تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

تعالوا نبحث عن فهم صحابة آخرين غيرهما

الخطوة السادسة:

أبو سعيد الخدري رضي الله عنه في صحيح البخاري عندما سُئل عن الصرف

فكيف افتى السائل؟

لقد ذكر أولا قول النبي صلى الله عليه وسلم في بيع التمر بالتمر (وهي مسألة غير مسألة الصرف المسئول عنها)

ثم قال:" فالتمر بالتمر أحق أن يكون ربا أم الفضة بالفضة؟ "

أي أن أبا سعيد الخدري قد أفتى السائل بان الفضة بالفضة أولى بالتحريم من التمر بالتمر 0

وهذا هو المنهج الذي تعلمه من النبي صلى الله عليه وسلم

وقد فهم ذلك ايضا وافتي بموجبه كل من ابن عمر وابن عباس كما في الحديث

وهو نفس المنهج الذي اتبعه النبي صلى الله عليه وسلم في قوله "فدين الله أحق أن يُقضى" أي أولى بوجوب القضاء

وهذا المنهج هو أن الواقعة إذا كان لها حكم شرعي لوصف تتصف به فإن هذا الوصف إذا وُجد في واقعة أخرى بصورة أقوى فإنها تأخذ نفس الحكم من باب الأولى 0

والسؤال الآن:

هل صحة هذا المنهج أصبحت واضحة عندكم الآن بصورة قطعية أم لا يزال في نفوسكم بعض الشك وتقولون هل هناك صحابة غير هؤلاء فهموا واتبعوا نفس هذا المنهج حتى نزداد يقينا؟

نعم هناك صحابة غير هؤلاء فهما واتبعوا نفس المنهج كما بالخطوة التالية

الخطوة السابعة:

سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه وهو من كبار الصحابة في حديث النبي صلى الله عليه وسلم عندما سُئل عن البيضاء بالسلت:

ما المنهج الذي اتبعه في الفتوى لبيان الحكم الشرعي؟

إنه بدأ أولا بتوجيه سؤال للسائل فقال له:

": أيتهما أفضل. قال البيضاء فنهاه عن ذلك وقال سعد: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يسأل عن اشتراء التمر بالرطب فقال رسول الله عليه وسلم: أينقص الرطب إذا يبس فقالوا نعم فنهى عن ذلك "

أي أنه سأله عن تحقق وصف معين في الواقعة 0 وعندما علم بتحقق هذا الوصف في الواقعة ذكر للسائل واقعة أخرى غيرها ولكن فيها نفس هذا الوصف وحكم فيها النبي صلى الله عليه وسلم بالتحريم وبناءا عليه اتخذ سعد بن أبي وقاص نفس المنهج المذكور فنهاه عن البيضاء بالسلت كما نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن بيع التمر بالرطب

نظرة تأمل تفيد القطع واليقين:

أولا:

من الواضح وضوح الشمس أن المنهج واحد عند الصحابة رضي الله عنهم

وهو نفس المنهج الذي علمهم الرسول صلى الله عليه وسلم إياه بقوله:

" أرأيت لو مضمضت بماء وأنت صائم؟

وقوله: " أرأيت لو كان عليها دين أكنت تقضينه قالت نعم قال فدين الله أحق بالقضاء"

وهو نفس المنهج الذي اتبعه الصحابة وقاموا بتطبيقه بعده صلى الله عليه وسلم

وقد ثبت في أحاديث صحيحة أخرى نفس هذا المنهج عن الكثير من الصحابة غير هؤلاء

ونكتفي بهذا (لأن فيما ذكرت الكفاية خاصة وأن الكتابة على لوحة المفاتيح تأخذ مني الكثير من الوقت والجهد)

ثانيا:

إذا نظرنا إلى الصحابة الذين تعلموا هذا المنهج واتبعوه نجدهم من كبار الصحابة

فأولهم هو عمر بن الخطاب 0 وما أدراك من هو عمربن الخطاب؟!!

إنه المشهور بعبارته " دعني أضرب عنق هذا المنافق يا رسول الله " وقالها في أكثر من واقعة

إنه أكثر الصحابة تشددا في المنع من رواية الحديث عن الرسول صلى الله عليه وسلم إلا بعد التثبت منه وقد يجمع الصحابة ويسألهم

إنه – على ما أتذكر – الذي تكرر منه جمع الصحابة ثم يسألهم عما سمعوه من الرسول صلى الله عليه وسلم فيما أُشكل عليه

فهل يجرؤ مثل عمر ابن الخطاب على اختراع قاعدة ومنهج في الدين ثم يبني عليه أحكام شرعية ليست من الدين 0

وهل مثل ابن عباس يجرؤ على فعل ذلك وهو الذي دعا له الرسول – ودعاؤه مستجاب- فقال " اللهم فقهه في الدين وعلمه التأويل "

وهل يجرؤ على ذلك بقية كبار الصحابة ومنهم سعد بن أبي وقاص وأبو سعيد الخدري وغيرهم كعبد الله بن أبي أوفى (حديثه في صحيح البخاري)

وإذا تجرؤوا على ذلك فهل يجرؤ بقية الصحابة على السكوت على هذا المنكر الفاحش والضلال الذي فيه تحريف للشريعة 0

لقد أخبرنا الله تعالى عنهم أنهم يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر ويجاهدون في سبيل الله ولا تأخذهم في الله تعالى لومة لائم ولا يخشون إلا الله تعالى 0

إن إجماع الصحابة على شرعية هذا المنهج أمر واضح جدا لكل ذي بصيرة

وختاما:

مازال عندي الكثير والكثير من الأدلة ولكن أفضل تأجيلها لحين الحاجة إليها في وقتها المناسب خاصة وأنني قد بذلت الكثير من الوقت والجهد في كتابة هذا الموضوع مستخدما لوحة المفاتيح

إنني على يقين من حجية القياس الذي ثبت قطعيا,

وهذا هو الذي اتفق عليه جمهور علماء أصول الفقه

وكل شبهة أو اعتراض على صحة هذا المنهج فإنني – ان شاء الله تعالى – قادر على الجواب عنها وبيان بطلانها

والله المستعان وعليه التكلان

دعوة للقيام لله تعالى بالحوار والمناقشة:

وكما قال تعالى: (قُلْ إِنَّمَا أَعِظُكُم بِوَاحِدَةٍ أَن تَقُومُوا لِلَّهِ مَثْنَى وَفُرَادَى ثُمَّ تَتَفَكَّرُوا 00) (سبأ: 46)

فعلينا أن يكون قيامنا للمناقشة خالصا لله تعالى ثم نتفكر

مع مراعاة عدم وصف استدلال المخالف بألفاظ مثل: (الجهل وعدم العلم وعدم التمييز- والشغب والخلط)

وكذلك مراعاة عدم استخدام الأساليب الساخرة مثل: (التطبيل - هذا ليس طرح بقدر ما هو اضطراح! ... كلامك علمي " مكرر " و معلوم " معلب- المناقشة القوامية (

وأرى أن هناك عبارات مختصرة ولطيفة يمكن قولها للمخالف مثل:

" قد جانبك الصواب اخي الكريم في استدلالك هذا"

أو: " استدلالك قد جانب الصواب" أو: " استدلالك ابتعد عن الصواب"

فهذا العبارات فيها تأكيد وإخبار ولذلك تُستخدم عندما تكون على يقين من خطا المخالف

أما إذا كانت المسألة محتملة فأفول له مثلا:

" أرى – من وجهة نظري- أن استدلالك قد جانبه الصواب"

أو: " أرى – من وجهة نظري - أن اعتراضك بعيد عن الصواب"

أو: " أرى أن الصواب غير ما قلت أخي الكريم"

فما رأيكم في هذه العبارات في تخطئة المخالف؟ أليست ألطف من وصف الكلام بالشغب والخلط وأنه يدل علىعدم الإدراك وعدم العلم مما يؤدي إلى شحن الصدور بالبغض والنفور؟

والله المستعان

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير