تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

ثم ليس فيما قررته آنفا: أن دائرة المسألة محصورة في كفتي علماء أئمة راسخين، إحداهما أكثر من الأخرى وليس في كلامي حصر في هذه الصورة، كلا، بل يدخل في الدائرة كذلك: كفة تضم علماء راسخين، مقابل كفة قد يكون علماء ليسوا براسخين، بل متعالمين، وقد يكونون ضلالا. ولا يختلف أحد في أن الحجة هنا مع الراسخين، كيفما كانوا، قليلين أم كثيرين. فالمقصود أن ذكر صورة للمسألة، لا يلزم منه حصر المسألة فيها. فهذا جواب ما جاء في الاعتراض التالي للأخ العزيز بالله: "أقول: لو لم يرسل إليهم الله الرسول الثالث هل كان سيكون لهم على الله حجة أو لهم عذر؟

ثم إن هنا ليس هناك كفتان من الأئمة الراسخين في العلم إحداهما قليلة والأخرى كثيرة") *.

2 - لم يطمئن عمر رضي الله عنه إلى خبر أبي موسى في الاستئذان حتى انضم إليه أبو سعيد، فدل على أن الكثرة تورث اليقين.

* (هذا الدليل كذلك لا ينفي قبول خبر الواحد) *.

3 - اصطلح العلماء على قبول المتواتر، وهو ما يرويه جماعة، يستحيل عادة تواطؤهم على الكذب، فكان من أسباب قبوله كون الذي يرويه "جماعة" وهذه صفة كثرة.

* (في المتواتر ثلاثة شروط: الجماعة، استحالة الكذب، المستند الحس. فهل إذا فقد شرط امتنع التواتر؟. الجواب: نعم. وهذا هو المطلوب، فإذا انتفت صفة الكثرة: "الجماعة" انتفى التواتر، فالخبر الذي مستنده الحس، والسالم من الكذب، لا يصير متواترا بدون الكثرة. فثبت بهذا أن الكثرة شرط في وصف التواتر، الذي هو الخبر المقبول، وهذا هو المطلوب بيانه: أن الكثرة تورث الخبر القبول. وإن كان في الرواية شرطها المستند الحسي، حتى تصير مقبولة. فإنه في الفقه والحكم شرطه دقة الفهم والاستنباط حتى يصير مقبولا، ولذا اشترطنا في الجمهور المحتج بهم أن يكونوا راسخين أئمة، لأن من هذا وصفه، فهو في الغالب دقيق الفهم والاستنباط. وفي هذا جواب للاعتراض التالي: "أقول: لكن هناك قيد مهم أخي في تعريف المتواتر عند من يقول به! وهو [أن يكون مستند خبرهم الحس] وهذا ينقض استدلالك بهذا، وفي كتب المصطلح تنبيه على أنه ليس من المتواتر ما كان مستنده العقل والاجتهاد فليتك رجعت إلى شروح الأئمة ولم تتعجل في الاستدلال بمثل هذا) *.

4 - ذكر العلماء أن الشاذ هو: ما يرويه الثقة يخالف به الثقات. ففي اصطلاح المحدثين تقديم رواية الجمهرة على القلة، لحصول اليقين بها.

* (هنا اعترض الأخ العزيز بالله قائلا: "أقول: أخي ليس دائماً عند المحدثين الترجيح بالكثرة، وهذا مشهور لا يحتاج إلى العزو، فكم من رواية رجح الأئمة فيها رواية القلة على الكثرة لاعتبارات معينة، والأمثلة كثيرة يعلمها أهل الحديث".

ونقول كذلك: ليس قول الجمهور دائما حجة، بل بشروط، فكم قدم قول القلة لاعتبارات معينة، وهذا تقرر فيما سبق) *.

5 - من نهج العلماء، منذ القديم: سوق أقوال العلماء، والاستدلال بكثرتهم، على صواب المسألة، وهذا جلي في كتب: السنة، والتوحيد، والإيمان، وأصول الاعتقاد، والعقيدة .. إلخ، ويجعلون اجتماع العلماء وكثرتهم، عبر القرون الثلاثة الأولى خصوصا، دليلا على ابتداع المخالف، وهذا ظاهر في مسائل الاعتقاد، كالإيمان، والقدر، والأسماء والصفات.

* (ليس هذا النهج محصورا في مسائل العقيدة، وإن كانت فيها أظهر، بل كذلك في مسائل الفقه، مثل: الجهاد، والمسح على الخفين، وترك القتال في الفتنة، ومنع الخروج بالسيف على أئمة المسلمين، والصلاة خلف كل إمام. وفي هذا جواب ما اعترض به الأخ قائلا: "أما مسائل الفقه فكثير منها حادث يعتمد على الاجتهاد فيها من قبل العلماء والأئمة، والفقهاء في كتبهم يسوقون أقوال العلماء تقوية للقول وزيادة الاطمئنان له وهذا لا جدال فيه، لكن أين من قال منهم إن سوقي هذه الأقوال لأبين أن القول الآخر ساقط لا يجوز القول به لأحد".

فليست المسألة محصورة إذن في العقيدة، وما ساق الأئمة تلك المسائل الفقهية، وحكوا فيها قول أهل السنة، إلا لبيان ضلال المخالف) *.

6 - أن الطعن في حجية قول الجمهور: طعن في حجية الإجماع نفسه. وذلك: أن حجية الإجماع لم تثبت إلا بقول الجمهور.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير