تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

وقالوا أيضاً بأنه لو لم يجز لم يقع وقد وقع فإنه سبحانه كلف أبا جهل بالإيمان وهو تصديق رسوله في جميع ما جاء به ومن جملة ما جاء به أن أبا جهل لا يصدقه فقد كلفه بأن يصدقه في أنه لا يصدقه وهو محال. وأجيب عن الدليل الأول بأن ذلك لا يمنع قصور الوقوع لجواز وقوعه من المكلف في الجملة وإن امتنع لغيره من علم أو غيره فهو في غير محل النزاع، وعن الثاني بأنه لم يكلف إلا بتصديق وهو ممكن في نفسه متصور وقوعه إلا أنه ممن علم الله أنهم لا يصدقونه كعلمه بالعاصين. هذا الكلام في التكليف بما لا يطاق أو التكليف بما علم الله أنه لا يقع فالإجماع منعقد على صحته ووقوعه.).

فيجب التفريق بين وقوعه في الشرع و بين جواز وقوعه في الشرع.).

المسألة الثانية: الأخ الفاضل كأنه يخصص هذه القاعدة في العمليات دون العلميات فظاهر كلامه كل من اجتهد و استفرغ وسعه في العلميات فيما بلغه من أدلة سواء أدلة نقلية أو عقلية ثم لم يجزم باعتقاده لا يثبت له الإعتقاد لأنه دخله شك في اعتقاده فقال الأخ الفاضل (فالاعتقاد هو يقين ثبت في النفس فإن شك فيه ولو لحظة فقط لم يكن معتقداً بالله باليقين ..

وليس كما يصطلح عليه أهل الكلام في هذه المعاني ..

فالاعتقاد بالله وألوهيته وربوبيته وغيرها مما يجب اعتقاده لا يجوز أن يكون بظن أصلاً ..

فمتى ما دخل الشك فيه فقد بطل ذلك الاعتقاد ..

لأننا نطلق كلمة اعتقاد ولا نعني فيها إلا اليقين بما نعتقده ..

سواء سماها البعض ظن راجح أو غالب فلا محارجة في ذلك ..

ولأنه لا مرتبة متوسطة بين الشك واليقين فإما هذه وإما تلك ..

هذا في الاعتقاد التي تصح به الديانة ..

ولاحظ أمراً دقيقاً ..

أن من اعتقد وكان اعتقاده بغير يقين فلا يكون معتقداً ..

فاليقين يوجب التصديق بالشيء إن كان ذلك اليقين مصدقاً له ..

أو يوجب التكذيب بالشيء إن كان ذلك اليقين مكذباً له ..

فمن دخل الشك في تصديق ما أتى الله به تعالى من أمور الاعتقاد وغيرها فليس بمصدق ..

لأن التصديق لا يكون مع وجود شك ولو برهة من زمان ..

فالآية التي ذكرتها تتكلم عن العمل ولا تتكلم عن الاعتقاد ..

وإلا ما الفرق بين اعتقاد أهل الإيمان واعتقاد أهل الكفر .. ؟!).

و هذا الكلام عليه عدة ملاحظات:

الأولى: فيجب أن نفرق هنا فروقات دقيقة يجب التنبه لها.

الفرق بين الشك و الظن.

قال تعالى {وَقَوْلِهِمْ إِنَّا قَتَلْنَا الْمَسِيحَ عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ رَسُولَ اللّهِ وَمَا قَتَلُوهُ وَمَا صَلَبُوهُ وَلَكِن شُبِّهَ لَهُمْ وَإِنَّ الَّذِينَ اخْتَلَفُواْ فِيهِ لَفِي شَكٍّ مِّنْهُ مَا لَهُم بِهِ مِنْ عِلْمٍ إِلاَّ اتِّبَاعَ الظَّنِّ وَمَا قَتَلُوهُ يَقِيناً} النساء157

سواء قيل الشك في قتله أو الشك نبوته فهم و إن قالوا بأنهم قتلوه ففي غرارة أنفسهم شاكين في هذا غير مستيقنين و غلبة الظن لا يكون فيها شك فالشك هو التوقف عن ترجيح أحد الأمرين و الظن الباطل هو اتباع أحد الأمرين من غير مرجح لا لا يجوز العمل بالشك لأنه من اتباع الظن و إنما يكون فيها ترجح أمر على أمر بمرجح ظاهر هذا هو غلبة الظن بإجماع أهل العلم المعتبرين كما نقل شيخ الإسلام عن الفقهاء و مع ذلك لم يكن هذا من قبيل الشك و لا من اتباع الظن و لا يقال هذا في العمليات و هذا في العمليات فمن فرق بين الأمرين فعليه الدليل فالعبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب و هذا التفريق هو تفريق أهل البدع في فهمهم لنصوص الكتاب و السنة قال شيخ الإسلام رحمه الله (وحجة هؤلاء أن الوعيد من الأمور العلمية، فلا تثبت إلا بما يفيد العلم وأيضا فإن الفعل إذا كان مجتهدا في حكمه لم يلحق فاعله الوعيد. فعلى قول هؤلاء يحتج بأحاديث الوعيد في تحريم الأفعال مطلقا ولا يثبت بها الوعيد إلا أن تكون الدلالة قطعية ومثله احتجاج أكثر العلماء بالقراءات التي صحت عن بعض الصحابة مع كونها ليست في مصحف عثمان رضي الله عنه فإنها تضمنت عملا وعلما وهي خبر واحد صحيح فاحتجوا بها في إثبات العمل ولم يثبتوها قرآنا لأنها من الأمور العلمية التي لا تثبت إلا بيقين. وذهب الأكثرون من الفقهاء وهو قول عامة السلف إلى أن هذه الأحاديث حجة في جميع ما تضمنته من الوعيد، فإن أصحاب رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ والتابعين بعدهم ما زالوا يثبتون بهذه الأحاديث

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير