و في البخاري (فسألنا رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الصرف، فقال: (إن كان يدا بيد فلا بأس، وإن كان نساء فلا يصلح) و هذا نص صريح في إباحة الصرف إن كان يدا بيد، أي أن بيع الذهب بالفضة مباح إن كان يدا بيد إذ لم يحرم النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - بيع الذهب بالفضة إلا نسيئة كما في البخاري أيضا (نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن بيع الذهب بالورق دينا). كما أن بيع الذهب بالذهب و الفضة بالفضة مباح إن كان يدا بيد سواء بسواء. فكل هذه الأنواع من الصرف مباحة.
إذن الصرف الذي أراده الراوي أبو نضرة والذي نهى عنه عمر و ابن عباس و أبو سعيد في الحديث المتقدم لابد أن يخرج منه كل هذه الأنواع المباحة، و نهيهم كان عن الصرف عند اتفاق الصنف أي الذهب بالذهب أو الفضة بالفضة (مع التفاضل)، و هذا منصوص عليه في الحديث (فالتمر بالتمر أحق أن يكون ربا أم الفضة بالفضة)
أي أن سؤال أبي نضرة كان عن الفضة بالفضة و ليس الصرف على إطلاقه.
ثالثا:
القياس هو إلحاق المسكوت عنه بالمنصوص عليه و كلا من الفضة و التمر منصوص عليهما في الحديث (الذهب بالذهب و الفضة بالفضة و البر بالبر و الملح بالملح و الشعير بالشعير والتمر بالتمر، سواء بسواء،يدا بيد فإذا اختلفت هذه الأصناف فبيعوا كيف شئتم إذا كان يدا بيد) فأين القياس في ذلك؟
و لو فرضنا جدلا أن الفضة مسكوت عنها، فلم يقم أحد من القياسيين باستخدام هذا القياس العجيب الذي لا يمت لقياس العلة بصلة في تحديد أصناف مسكوت عنها في باب الربا. فكيف يحتج المرء بما لا يأخذ به؟
و قد سبق بيان حقيقة ما سماه الأخ أبو إسلام بالمنهج الدال على القياس، فلا داعي للتكرار.
إبطال الدليل السادس:
روى الإمام مالك في الموطأ عن عبد الله بن يزيد أن زيداً أبا عياش أخبره أنه سأل سعد بن أبي وقاص عن البيضاء بالسلت فقال له سعد: أيتهما أفضل. قال البيضاء فنهاه عن ذلك وقال سعد: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يسأل عن اشتراء التمر بالرطب فقال رسول الله عليه وسلم: أينقص الرطب إذا يبس فقالوا نعم فنهى عن ذلك ")
(البيضاء: هو الشعير 0 والسُلت: نوع من الشعير لا قشر له (
السؤال الذي يطرح نفسه:
هل البيضاء و السلت صنف واحد أم صنفان؟
و هل اختلاف الاسم يعني اختلاف الصنف دائما، أم قد يأخذ الصنف الواحد عدة أسماء لتمييز الأفضل منه أو لتمييز درجاته؟
من الواضح أن سعد بن أبي وقاص جعل البيضاء و السلت صنفا واحدا، لأنه أجرى عليهما ربا الفضل، و هو لا يجري إلا على الصنف الواحد لقول النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - (إذا اختلفت هذه الأصناف فبيعوا كيف شئتم إذا كان يدا بيد)
و اراد سعد بقوله (سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يسأل عن اشتراء التمر بالرطب فقال رسول الله عليه وسلم: أينقص الرطب إذا يبس فقالوا نعم فنهى عن ذلك ")
أراد أن يبين للسائل ألا يغتر باختلاف الأسماء لأنها لا تعني بالضرورة اختلاف الأصناف، فالتمر و الرطب صنف واحد رغم اختلاف اسمهما. فالهدف كما قلت سابقا تفهيم السائل و تقريب المعنى إلى ذهنه.
و من اعترض على ذلك و قال أن هذا قياس فليبين وجه الشبه بين بيع البيضاء بالسلت و بيع التمر بالرطب، إذ لا يجمعهما شبه ألبته، فالتفاضل بين البيضاء و السلت ثابت من الأصل و التفاضل بين التمر والرطب مبني على نقصان الرطب إذا جف.
(تنويه: القول أن البيضاء و السلت صنف واحد يحتاج بحث و تحقيق ليس هذا مجاله)
إبطال الدليل السابع:
ما أخرجه الإمام الدارقطني نا محمد بن مخلد نا عبد الله بن أحمد بن حنبل حدثني أََبي نا سفيان بن عيينه نا إدريس الأودي عن سعيد بن أبي بردة وأخرج الكتاب فقال: هذا كتاب عمر ... إلى أبي موسى الأشعري أما بعد ..... " وفيه .... الفهم الفهم فيما يختلج في صدرك مما لم يبلغك في القرآن والسنة , اعرف الأمثال والأشباه ثم قس الأمور عند ذلك ... "
وجه الاستدلال
هذا أمر صريح من عمر بن الخطاب – رضي الله عنه – بالقياس فيما ليس فيه نص بعينه وما كان عمر ليأمر بذلك إلا إذا قام الدليل القاطع عنده على مشروعيته وحجيته وإلا كان ذلك تشريعا بغير دليل ومثل ذلك لا يصدر عن عمر – رضي الله عنه-
أولا:
¥