ونصف للفقراء وقال بعضهم يجعلها ثلاثة أجزاء يأكل الثلث ويتصدق بالثلث ويهدي الثلث واستدل بقوله تعالى " فكلوا منها وأطعموا القانع والمعتر " فجزأها ثلاثة أجزاء ثلث له وثلث للقانع وثلث للمعتر هكذا قالوا وأظهرها الأول والعلم عند الله تعالى.
مسألة كتابة الدين:
يخطئ الكثير من الناس حينما يجرون بعض العقود دون كتابة أو شهادة، ولو وثق الناس ديونهم ومعاملاتهم بالكتابة والشهادة لارتاح القضاة في المحاكم من كثير من القضايا، ومن المتقرر أن من مقاصد الشرع الحرص على كل ما يجمع كلمة المسلمين والأمر به والمنع من كل ما يسبب الفرقة والشحناء بينهم ولهذا فإننا نجد أن أطول آية في كتاب الله تعالج مشكلة عدم توثيق العقود، فقد قال تعالى:" يا أيها الذين آمنوا إذا تداينتم بدين إلى أجل مسمى فاكتبوه .. "، وفيها الأمر بكتابة الدين وأجل ذلك الدين، ثم قال:" فليكتب وليملل الذي عليه الحق وليتق الله ربه .. " وفيها أن من عليه الدين هو الذي يكتب إقرارا بالدين أو يملي إن لم يكن كاتبا، ثم قال:" ولا تسأموا أن تكتبوه صغيرا أو كبيرا إلى أجله ذلكم أقسط عند الله وأقوم للشهادة وأدنى ألا ترتابوا" وفيها أن الدين ولو قل فإن من الحكمة أن يكتب، وأن الحكمة من ذلك أن الكتابة من القسط والحكمة التي أمر الله بها وأنها تدفع الريبة والخطأ الذي يسبب ضياع الحقوق ومن ثم يسبب الشحناء، ثم أكد الأمر بالشهادة فقال:" وأشهدوا إذا تبايعتم".
والجمهور على أن هذه الأوامر للاستحباب لما ثبت أن النبي صلى الله عليه عليه وسلم اشترى من جابر جملا فلم يشهد عليه، قالوا: ولأن الأمر للارشاد. واختار ابن حزم الوجوب لظاهر الأمر. ولحديث أبي موسى رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:" ثلاثة يدعون الله عز وجل فلا يستجاب لهم: رجل كانت تحته امرأة سيئة الخلق فلم يطلقها ورجل كان له على رجل مال فلم يشهد عليه ورجل آتى سفيها ماله وقد قال الله تعالى:" ولا تؤتوا السفهاء أموالكم"".
ومما رد به الجمهور أننا نرى جمهور المسلمين في جميع ديار الإسلام يبيعون بالأثمان المؤجلة من غير كتاب ولا إشهاد، وذلك إجماع على عدم وجوبها. تفسير الرازي المسمى مفاتيح الغيب 2/ 383.
مسألة قبول الحواله:
يشرع للدائن أن يقبل حوالة المدين على المليء لحديث:" مطل الغني ظلم وإذا أتبع أحدكم على مليء فليتبع" متفق عليه. واختار ابن حزم أن الأمر للوجوب وهو قول كثير من الحنابلة وأبي ثور وابن جرير. وخالفهم الجمهور فاعتبروا الأمر لغير الوجوب. فهو مستحب عند المالكية والشافعية، وأما الحنفية فالأمر عندهم للإباحة.
قال ابن عبدالبر رحمه الله " قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم مطل الغني ظلم وإذا أحلت على مليء فاتبعه وهذا عند أكثر الفقهاء ندب وإرشاد لا إيجاب وهو عند أهل الظاهر واجب. التمهيد 18/ 290.
مسألة النكاح للمستطيع:
ذهب ابن حزم إلى فرضية النكاح أو التسري للمستطيع وتمسك بالأمر الوارد في قوله صلى الله عليه وسلم: يا معشر الشباب من استطاع منكم الباءة فليتزوج فإنه أغض للبصر وأحصن للفرج ومن لم يستطع فعليه بالصوم فإنه له وجاء".
وخالفه غيره فقال بأن الأمر للندب، قال ابن قدامة:" والأخبار تحمل على من له شهوة، لما فيها من القرائن الدالة عليها". المغني 6/ 448، الطبعة المصرية.
مسألة وليمة العرس:
اتفق العلماء على مشروعيتها واختلفوا في وجوبها واستحبابها على قولين:
القول الأول: أن إقامة وليمة العرس واجبة وهو قول لأحمد، قال ابن عقيل: ذكر الإمام أحمد رحمه الله أنها تجب ولو بشاة؛ للأمر. أ. هـ. وكذا قال بعض أصحاب الشافعي ودليل الوجوب:
ما رواه أنس بن مالك رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم رأى على عبد الرحمن بن عوف رضي الله عنه رَدْعَ زعفران " وفي رواية: وَضَرًا من خلوق " فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: مَهْيَم؟ فقال: تزوجت يا رسول الله، قال: فما أصدقتها؟ قال: وزن نواة من ذهب، قال: [فبارك الله لك] أولم ولو بشاة ". فالنبي صلى الله عليه وسلم أمر بها عبد الرحمن بن عوف والأمر للوجوب ولأن الإجابة إليها واجبة فكانت واجبة. ونصره ابن حزم رحمه الله.
¥