لا فرق بين في المدلول العام بين قوله (و أحسب كل شئ مثله) و (لا أحسب كل شئ إلا مثله)
الفعل: أحسب
المفعول به: كل شئ
فإن كان الفعل يفيد الشك و عدم اليقين، فهذا دليل على عدم تأكيد حكم المفعول به (كل شئ) كدين واجب الإتباع.
فلنتأمل هذه الآيات:
# (يحسب أن ماله أخلده)
# (يحسبون الأحزاب لم يذهبوا وإن يأت الأحزاب يودوا لو أنهم بادون في الأعراب يسألون عن أنبائكم ولو كانوا فيكم ما قاتلوا إلا قليلا)
# (أم يحسبون أنا لا نسمع سرهم ونجواهم بلى ورسلنا لديهم يكتبون)
# (يحسبون كل صيحة عليهم هم العدو فاحذرهم قاتلهم الله أنى يؤفكون)
# (أم حسب الذين يعملون السيئات أن يسبقونا ساء ما يحكمون)
# (أم حسب الذين اجترحوا السيئات أن نجعلهم كالذين آمنوا وعملوا الصالحات سواء محياهم ومماتهم ساء ما يحكمون)
# (أم حسب الذين في قلوبهم مرض أن لن يخرج الله أضغانهم)
فهل يبقى لأحد شك في أن الفعل (أحسب) لا يدل إلا على الشك و الظن و لا يمت لليقين بصلة؟
إن بقي الشك عند أحد فليذهب إلى معاجم اللغة، لتحقيق معنى اللفظ، و ليدع شهداءه من أهل اللغة، و ليضبط أقواله حتى لا يطعن في أحد الآيات السابقة دون أن ينتبه.
أخي الحبيب أبو إسلام:
من أين جئت بهذا الاتهام لي:
فإذا كانت هذه هي طريقة فهمكم لكلام ابن عباس الصريح
فكيف تزعمون القدرة على فهم الكتاب والسنة بأنفسكم بعيدا عن فهم أهل العلم؟!!!
هل قلت لك أنني أفهم بعيدا عن فهم أهل العلم؟ أم أنك تعلم خائنة الأعين و ما تخفي الصدور؟
أنا أعرض أقوال أهل العلم على الكتاب و السنة، فما وافقهما فأهلا به، و ما لم يقم عليه دليل منهما فلست بحاجة إليه.
و قد قال تعالى (قل هاتوا برهانكم إن كنتم صادقين) فكل قول بلا برهان هو قول مردود.
إبطال الدليل الخامس:
ما رواه الإمام مسلم عن أبي نضرة قال:
" فإني لقاعد عند أبي سعيد الخدري فسألته عن الصرف فقال ما زاد فهو ربا فأنكرت ذلك 00 فقال لا أحدثك إلا ما سمعت من رسول الله صلى الله عليه وسلم جاءه صاحب نخله بصاع من تمر طيب وكان تمر النبي صلى الله عليه وسلم هذا اللون فقال له النبي صلى الله عليه وسلم أنى لك هذا قال انطلقت بصاعين فاشتريت به هذا الصاع فإن سعر هذا في السوق كذا وسعر هذا كذا فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ويلك أربيت0 إذا أردت ذلك فبع تمرك بسلعة ثم اشتر بسلعتك أي تمر شئت 0قال أبو سعيد::فالتمر بالتمر أحق أن يكون ربا أم الفضة بالفضة 0 قال فأتيت بن عمر بعد ذلك فنهاني ولم آت بن عباس قال فحدثني أبو الصهباء أنه سأل بن عباس عنه بمكة فكرهه "
قال الإمام البيهقي: " فكان هذا قياسا من ابي سعيد للفضة على التمر"
قلتُ (ابو إسلام): وفعل ذلك أيضا ابن عمر وابن عباس رضي الله تعالى عنهما كما هو مصرح به في هذا الحديث
والصرف هو بيع الفضة بذهب (انظر شرح الإمام النووي لصحيح مسلم باب الربا (
فكيف افتى أبو سعيد السائل؟
لقد ذكر أولا قول النبي صلى الله عليه وسلم في بيع التمر بالتمر (وهي مسألة غير مسألة الصرف المسئول عنها)
ثم قال:" فالتمر بالتمر أحق أن يكون ربا أم الفضة بالفضة؟ "
أي أن أبا سعيد الخدري قد أفتى السائل بان الفضة بالفضة أولى بالتحريم من التمر بالتمر 0
وهذا هو المنهج الذي تعلمه من النبي صلى الله عليه وسلم
وقد فهم ذلك ايضا وافتي بموجبه كل من ابن عمر وابن عباس كما في الحديث
وهو نفس المنهج الذي اتبعه النبي صلى الله عليه وسلم في قوله "فدين الله أحق أن يُقضى" أي أولى بوجوب القضاء
وهذا المنهج هو أن الواقعة إذا كان لها حكم شرعي لوصف تتصف به فإن هذا الوصف إذا وُجد في واقعة أخرى بصورة أقوى فإنها تأخذ نفس الحكم من باب الأولى 0
أولا:
قول البيهقي كان هذا (قياسا)، لا يعني القياس الأصولي، و لا يصح التعلق بلفظ و إسقاطه على المعنى الذي نريده دون الوقوف على مراد قائله.
ثانيا:
الصرف هو بيع النقد بالنقد، و يشمل ذلك بيع الذهب بالذهب و الفضة بالفضة و الذهب بالفضة، و ليس بيع الفضة بذهب فقط.
¥