تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

ومثل ذلك في الأمور العادية، فلا عبرة بكثرة الناقلين فيها، إنما العبرة بالتكرار، حتى يحصل القطع العاديُّ به.

قال: " أو سماع "، فلابد أن يكون ذاك عن محسوس بإحدى الحواس الخمس.

قال: " لا عن اجتهاد "، فلا عبرة بذلك، لأنه من الأمور التي مرجعها إلى العقل.

فاجتهادات الأشخاص تثبتُ عنهم، لأنهم قالوا ذلك فقط، لأن ذلك لا يقتضي ثبوتَ ما اجتهدوا فيه، و لا يقتضي صحةَ اجتهادهم.

فالعبرة إذًا: أن يكون المنقول مما أصله و مرجعه إلى الحس، بإحدى الحواس الخمس.

قال: " و الآحاد ".

الآحاد: جمع " أحد " و هو: الواحد، و المقصود بالآحاد في اصطلاح الأصوليين: ما رواه آحادٌ من الناس لا يصلون إلى درجة التواتر.

قال: " هو الذي يوجب العمل، و لا يوجب العلم "، فقد قَسَمَ الخبرَ إلى قسمين: متواترٍ و آحادٍ.

فالآحاد – هنا – على حذف مضاف، و التقدير: خبر الآحاد.

- و المقصود – هنا – بإيجاب العمل، أي: على فرض صحته، و اقتضائه الوجوبَ.

فالآحاد ليس بالضرورة أن يكون صحيحا حتى يوجب العملَ.

و قوله: " و لا يوجب العلم " أي: ما لم يحتفَّ بالقرائن، فقد يحتف خبر الآحاد بالقرائن، فيقتضي العلمَ الضروري كذلك.

كالذي: رواه مالك عن نافع عن ابن عمر.

و ما اتفق على إخراجه: البخاري و مسلم من أخبار الآحاد، فقد احتف به من القرائن ما يقتضي الثقة به حتى يكون كالمتواتر، فيحصل به: العلم.

و هذا العلم: نظري، لا ضروري، لأن الآحاد يُبحث في عدالتهم و ضبطهم.

- و ينقسم خبر الآحاد من ناحية العدد إلى: غريب و عزيز و مشهور و مستفيض.

- فالغريب: ما انفرد به واحد في طبقة من الطبقات، و يُسمى: فردا.

فإن كان المنفردُ أصلَ الإسناد، سمي: فردا حقيقيا، و إلا سمي: فردا نسبيا، لدى المحدثين.

- و العزيز: ما انفرد به اثنان في طبقة من الطبقات.

- و المشهور: ما انفرد به ثلاثة إلى تسعة في طبقة من الطبقات.

- و المستفيض: ما انفرد به عشرة فصاعدا، ما لم يصل إلى حد التواتر.

و قيل: المستفيض هو المشهور.

قال: " و ينقسم إلى: مرسل، و مسند "، و هذا تقسيم للخبر مطلقا، لا بقيد كونه للآحاد، بل الخبر مطلقا ينقسم إلى: مرسل و مسند.

فالمرسل: هو ما سقط منه الصحابي، و قد عرفه هو هنا بقوله: " ما لم يتصل إسناده ".

و المسند: ما اتصل إسناده، من مُخْرِجِهِ إلى نهاية إسناده.

و هنا عمَّمَ المرسلَ فأطلقه على المنقطع مطلقا، و المنقطع أنواع، فمنه:

- المعلق: و هو ما حُذف أول إسناده مما يلي المُخرِجَ، و لو استمر ذلك إلى منتهاه.

- المعلق: و هو ما سقط منه واحد في الوسط، أو أكثر على غير التوالي.

- المعضل: و هو ما سقط منه اثنان على التوالي.

- المرسل: و هو ما سقط منه الصحابي، فنسبه التابعي إلى النبي صلى الله عليه و سلم.

فهذه هي أقسام المنقطع الواضح الانقطاع، و يبقى الانقطاع الخفي، و هو:

- التدليس: و هو نوع آخر من الانقطاع المحتمل، فيحتمل لأن يكون قد حصل انقطاع.

قال: " فإن كان من مراسيل غير الصحابة فليس ذلك حجة "، فمراسيل الصحابة: حجة، و هي: أن يحدث الصحابي عن النبي صلى الله عليه و سلم بحادثة لم يشهدها، كحديث ابن عباس رضي الله عنهما عما قبل فتح مكة، فإنه في تلك الفترة كان بمكة و لم يكن مع النبي صلى الله عليه و سلم بالمدينة، و قد هاجر العباس بأسرته قُبيل الفتح، فلقي رسولَ الله صلى الله عليه و سلم بـ: مرِّ الظهران، فاستكمل أفراد أسرته الهجرةَ، و رجع هو مع رسول الله صلى الله عليه و سلم في غزوة فتح مكة، و قد خُتمت به الهجرة، فكان آخرَ المهاجرين، كما خُتمت النبوة بمحمد صلى الله عليه و سلم.

و لهذا فابن عباس من المهاجرين، لأنه من آخر أسرة هاجرت من مكة إلى المدينة، بعد ذلك خُتمت الهجرة، فلا هجرة بعد الفتح، كما بين ذلك النبيُّ صلى الله عليه و سلم فقال: " مضت الهجرة لأهلها "، فرواية ابن عباس للهجرة و ما بعدها من الأحداث إلى فتح مكة، كله من مراسيل الصحابة، لأنه لم يشهده.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير