ومن ثمرت هذا التفريق - عند القائلين بذلك - في إن الباطل لا يعتد به أصلا ولا يترتب عليه أي أثر بل يفسخ متى اطلع عليه , وأما الفاسد تترتب عليه آثار مع الإثم مثل بيع الربا يفيد الملك للزيادة بالقبض مع الإثم فإن ألغيت الزيادة فلا إثم.
أقسام الحكم باعتباره على وفق الدليل أو خلافه
س19) - تكلم عن أقسام الحكم باعتباره على وفق الدليل أو على خلافه؟
يمكن تقسيم الحكم باعتباره على وفق الدليل أو على خلافه إلى قسمين هما:-
القسم الأول: الرخصة
هي الحكم الثابت بدليل على خلاف دليل آخر لعذر.
شرح التعريف
1) - الحكم:- المراد به الحكم الشرعي.
2) - الثابت بدليل:- أي أن الرخصة لا بد لها من دليل فإذا لم تثبت بدليل فلا تجوز الأقدام عليها.
3) - على خلاف دليل آخر:- قيداً تخرج به الأحكام الثابتة على وفق الدليل مثل إباحة الأكل والشرب والنوم إذ لا يوجد دليل يقتضي منع هذه الأشياء حتى تكون إباحتها على خلافه بل هي موافقة للأصل إذ الأصل في الأشياء الإباحة.
4) - لعذر:- والمراد بالعذر ما تتحقق معه مشروعية الحكم ,مثل المشقة والحاجة والضرورة , وعليه فلا يدخل المانع في العذر كالحيض مثلاً لأن إسقاط الصلاة عن الحائض لا يسمى رخصة لأن الحيض مانع.
ويخرج بهذا القيد - لعذر- بعض أنواع العزيمة كوجوب الصلاة والزكاة مثلاً فإن هذه الأحكام ثابتة على خلاف الدليل وهو الأصل إذ الأصل عدم التكليف ومع ذلك فلا تسمى رخصة.
وتنقسم الرخصة إلى أربعة أقسام وهى:-
(1) - الإيجاب. (2) - الندب. (3) - الإباحة. (4) - خلاف الأولى.
فالإيجاب مثالها أكل الميتة للمضطر إذا خاف على نفسه الهلاك , فإن هذا الحكم ثابت بدليل وهو قول الله تعالى {وَلَا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ} , مع قوله تعالى {فَمَنْ اضْطُرَّ غَيْرَ بَاغٍ وَلَا عَادٍ فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ} وهذا الدليل يخالف الدليل على حرمة أكل الميتة وهو قول الله تعالى {حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ الْمَيْتَةُ} فوجوب أكل الميتة للمضطر رخصة لأنه ثابت بدليل على خلاف دليل آخر لعذر وهو الاضطرار.
وأما الندب والإباحة فيكون الكلام فيه كما في الكلام على الإيجاب ولكن مع اختلاف حكم الرخصة فقد تكون الرخصة للاستحباب أو تكون للإباحة.
وأما خلاف الأولى فمثاله الفطر في نهار رمضان للمسافر الذي لا يتضرر بالصوم ,فإن جواز الفطر - والحال هذه - ثابت بقوله تعالى {فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ} , فهذا الدليل مخالف لدليل آخر وهو قوله تعالى {فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمْ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ} , وهذا مخالف لعذر وهو مشقة السفر , وإنما كان الفطر لمن لا يتضرر بالسفر خلاف الأولى لقوله تعالى {وَأَنْ تَصُومُوا خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنتُمْ تَعْلَمُونَ}.
القسم الثاني العزيمة
وهى الحكم الثابت على وفق الدليل أو خلاف الدليل.
وتنقسم العزيمة إلى نوعين:-
النوع الأول) - أحكام ثابتة على وفق الدليل:- مثل إباحة الأكل والشرب والنوم فإن هذه الأحكام ونحوها جاءت على وفق الدليل , وهو الأصل في الأشياء الإباحة.
النوع الثاني) - أحكام ثابتة على خلاف الدليل ولكن لغير عذر:- ومثال ذلك وجوب الصلاة والزكاة والصوم وغيرها من التكاليف الأخرى فإن هذه الأحكام جاءت على خلاف الدليل وهو أن الأصل عدم التكليف , ولكن هذه المخالفة كانت للابتلاء ولم تكن لعذر المشقة ونحوها.
مصادر الاستدلال
تمهيد
اتفق أهل السنة على أن الأدلة المعتبرة شرعاً هي الكتاب , والسنة , والإجماع , والقياس , وهذه الأدلة الأربعة متفقة لا تختلف إذ يوافق بعضها بعضاً ويصدق بعضها بعضاً لأن الجميع حق , والحق لا يتناقض , كما أن جميع هذه الأدلة ترجع إلى الكتاب.
فالكتاب دل على حجية السنة , والكتاب والسنة دلا على حجية الإجماع , وهذه الأدلة الثلاثة دلت على حجية القياس , لذلك يصح أن يقال إن مصدر هذه الأدلة هو القرآن , باعتبار أنه ماعداه بيان له وفرع عنه ومستند إليه.
وهناك أدلة اختلف العلماء عليها وهى, قول الصحابي , و شرع من قبلنا ,والعرف ,والاستحسان , و المصالح المرسلة.
¥