تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

و أسألك هل يقع اسم القياس عند النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - على نفس المسمى الذي يقع فيه عند غيره، فإن قلت نعم فقد أحوجت النبي للقياس و هذا باطل، و إن قلت لا فقد أقررت أن قياس النبي ليس قياسا بمعناه الأصولي.

فإن قلت أراد بذلك إرشادنا إلى القياس ..

سألتك كيف ينهانا عن السؤال عن كل أمر مسكوت عنه ثم يرشدنا إلى ذلك، و لن تجد ردا!

و سألتك كيف ينهانا عن التنازع و الأحكام القياسية مختلف فيها بين راجح ومرجوح و لا تحل تنازعا، ولن تجد ردا!

ظاهر كلامك هنا أنك تقول: إن الخلاف في القياس خلاف سائغ؟ والمخطئ فيه من أهل العلم معذور؟

وظاهر كلامك السابق أن القياس هذا ابتداع في دين الله، وتشريع مع الله، وإدخال أشياء في دين الله ليست منه، وهو محرم؛ لأنه عمل بالظن وهو باطل لا يجوز

لا خلاف سائغ في الدين لقوله تعالى:

(وما أنزلنا عليك الكتاب إلا لتبين لهم الذي اختلفوا فيه وهدى ورحمة لقوم يؤمنون)

(وآتيناهم بينات من الأمر فما اختلفوا إلا من بعد ما جاءهم العلم بغيا بينهم)

لأن الدين علم و ليس ظنا، و الاختلاف لا يأتي من العلم، و من اختلف بعد أن جاءه العلم فهو من البغاة بنص الآية.

فمتى يكون الآخذ بالقياس معذورا؟

عندما يغيب عن ذهنه أدلة إبطاله، و يرى أن هناك أدلة تثبت القياس فيأخذ بذلك دون تعمد الخطأ، و برهان ذلك قوله تعالى (ليس عليكم جناح فيما أخطأتم به و لكن ما تعمدت قلوبكم).

فإن وقف على أدلة إبطال القياس و لم يستطع لها ردا، و تبين له بطلان ما استند إليه في إثبات القياس تقوم عليه الحجة و يسقط عنه العذر.

والذي أظنه أنك أنت الذي عنده خلط بين (الخطأ في الأصول) و (الخطأ في الفروع) [] ليس عندي و لا عند نفاة القياس شئ اسمه الفروع، الدين كله أصول.

و أسألك: هل أوجب الله أحكام ما تسمونه الفروع؟

فإن قلت نعم، فما الفرق بينها و بين الأصول؟

و إن قلت لا، فهذا قول عظيم لأنك أذنت لغير الله بالتشريع في الدين.

فلا بد أن نتفق في بعض الأصول التي هي أصل للنقاش في هذه المسألة؛ مثل ما يلي:

كل (ما يلي) سبق الرد عليه و بيان حقيقته و لم أجد منك ردا ..

فلم لا ترد على كل ما سبق بدلا من تكرار الكلام؟

= الدليل القطعي هو ما لا تختلف فيه الفهوم

.قلت فيما سبق:

الدليل القطعي هو العلم الذي أذن الله لنا الأخذ به.

النص لا تحتمل الفهم المتعدد. و تعدد الفهوم لا يكون إلا لخطأ عند الفاهمين.

لا يجوز صرف النص عن ظاهره إلا بنص آخر مبين أو إجماع متيقن، لقوله تعالى (و ما أرسلنا من رسول إلا بلسان قومه ليبين لهم)، فمادامت مهمة النص البيان لا الإشكال فلا يصح القول بأن الدلالة غير الظاهرة معتبرة، لأنه بذلك يقع الإشكال بين الدلالة الظاهرة و الدلالة غير الظاهرة فيفقد النص صفة البيان. كما يفقد النص بذلك صفة التيسير التي أقرها الله تعالى بقوله (فإنما يسرناه بلسانك). و من ذلك نصل إلى أن الدلالة الظاهرة تفيد القطع ما لم يصرفها عن ظاهرها صارف.

الخلاف في فهم الآية إما سببه الخطأ في الفهم، و يمكن حل هذا الخلاف بالرجوع إلى النص قطعا و ليس بالتقليد و الفهم بفهم العقلاء، فقد قال تعالى (أفلا يتدبرون القرآن أم على قلوب أقفالها) فوصف كل من لم يتدبر القرآن بأن على قلبه قفل.

أو يكون الخلاف سببه تحميل الآية ما لا تحتمل من دلالات، و تجنب هذا الخلاف يكون بالالتزام بقول الله تعالى (و لا تقف ما ليس لك به علم (فنقول (لا ندري).

و لن تجد خلافا يخرج عن هذين الوجهين.

و بذلك تكون كل النصوص قطعية الدلالة.

فأين ردك على هذا؟

الظن الراجح يجوز العمل به في الشرع

سبق و قلت:

كل ظن غير العلم أو اليقين هو باطل شرعا سواء كان راجحا أو مرجوحا و دليل ذلك قول الله تعالى:

(ولا تقف ما ليس لك به علم إن السمع والبصر والفؤاد كل أولئك كان عنه مسؤولا)

فهذا نهي صريح عن أن نتبع ما ليس لنا به علم، و الظن (بشقيه الراجح مهما كان غالبا و المرجوح) لا يدخل في مسمى العلم. فعلمنا أنه لا يجوز لنا اتباعه.

و قال تعالى (قل هل عندكم من علم فتخرجوه لنا إن تتبعون إلا الظن وإن أنتم إلا تخرصون) و قال تعالى (وما لهم به من علم إن يتبعون إلا الظن وإن الظن لا يغني من الحق شيئا (

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير