تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

و مثل ذلك: رواية عائشة رضي الله عنها لبدء الوحي، لما قبل مولدها هي، فهي تروي بدء الوحي: " أول ما بُدئ به رسول الله صلى الله عليه و سلم من الوحي الرؤيا الصالحة في النوم، فكان لا يرى الرؤيا إلا جاءت مثل فلق الصبح ..... " الحديثَِ، و هي لم تشهد ذلك، لكن هذا من مراسيل الصحابة، فالصحابة لا يروون إلا عن الصحابة، فمراسيلهم مقبولة قطعا.

فإذا حدثوا عن النبي صلى الله عليه و سلم و نسبوا إليه الخبرَ، فذلك كالمتصل، و لا فرقَ.

قال: " فإن كان من مراسيل غير الصحابة فليس ذلك حجة " لأن التابعين يحدث بعضُهم عن بعضٍ، وفيهم العدولُ و غيرُ العدولِ، كما أنهم يحدثون عن الصحابة.

قال: " إلا مراسيل سعد بن المسيب فإنها فتشت فوجدت مسانيد ".

سعيدٌ: من سادات التابعين و من كبارهم، و مراسيله كلها فُتشت، أي: بُحِث عنها، فوُجدت مسندةً من طريق آخر، و كان سعيدٌ من أخصِّ أصحاب أبي هريرة به، و لأبي هريرة أصحاب آخرون يروون عنه، فربما أرسل سعيد ما أسنده غيره من أصحاب أبي هريرة رضي الله عنه.

- و قيل: إلا مراسيل كبار التابعين.

من أمثال: سعيد بن المسيب، و فقهاء المدينة الستة الآخرين، و ككبار التابعين من أهل العراق، كـ: طارق بن شهاب، و زِرِّ بْنِ حُبَيْشٍ، و عَبِيدَةَ السَّلمانيِّ، و عامر الشعبي، فهؤلاء لا يروون إلا عن الصحابة، فمراسيلهم تُعتبر حجة، لأن جهالة الصحابي لا تضر.

- أما صغار التابعين من أمثال: محمد بن مسلم بن شهاب الزهري، و يحيى بن سعيد الأنصاري، فمراسيلهم ليست بحجة.

- ومثل ذلك: أواسط التابعين، فمراسيلهم ليست بحجة، كـ: الحسن البصري، و إِيَاسِ بْنِ معاويةَ بنِ قُرَّةَ، و محمد بن إبراهيم التيمي، فهؤلاء مراسيلهم ليست بحجة عند جمهور الأصوليين.

- و السبب: أنهم يروون عن الصحابة، و عن غير الصحابة، و قد جُهِل من رَوَوْا عنه فيما بينهم و بين النبي صلى الله عليه و سلم، فإن كان صحابيا فلا يضر، لكن من المحتمل أن يكون من غير الصحابة، فإذا كان من غير الصحابة فلابد من تسميته و معرفة عدالته و ضبطه، و لهذا قال ابن سيرين: " و الله ما كنا نبالي عمن نأخذ هذا العلم، حتى ركب الناسُ الصعبَ و الذلولَ، فقلنا: سموا لنا رجالكم، فمن كان مقبولا: قبلناه، و من كان مردودا: رددناه ".

فائدة: خبر الآحاد مقبول في العقائد و غيرها، لأن العبرة فيه بالصحة، فإذا صحَّ: حصلت الثقةُ به.

- و ذهب بعض المتكلمين: إلى أن أخبار الآحاد إنما يُعمل بها في الجانب العملي، لا في العقدي، وهذا القول لا حجة عليه.

فإذا اتفقوا على صحتها، و أنها ثابتة عن النبي صلى الله عليه و سلم، بعد ذلك: لا يمكن الطعن فيها، لا من ناحية الدلالة و لا من ناحية الإسناد.

قال: " و العنعنة تدخل على الأسانيد " أي: أن الإسناد قد لا يصرح فيه المحدث بسماعه من شيخه، و قد لا يعزو عليه إلا بـ " عن " و " أن "، كأن يقول: حدثنا فلان عن فلان عن فلان، و يأتي بالعنعنة.

أو يقول الشيخ مباشرة: عن فلان، أو يقول: أحدثكم عن فلان.

و مثل ذلك: أنَّ فلانا قال كذا.

فهذه إذا كان الشيخُ فيها غيرَ معروفٍ بالتدليس: حُمِلت على السماع.

و إن كان معروفا بالتدليس لم تُحمل على السماع، إلا إذا كان ذلك في الصحيحين، فإن صاحبيهما انتقيا حديثهما و انتخباه، فما كان فيهما من مُعَنْعَنِ المدلسين، فقد عَلِمَا انتفاءَ علةِ التدليس عنه، لاحتياطهما و اطلاعهما الواسع في هذا الباب، فهما: أميرا المؤمنين في الحديث.

لذلك: فما رواه مسلمٌ من حديث أبي الزبير عن جابر بالعنعنة، كلُّه محمولٌ على السماع.

و مثل ذلك: ما كان في صحيح البخاري من عنعنة قتادة عن أنس، أو من عنعنة أبي إسحاق السبيعي فهو محمولٌ على السماع، و إن كان هؤلاء قد عُرفوا بالتدليس إلا أن الأئمة ينتخبون من حديثهم ما ثبت سماعهم فيه.

قال: " وإذا قرأ الشيخ، يجوز للراوي أن يقول: حدثني أو أخبرني " إذا قرأ الشيخُ الكتابَ فسمع ذلك السامعُ، فيجوز أن يقول: سمعتُ فلانا يحدث، و هذا هو الأصل، أو يقول: حدثنا فلان، فإن انفرد هو بالسماع قال: حدثني فلان، و إن كان مع غيره قال: حدثنا فلان، إن كان قصده بالتحديث.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير