ودعك من الحديث عن أقيسة النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - و أنت تخشى إيراد شئ منها حتى لا تنكشف حقيقة ما تزعم أنه أقيسة للنبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -، فإن كنت تملك القدرة على الإقناع بأن أقيسة النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - مثل أقيسة الأصوليين فاتنا ببعضها (بشرط صحة السند) و أوضح أوجه الشبة بينها و بين أقيسة الأصوليين، و لكني أعلم أنك لن تأتي بشئ حتى لا تنكشف حجتك المتوهمة.
أين نهانا الله عز وجل عن التنازع؟ هل تقصد {ولا تنازعوا فتفشلوا}؟
هذه الآية في الحرب كما هو معلوم من سياق الآيات وأسباب النزول
كلامك باطل عند الجميع حتى أهل القياس لأنه يخالف قاعدة معروفة و هي أن العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب.
كما أن النهي عن التنازع ليس مأخوذا من هذه الآية و حدها ..
تأمل:
(وما أنزلنا عليك الكتاب إلا لتبين لهم الذي اختلفوا فيه وهدى ورحمة لقوم يؤمنون)
(فما اختلفوا إلا من بعد ما جاءهم العلم بغيا بينهم إن ربك يقضي بينهم يوم القيامة فيما كانوا فيه يختلفون)
(أن أقيموا الدين ولا تتفرقوا فيه)
الله عز وجل أرشدنا عند التنازع كيف نعمل، فلو كان التنازع محرما لم يرشدنا إلى كيفية حله، هل تفهم؟!
نعم أفهم .. ليس الكلام فقط بما فيه من إباحة للتنازع و إنكار لقواعد متفق عليها ..
و لكن أفهم أنك تريد الانتصار لرأيك برد النص .. تريد إثبات القياس بما فيه من تنازع بتشريع التنازع ... و ما أعظم هذا القول لو كنت تعلم!!
وليس العمل عند التنازع محصورا بالرد إلى الكتاب والسنة كما في قوله تعالى: {فإن تنازعتم في شيء فردوه إلى الله والرسول}؛ لأن هناك نصوصا كثيرة فيها طريقة حل التنازع بغير ما في هذه الآية، فقد أمر الله عز وجل في التنازع بين الزوجين بقوله {فابعثوا حكما من أهله وحكما من أهلها)
وأمر بالرد إلى ذوي عدل عند قتل الصيد {يحكم به ذوا عدل منكم}، فليس الحصر مرادا.
كلام لا يثبت شيئا، و لا يدل على مشروعية النزاع، و آية قتل الصيد لا تنازع فيها أصلا، والنزاع بين الزوجين إن كان متعلقا بالحقوق الذي شرعها الله للزوجين فلابد أن يرد الحكمان الأمر إلى الله ورسوله. و إن كان نزاع في أمر مسكوت عنه فهو عفو لهم أن يحكموا فيه بما يشاءون. و النص هو الذي جعله عفوا، و ذلك هو الرد لله و رسوله حتى في المسكوت عنه.
وأما قولك (الأحكام القياسية مختلف فيها بين راجح ومرجوح) فهذا مبني على مسألة (العمل بالظن الراجح) وأنت ترفض النقاش فيها!
ليس ذلك مبنيا على العمل بالظن الراجح، فالقياسيون يختلفون في الترجيح و الراجح عن قوم مرجوح عند آخرين. و لا سبيل لحل التنازع في ذلك أبدا.
أما مسألة العمل بالظن الراجح فراجع الاقتباس أعلاه .. فيظهر إن كنت أنا الذي أرفض النقاش فيها أم أنت الذي تتهرب من الرد على سقته فيها ..
عندما أم أبو بكر الناس ثم جاء النبي صلى الله عليه وسلم فأشار إليه أن مكانك، ومع ذلك رجع أبو بكر وتقدم النبي صلى الله عليه وسلم، فأبو بكر هنا خالف الأمر في الظاهر، فهل كان ذلك من أبي بكر رضي الله عنه على طريق الظن الراجح أو على طريق القطع؟
على سبيل القطع بمشروعية ما فعله، و لو لم يعلم مشروعية ذلك من النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -، لما فعلها و قد نبهه المأمومون إلى مقدم النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فدل ذلك أن تبديل الإمام كان مشروعا عندهم.
أما حديثك عن تراجعي عن الدليل السادس من أدلة إبطال القياس في محاولة منك لإثبات اتباعي للظن فأقول أعد قراءة ردي على مبحث القطع و الظن في الأدلة الشرعية ..
هنا
http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showpost.php?p=470524&postcount=61
و حاول أن تفهمه ..
فلو حصرت أخطاءك في الفهم في هذا الموضوع لجئت بما يشيب له الولدان ..
و حاول تعرف معنى أن احتمال الخطأ لا يقدح العلم، و أن على الإنسان أن يقطع بما علم، و أن ما أذن الله بتحقق العلم به على المرء أن يقطع به و لو كان ظاهره الظن، و قد أذن الله بتحقق العلم القطعي بخبر الواحد الثقة رغم احتمال الخطأ و النسيان، و لذا فقد عفا عن الخطأ فقال (ليس عليكم جناح فيما أخطأتم به و لكن ما تعمدت قلوبكم).
¥