تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

لقد أورد الإخوة الكرام إيرادات وانتقادات على حجية دليل استصحاب الإجماع في محل النزاع أود مناقشة بعضها وقبل ذلك رأيت أن أصدر لهذه المناقشة بمقدمات أراها مهمة لتحرير محل النزاع بين المثبت والمنكر لهذا الدليل فإن لم يوافقني الإخوة على بعض ما فيها شرعوا في مناقشتها قبل غيرها حتى يهدينا الله عز وجل إلى الحق فيهاا نسأل الله تعالى الهداية والسداد وهذه هي المقدمات:

1 - الإجماع حجة شرعية يجب اتباعها والمصير إليها ولا تجتمع الأمة إلا بدليل من الكتاب والسنة يسمى مستند الإجماع لا يجب البحث عنه ولا تشترط معرفته وهذا المستند يعرض له ما يعرض للنصوص من عموم وإطلاق وإجمال ...

2 - الصحيح أن الاستصحاب حجة سواء قلنا أنه دليل مستقل أوهو استدلال بالدليل المستصحب في نفس الأمر واستدلالنا بالاستصحاب لا يلزم منه تضمينه قطعية الدليل الذي استصحبنا حكمه إن كان قطعيا إلا إذا قطعنا بعدم الناقل وليست دلالة النص على المسألة استصحابا كدلالته عليها نصا كما نقول أنها ليست كدلالته عليها قياسا أو مفهوما أو اقتضاء وإن كنا نقول أن أصل هذه الدلالات هو النص الأصلي.

3 - لا اعتبار في الشرع للفروق التي لا تأثير لها في الحكم الشرعي كالوصف الطردي في القياس و ولولا ذلك لعطلنا العموم والقياس

4 - العموم والقياس والاستصحاب معان متشابهة تشترك في كون مقتضاها اندراج أفراد متشابهين تحت حكم واحد وهذا التشابه قد يكون علة بمعناها الأصولي التي تتحقق فيها الشروط المذكورة في باب القياس وقد يكون غير ذلك فالإلحاق في القياس يكون بالعلة وفي العموم بصيغ العموم وفي الاستصحاب بالبقاء على أصل الدليل وعدم الناقل، وعدم الناقل دليل على اشتراك المسألة التي لم يدل عليها الدليل نصا مع المسألة المنصوصة في بعض المعاني وعدم اعتبار الفروق بينهما ومما يوضح لنا اشتراك الاستصحاب والعموم في بعض المعاني أنهم قد ذكروا من أنواع الاستصحاب استصحاب العموم واختلفوا في تسمية ذلك استصحابا

بعد هذا أقول:

استصحاب الإجماع في محل النزاع من أنواع الاستصحاب لا من أنواع الإجماع ولا يقول أحد أن الحكم في المسألة المتنازع فيها من حيث القوة في الدلالة كقوته في الدلالة على المسألة المجمع عليها كما تقدم فلا مسوغ للاعتراض بأن لا إجماع في المسألة فالأمر معلوم ويسلم به الخصم ولا يصلح نفي الإجماع في المسألة المتنازع فيها لنسف الاستصحاب وغاية ما في الأمر انتفاء الإجماع قال ابن القيم في حكاية رد من أثبت استصحاب حكم الإجماع في محل النزاع على من استدل على انه لا إجماع في المسألة المختلف فيها إعلام الموقعين 1/ 341 - 342:" غاية ما ذكرتم أنه لا إجماع في محل النزاع وهذا حق ونحن لم ندع الإجماع في محل النزاع بل استصحبنا حال المجمع عليه حتى يثبت ما يزيله "

وهذا الاستدلال ليس قياسا كذلك لكنه يشبه القياس في عدم اعتبار الفارق غير المؤثر شرعا كما تقدم من تشابه القياس والاستصحاب في بعض المعاني.

وقال ابن القيم في إعلام الموقعين ص343 - 344:" ومما يدل على أن استصحاب حكم الإجماع في محل النزاع حجة أن تبدل حال المحل المجمع على حكمه أولا كتبدل زمانه ومكانه وشخصه وتبدل هذه الأمور وتغيرها لا يمنع استصحاب ما ثبت له قبل التبدل فكذلك تبدل وصفه وحاله لا يمنع الاستصحاب حتى يقوم دليل على أن الشارع جعل ذلك الوصف الحادث ناقلا للحكم مثبتا لضده كما جعل الدباغ ناقلا لحكم نجاسة الجلد وتخليل الخمرة ناقلا للحكم بتحريمها وحدوث الاحتلام ناقلا لحكم البراءة الأصلية وحينئذ فلا يبقى التمسك بالاستصحاب صحيحا"

أما أن الإجماع يقع إما على صورة وإما على معنى فهذا تفريق منطقي مقبول ولا يلزم منه عدم حجية هذا الاستدلال لأن الصورتين وإن افترقتا في بعض الأمور مع الشبه الكبير في أكثر الأمور فهما كالصورة الواحدة شرعا فلما لم نجزم أنهما على صورة واحدة مع ترجيحنا أن الفروق بينهما غير مؤثرة شرعا استصحبنا حال الإجماع في المسألة المتفق عليها. فمما لا شك فيه أن المسائل التي تكون بينها من الفروق الظاهرة الجلية الكثيرة التي دل الشرع على تأثيرها في الأحكام ليس بابها استصحاب الإجماع في محل النزاع وإنما نتكلم عن هذا الدليل في المسائل التي بينها من الشبه ما لا يخفى ولا تؤثر الفروق التي بينها شرعا وتأثير الفرق أو عدمه بحث آخر

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير