تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

الفعل فدل ذلك على جواز النسخ قبل التمكن من الفعل.

قال: " و يجوز نسخ الرسم و بقاء الحكم ".

يقصد أن أقسام النسخ، منها: نسخ اللفظ و بقاء حكمه، كآية الرجم التي كانت في سورة الأحزاب، و هي: " الشيخ و الشيخة إذا زنيا فارجموهما ألبتة نكالا من الله "، فكانت هذه الآية ثابتة في سورة الأحزاب، فنُسخ لفظها و بقي حكمها، و عمل به رسول الله صلى الله عليه و سلم، فرجم خمسة أشخاص، و هم: اليهوديان، و ماعز، و الغامدية، و صاحبه العسيف، و كذلك عمل به خلفاؤه الراشدون، فقد رجم عمر رضي الله عنه امرأتين، و رجم عثمان رضي الله عنه كذلك امرأة، و رجم عليُّ بن أبي طالب رضي الله عنه شُراحةَ، كل هؤلاء رُجموا بهذه الآية التي نُسخ لفظها و بقي حكمها.

و قوله: " و يجوز نسخ الرسم " أي: المكتوب، و القصود به: الكتوب و القروء، أي: اللفظ.

و قوله: " و بقاء الحكم " أي: بقاء حكم ذلك اللفظ الذي نُسخ.

قال: " و نسخ الحكم و بقاء الرسم ".

و يجوز - أيضا -: نسخ الحكم، و بقاء الرسم متلوّاً فيما يُتلى من القرآن، كقول الله تعالى: " و الذين يُتوفون منكم و يذرون أزواجا وصية لأزواجهم متاعا إلى الحول غير إخراج "، فهذه آية نُسخ حكمها و بقي لفظها، بالآية التي قبلها في رسم المصحف، و هي متأخرة عنها في النزول، و هي قول الله تعالى: " و الذين يُتوفون منكم و يذرون أزواجا يتربصن بأنفسهن أربعة أشهر و عشرا ".

و كذلك قول الله تعالى: " كتب عليكم إذا حضر أحدكم الموت إن ترك خيرا الوصية للوالدين و الأقربين بالمعروف "، فقد نٌسخ هذا الحكم و بقي اللفظ مما يُتلى.

و كذلك قول الله تعالى: " إن يكن منكم عشرون صابرون يغلبوا مائتين و إن تكن منكم ماشة يغلبوا ألفا من الذين كفروا بأنهم قوم لا يفقهون "، فقد نُسخت هذه الآية بالآية التي بعدها، و هي قول الله تعالى: " الآن خفف الله عنكم و علم أن فيكم ضعفا فإن تكن منكم مائة صابرة يغلبوا مائتين و إن يكن منكم ألف يغلبوا ألفين بإذن الله و الله مع الصابرين"، فهذه الآية ناسخة لسابقتها، و قد أُثبتت سابقتُها في الرسم و لكن لا يُعمل بحكمه، لأن الحكم نُسخ.

قال: " و النسخ إلى بدل، و إلى غير بدل ".

أي يجوز " النسخ إلى بدل " بأَنْ تُنَزَّل آية أخرى بدل تلك، أو حكم آخر بدل الحكم الذي نُسخ.

و يجوز النسخ " إلى غير بدل " أي: بالإحالة إلى ما كان من البراءة الأصلية.

و هذا محل خلاف بين الأصوليين.

- فذهب جمهورهم إلى أن النسخ لا يكون إلا إلى بدل، لأن الله تعالى يقول: " ما ننسخ من آية أو ننسها نأت بخير منها أو مثلها "، فلابد من البدل الذي هو خيرٌ أو مثلٌ للمنسوخ.

- و قال آخرون: البراءةُ: بدلٌ، هو خيرٌ أو مثلٌ، لأن الله كان تعبدنا بذلك الحكم، ثم لما نسخه تعبدنا بالإباحة فيه، فكان ذلك إلى غير بدل، و حُمِلَ عليه الصدقة بين يدي نجوى رسول الله صلى الله عليه و سلم، فقيل: هي من النسخ إلى غير بدل، و يقل: بل ذُكر البدل، و هو: إقام الصلاة و إيتاء الزكاة، لأن الله تعالى قال: " آشفقتم أن تقدموا بين يدي نجواكم صدقات، فإذ لم تفعلوا و تاب الله عليكم فأقيموا الصلاة و آتوا الزكاة " فذاك من النسخ إلى بدل.

قال: " و إلى ما هو أغلظ، و إلى ما هو أخف ".

أي: يجوز النسخ " إلى ما هو أغلظ " بالزيادة في الحكم، أو " إلى ما هو أخف " بالأسهل.

و هذا – أيضا – محل خلاف بين الأصوليين.

- فذهب بعضهم إلى أن النسخ لا يكون إلا بالأسهل، لأن الله تعالى يقول: " ما ننسخ من آية أو ننسها نأت بخير منها أو مثلها "، فالأسهل هو الخير أو المماثل، و أما الأشد فلا يكون كذلك.

- و الذين يرون صحة النسخ بالأغلظ و الأشد، يقولون: الأشد خير من المنسوخ لأنه أكثر منه أجرا.

و قد عُرف النسخُ بالأخف، مثل قوله تعالى: " إن يكن منكم عشرون صابرون يغلبوا مائتين و إن تكن منكم ماشة يغلبوا ألفا من الذين كفروا بأنهم قوم لا يفقهون " نُسخ بقوله تعالى: " الآن خفف الله عنكم و علم أن فيكم ضعفا فإن تكن منكم مائة صابرة يغلبوا مائتين و إن يكن منكم ألف يغلبوا ألفين بإذن الله و الله مع الصابرين ".

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير