تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

وهو أن الخلاف موجود أيضا فيما يراه هو قطعيا

فالخلاف بين أئمة الحديث واقع في تحقق شرط العدالة في راو معين (تحقيق المناط)

وواقع أيضا في تحقق شرط كونه ثقة

ومع ذلك فكل منهم يقطع بأنه يجب عليه العمل بما غلب على ظنه من حال الراوي

فيبني على ذلك رفض أو قبول روايته

ثم يبني على ذلك إثبات أو نفي حكم شرعي دلت عليه هذه الرواية

ولذلك تم وضع قواعد لكي يتم بقدر الإمكان ضبط هذا الخلاف في الجرح والتعديل مثلا:

وهو قاعدة: " المُثبت مقدم على النافي"

وقاعدة: " الجرح المفسر مُقدم على التعديل"

وأنه لا يجوز صرف اللفظ عن معناه الظاهر إلى معنى بعيد يحتمله؛ إلا إذا دل على ذلك دليل شرعي صحيح

وغير ذلك من القواعد المستخدمة في الترجيح في الفقه أيضا عند تعارض الأدلة في نظر المجتهد

@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@

ثالثا: القطع والظن في دلالة اللفظ:

كما هو واضح أن حفظ الدين إنما هو بالنسبة إلى كل المسلمين وليس إلى آحادهم 0 لأن الله تعالى لم يتكفل بوصول كل الأحاديث الثابتة إلى كل مسلم بمفرده 0 وإنما تكفل بحفظها من حيث الجملة 0 ثم قد يغيب عن أحد المجتهدين العلم ببعضها 0 وهذا أمر واقع ولا يحتاج إلى برهان

وأذكر هنا مثالين للتوضيح:

المثال الأول:

نعلم جميعا أنه قد يصل إلى المجتهد حديث فيه لفظ عام , ولا يصل إلى علمه حديث آخر مخصص لهذا العموم: وهنا سؤالان:

السؤال الأول:

في هذه الحالة ما هو الواجب فى حق هذا المجتهد؟

الجواب:

أن الواجب عليه هو العمل بالعموم وهذا هو أيضا مذهب الإمام ابن حزم

السؤال الثاني:

هل يستطيع هذا المجتهد القطع او الحلف والقسم بأن القول بالعموم هو الحق عند الله تعالى فى واقع الأمر وأنه لا يوجد له مخصص؟

أم أنه يفيد عنده غلبة الظن لاحتمال وجود مخصص لم يعلمه هو وعلمه غيره؟

الجواب واضح:

وهو أنه لا يستطيع القطع بذلك لاحتمال وجود مخصص لم يعلمه هو وعلمه غيره 0

ولكنه يقطع بأن حكم الله تعالى في حقه هو وجوب العمل بما بلغه من العموم

الخلاصة:

أن القطع هنا إنما هو في وجوب العمل بما بلغه 0 أما كون أن هذا هو حكم الله تعالى في الواقع بدون مخصص فهذا عنده ليس قطعيا بل إنما هو غالب الظن الذي قد يقترب من درجة القطع ولكنه ليس يقينيا ولا قطعيا

لإحتمال وجود دليل مخصص لم يبلغه هو , وعلمه غيره

وهذا برهان عقلي ضروري

=========== ======== ======= ========= =======

المثال الثاني:

من المقرر أن " الأمر يدل على الوجوب ما لم يصرفه دليل صحيح إلى غير ذلك " , وذلك أنه قد ترد صيغة أمر فيذهب المجتهد إلى القول بوجوب فعل المأمور به , وهذا الوجوب إنما يثبت عند المجتهد بطريق ظني وليس قطعيا.

لماذا؟

لأنه قد يكون هناك حديث صحيح يصرف هذا الأمر إلى الاستحباب ولكن المجتهد لم يطلع على هذا الحديث لأسباب معلومة في علوم الحديث ومع ذلك فإنه يجب على المجتهد القول بالوجوب ما لم يبلغه الدليل الصارف عن هذا الوجوب إلى الإستحباب

وهذا أمر مقرر في علم أصول الفقه

@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@

رابعا: القطع والظن عند تطبيق ما جاء به الدليل:

فيما يختص بالشاهد العدل أمام القضاء:

فالإمام ابن حزم يقول:

" العدل هو من لم ُتعرف له كبيرة ولا مجاهرة بصغيرة " المحلى 9/ 393

قلتُ (أبو إسلام):

ولا نستطيع الحلف أو القسم بأن فلاناً عدل في حقيقة الأمر , وإنما هذا أمر يتوقف على الظاهر فقط , وبذلك فالحكم بعدالة فلان إنما هو حكم ظني وليس قطعياً.

لماذا؟

لأنه قد يفعل كبيرة في السر ولا يظهرها أمام الناس.

وبالتالي لا تُعرف عنه هذه الكبيرة , فهنا الحكم بعدالته إنما هو ظني أو بغلبة الظن بحسب ما يظهر من أفعاله أمام الناس.

ويدل على ذلك ما رواه الإمام البخاري عن عمر بن الخطاب أنه قال:

" أن أُناساً كانوا يؤخذون بالوحي على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم وأن الوحي قد انقطع , وإنما نأخذكم الآن بما ظهر من أعمالكم , فمن أظهر لنا خيراً أمنّاه وقربناه وليس لنا من سريرته شيء الله يحاسبه في سريرته

"

وقد ذكر الإمام ابن حزم هذا الخبر ثم قال:

" قلنا هذا خبر صحيح عن عمر وكل ما ذكرنا عنه فمتفق على ما ذكرنا من أن كل مسلم فهو عدل ما لم يظهر منه شر " المحلى 9/ 394

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير