تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

و هذا التعريف جامع للأركان الأربعة، التي هي أركان القياس، و هي: الفرع، و الأصل، و حكم الأصل، و العلة الجامعة.

و هذه العلة تسمى بـ: " الوصف الجامع " - أيضا - في الاصطلاح.

قال: " و هو ينقسم إلى ثلاثة أقسام، إلى: قياس علة، و قياس دلالة، و قياس شبه ".

و المراد بالقياس هنا: قياس الطرد، لأن القياس ينقسم إلى قسمين: قياس طرد، و قياس عكس.

1 – قياس العكس: هو معرفة حكم فرع، بحمله على عكس حكم الأصل، اختلافهما في العلة.

و ذلك مثل قول النبي صلى الله عليه و سلم: " و في بضع أحدكم صدقة " قالوا: يا رسول الله، أيأتي أحدنا شهوته و يكون له في أجر؟ فقال: " نعم، أرأيتم لو وضعها في حرام، أكان عليه وزر، فكذلك إذا وضعها في حلال كان له أجر ".

فهنا: كون استباحة الحلال: يُثاب عليها الإنسان، قياس، لكن ليس كقياس الطرد، لأن الأصل و الفرع لا تجمعهما علة، فلا يجتمعان في الحكم، فحكمهما مختلف، لاختلاف علتهما، فعلة الاثم في الزنى: أنه وضعها في حرام، و يُقابلها علة الثواب في المباح: أنه وضعها في حلال.

2 – قياس الطرد: و هو الذي ينقسم إلى هذه الأقسام الثلاثة التي ذَكَرَ، و هي: قياس العلة، و قياس الدلالة، و قياس الشبه.

قال: " فقياس العلة: ما كانت العلةُ فيه موجبةً للحكم ".

العلة: - في الأصل - ما يُغَيِّر حال الشيء كالمرض، فالمرض يُسمى: علة، لأنه يغير حال المريض.

و العلة في الاصطلاح: هي العلامة التي أناط بها الشارعُ الحكمَ، و أدركَ العقلُ وجهَ ترتيبه عليها.

و يمكن أن يُقال: هي الوصف الظاهر المنضبط، الذي علق الشارع به الحكمَ، و أدرك العقلُ وجهَ ترتيبه عليه.

- " الوصف "، و المقصود به: كل ما يُعَلَّلُ به، سواء كان حكما شرعيا أو كان إثباتَ أمر أو نفيَ أمر، أو كان مركبا من أمرين، فكل ذلك يُسمى: علةً.

- " الظاهر "، فالوصف الخفي لا يمكن أن يُعلل به، و مثله: الوصف الطردي، الذي لا اعتبار له.

- " المنضبط " بخلاف الوصف المتردد، فلا يصلح للتعليل، فلا يُعلل به كالمشقة مثلا، فهي غيرُ منضبطة لاختلافهما بين شخص و شخص.

- " الذي أناط الشارع به الحكم " أي: علَّق به الحكمَ.

- " و أدرك العقلُ وجه ترتيبه عليه " ليخرج بذلك: السبب، فإن الشارع أناط به الحكم، لكن لا يُدرك العقلُ وجهَ إناطته به، كـ: غروب الشمس: علق الشارع عليه وجوبَ ثلاث ركعات، و هي: صلاة المغرب، و غروب الشفق: علق الشارع عليه وجوبَ أربع ركعات، و هي: صلاة العشاء، و العقل لا يُدرك لماذا عُلقت ثلاث ركعات على غروب الشمس، و أربع ركعات على غروب الشفق.

و أما العلة فيُدرك العقلُ وجهَ تعليق الحكم عليها، كالإسكار: علة لمنع الخمر، فالعقل يُدرك العلاقة هنا، وذلك أن الخمر تَعتدي على العقل و تزيله، و أن الحفاظ على العقل من ضروريات الناس، لذلك جعل الشارعُ الإسكارَ و هو: إزالة العقل علة لتحريم الخمر.

قال: " فقياس العلة: ما كانت العلةُ فيه موجبةً للحكم ".

أي: كانت العةُ فيه مقتضيةً للحكم، بمعنى أنه لا يحسن تخلف الحكم عنها، بأن تُوجد هي في الفرع، و لا يوجد الحكم فيه، فهذا يكون حينئذ ممنوعا.

و مثال: قياس ضرب الوالدين أو أحدهما على التأفيف، فإن الله تعالى يقول: " إما يبلغن عندك الكبر أحدهما أو كلاهما فلا تقل لهما أف و لا تنهرهما و قل لهما قولا كريما "، فهنا نهى أن يقول الولد لوالده: أفٍ، و يُلحق بالتأفيف ك الضرب و الشتم و أنواع الأذى، لأن العلة متحققة فيها، و هي: عدم الإحسان إلى الوالدين و أذاهما، فالضرب أبلغ في الأذى من التأفيف، و مثله: الشتم، فكل ذلك أبلغ في الأذى من التأفيف.

فالأصل: التأفيف، و الفرع: الضرب و أنواع الأذى، و الحكم: التحريم، و العلة: الإيذاء.

فلا يحسن تخلف الحكم في الفرع الذي هو الضرب، بأن يُباح الضرب، و يُمنع التأفيف، فهذا لا يُستحسن عقلا.

و هذا المثال: الفرع فيه أبلغ في تحقق العلة فيه من الأصل.

و مثال المساوي: إلحاق الأرز بالقمح في الربوية، و في التعشير، أي: في أخذ عشره في الزكاة، و ذلك إذا كان مما سقت السماء، و نصف عشره إذا كان مما سقاه الإنسان بآلته.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير