصلي بوضوء لغير القبلة، أو أنه قد يصلي بغير وضوء لعدم القدرة.
فكذلك حين نقول إن قول الجمهور حجة أي من حيث هو قول الجمهور فقط، بمعنى افتراض أن المختلفين متساوون في كل العوامل الأخرى.
وعليه نقول ن قول الجمهور ليس حجة ألبتة، وهذا كتاب الله بين أيدينا قد نص في موضع النزاع على الرد إلى الكتاب والسنة، فقال: {فإن تنازعتم في شيء فردوه إلى الله والرسول} وهذا عام في كل نزاع، والعلماء الذين تكلموا عن الإجماع وحجيته إنما كان مصدر قوة الإجماع أنهم يحيلون أن يجمع العلماء في ما لا نص فيه.
وقال تعالى: {فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم} وهذا عموم في كل ما شجر بغض النظر عن الجمهرة والكثرة والقلة.
وقد اختلف الصحابة في قتال أهل الردة فكانوا فريقان:
الفريق الأول: أبو بكر رضي الله عنه وحده، وليس معه نص وإنما معه قياس، حتى لما احتج عليه عمر بالنص قابله أبو بكر بالقياس فقال: (إن الزكاة حق المال والصلاة حق البدن لأقاتلن من فرق بين الصلاة والزكاة) أو نحو هذا وقيل إنه احتج بقوله في الحديث (بحقها).
الفريق الثاني: فيه عمر المؤيد بالتنزيل في قضايا عدة وباقي الصحابة (وكلهم أئمة ومنهم بقية الخلفاء) ومعهم نص (أمرت أن اقاتل الناس حتى يقولوا لا إله إلا الله فإذا قالوها عصموا مني دماءهم وأموالهم)
ومع هذا فالصواب كان حليف أبي بكر وإلى قوله رجع الصحابة كلهم، وليس العبرة هنا كونها نازلة أو غير نازلة كما تشير في نهاية مقالك بل العبرة هنا أن الصحابة وقد تحاوروا حول هذه القضية لم يحتج أحدهم على أبي بكر بالجمهرة ولم يتردد أبو بكر لحظة لكون مخالفيه الجمهور.
أما ما جاء من أدلتك فما يصح منها إنما يصح في مجال الترجيح، فنعم قول الجمهور من المرجحات التي يستعين بها من لم يتوصل في مسألة خلافية إلى قول يصير هو إليه، ويظل شيئاً خاصاً به لا يلزم غيره أن يتابعه فيه، أما كونه يصبح حجة فلا.
وهذا بيان ما في كلامك (على استعجال أيضاً)
قلت: القاعدة: أن الكثرة غالبة، والقلة مغلوبة.
أقول: هذه القاعدة إنما تُقبل حين يكون عامل الغالبة يزداد بزيادة العدد، كما في القتال مثلاً لأن القوة الحسية تزيد بزيادة العدد، أما في مجال العلم والنظر فإن الكثرة والقلة لا يتعلق بهما صواب أو خطأ إلا في حيز الترجيح أي الأرجى والأحرى، أما في حيز القطع والحجية فلا.
¥