تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

ينظر فيه في كل مسألة بحسبها

كما بين ابن القيم رحمه الله أن حصول النزاع ليس دليلا على انتفاء حكم الإجماع قال في الإعلام1/ 342:" قال الآخرون الحكم إذا كان إنما ثبت بالإجماع وقد زال الإجماع زال الحكم بزوال دليله فلو ثبت الحكم بعد ذلك لثبت بغير دليل وقال المثبتون الحكم كان ثابتا وعلمنا بالإجماع ثبوته فالإجماع ليس هو علة ثبوته ولا سبب ثبوته في نفس الأمر حتى يلزم من زوال العلة زوال معلولها ومن زوال السبب زوال حكمه وإنما الإجماع دليل عليه وهو في نفس الأمر مستند إلى نص أو معنى نص فنحن نعلم أن الحكم المجمع عليه ثابت في نفس الأمر والدليل لا ينعكس فلا يلزم من انتفاء الإجماع إنتقاء الحكم بل يجوز أن يكون باقيا ويجوز أن يكون منتفيا لكن الأصل بقاؤه"

فلا يجب أن نغفل عن مستند الإجماع الذي هو أصل ثبوت الإجماع وحجيته فاستصحابنا لحال الإجماع استصحاب لمستنده في الحقيقة كما يفهم من كلام ابن القيم رحمه الله.

ثم إننا في مثل هذه المسائل نرجع إلى استصحاب الدليل -وهو الإجماع في هذه الحالة- وهو أولى من الرجوع إلى البراءة الأصلية التي هي بذاتها عموم واسع جدا.

بل جعل ابن قيم رحمه الله تعالى استصحاب الإجماع في محل النزاع هو الرجوع إلى البراءة الأصلية كما بينه في الإعلام1 ص 342

ومما يستأنس به لتقوية القول بحجية هذا الاستدلال أن الإجماع المستصحب قد يكون منقولا من أقوال الصحابة رضي الله عنهم فيكون لأقوالهم عموما أو إطلاقا يشمل المسألة المتنازع فيها

وفيما يلي مواضع بعض المسائل الفقهية من كتاب بداية المجتهد استدلوا فيها باستصحاب حال الإجماع في محل النزاع فالمسألة الأصولية لا تتجلى إلا بذكر فروعها وتطبيقاتها فأرجو من الإخوة الإطلاع عليها لمناقشتها وإفادتنا بما وقفوا عليه من مسائل تندرج تحت هذا الباب في كتب الفقه لا سيما من يرى حجية هذا الدليل نسأل الله عز وجل الهداية والسداد

المسألة الأولى

قال 1/ 69 - 70:"المسألة الرابعة اختلفوا في وقت العشاء الآخرة في موضعين أحدهما في أوله والثاني في آخره أما أوله فذهب مالك والشافعي وجماعة إلى أنه مغيب الحمرة وذهب أبو حنيفة إلى أنه مغيب البياض الذي يكون بعد الحمرة وسبب اختلافهم في هذه المسألة اشتراك اسم الشفق في لسان العرب فإنه كما أن الفجر في لسانهم فجران كذلك الشفق شفقان أحمروأبيض ومغيب الشفق الأبيض يلزم أن يكون بعده من أول الليل إما بعد الفجر المستدق من آخر الليل أعني الفجر الكاذب وإما بعد الفجر الأبيض المستطير وتكون الحمرة نظير الحمرة فالطوالع إذن أربعة الفجر الكاذب والفجر الصادق والأحمر والشمس وكذلك يجب أن تكون الغوارب ولذلك ما ذكر عن الخليل من أنه رصد الشفق الأبيض فوجده يبقى إلى ثلث الليل كذب بالقياس والتجربة وذلك أنه لا خلاف بينهم أنه قد ثبت في حديث بريدة وحديث إمامة جبريل أنه صلى العشاء في اليوم الأول حين غاب الشفق وقد رجح الجمهور مذهبهم بما ثبت أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يصلي العشاء ثم مغيب القمر في الليلة الثالثة ورجح أبو حنيفة مذهبه بما ورد في تأخير العشاء واستحباب تأخيره الصلاة إلى نصف الليل وأما آخر وقتها فاختلفوا فيه على ثلاثة أقوال قول إنه ثلث الليل وقول إنه نصف الليل وقول إنه إلى طلوع الفجر وبالأول أعني ثلث الليل قال الشافعي وأبو حنيفة وهو المشهور من مذهب مالك وروي عن مالك القول الثاني أعني نصف الليل وأما الثالث فقول داود وسبب الخلاف في ذلك تعارض الاثار ففي حديث إمامة جبريل أنه صلاها بالنبي عليه الصلاة والسلام في اليوم الثاني ثلث الليل وفي حديث أنس أنه قال أخر النبي صلى الله عليه وسلم صلاة العشاء إلى نصف الليل خرجه البخاري وروي أيضا من حديث أبي سعيد الخدري وأبي هريرة عن النبي عليه الصلاة والسلام أنه قال لولا أن أشق على أمتي لأخرت العشاء إلى نصف الليل وفي حديث أبي قتادة ليس التفريط في النوم إنما التفريط أن تؤخر الصلاة حتى يدخل وقت الأخرى فمن ذهب مذهب الترجيح لحديث إمامة جبريل قال ثلث الليل ومن ذهب مذهب الترجيح لحديث أنس قال شطر الليل وأما أهل الظاهر فاعتمدوا حديث أبي قتادة وقالوا هو عام وهو متأخر عن حديث إمامة جبريل فهو ناسخ ولو لم يكن ناسخا لكان تعارض الاثار يسقط حكمها فيجب أن يصار إلى استصحاب حال الإجماع وقد اتفقوا

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير