بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
من الإشكالات حول حجية دليل استصحاب الإجماع في محل النزاع:
*نسبة الاستدلال باستصحاب الإجماع إلى الظاهرية وحدهم وإلزام من من استدل به أن ينكر القياس.
*القول بأن كل ما اُستدل فيه باستصحاب الإجماع يمكن يستدل عليه بالقياس.
وسأحاول إن شاء الله تعالى التطرق إلى هذين الإشكالين في النقاط الآتية راجيا من المشايخ والإخوة الكرام المناقشة والإفادة:
1 - أثر المثال في رد الدليل
مثال التيمم تتابع عليه المؤلفون في علم الأصول (أنظر على سبيل المثال أصول السرخسي2/ 116 الإبهاج 3/ 170 التبصرة 1/ 527 المستصفى 1/ 160 المسودة 1/ 307 .... )
وتمسك بعضهم بالأمثلة المشكلة الأخرى كقضية بيع أم الولد (قال في البحر المحيط 3/ 125وَقَدْ احْتَجَّ ابْنُ دَاوُد عَلَى بَيْعِ أُمَّهَاتِ الْأَوْلَادِ فَقَالَ: اتَّفَقُوا عَلَى أَنَّهَا إذَا كَانَتْ أَمَةً تُبَاعُ , فَمَنْ ادَّعَى أَنَّ هَذَا الْحُكْمَ يَزُولُ بِوِلَادَتِهَا فَعَلَيْهِ الدَّلِيلُ. فَقَلَبَهُ عَلَيْهِ ابْنُ سُرَيْجٍ , وَقَالَ: اتَّفَقْنَا عَلَى أَنَّهَا إذَا كَانَتْ حَامِلًا لَا تُبَاعُ , فَمَنْ ادَّعَى أَنَّهَا لَا تُبَاعُ إذَا وَلَدَتْ فَعَلَيْهِ الدَّلِيلُ , فَبُهِتَ.)
فكثير من المنكرين لهذا الدليل استدلوا بهذين المثالين الذين يمكن بهما قلب الاستدلال على الخصم ثم الخلوص إلى تكافؤ الأدلة فإبطال الدليل، لذا كان من الضروري لمن يبحث عن حجية هذا الدليل اطراح مثل هذه الأمثلة التي تندرج تحت باب تعارض استصحابين، بل واطراح كل مثال فقهي تمسك به الظاهرية إذا أردنا أن نثبت أن هذا الدليل ليس من فرائدهم (ومنها أغلب الأمثلة المنقولة من بداية المجتهد)، و مناقشة أمثلة فقهية من استدلال أئمة غير الظاهرية فالقول بهذا الدليل منسوب إلى الشافعي والمزني و والصيرفي وَ أبي ثور وابْنِ سُرَيْجٍ وغيرهم
ـ[سيد أحمد مهدي]ــــــــ[20 - 08 - 07, 06:28 م]ـ
2 - أثر الخلاف بين المثبتين والمنكرين لاستصحاب الدليل عموما
قال في البحر4/ 30: "الرَّابِعَةُ: اسْتِصْحَابُ الدَّلِيلِ مَعَ احْتِمَالِ الْمُعَارِضِ: إمَّا تَخْصِيصًا إنْ كَانَ الدَّلِيلُ ظَاهِرًا , أَوْ نَسْخًا إنْ كَانَ الدَّلِيلُ نَصًّا , فَهَذَا أَمْرُهُ مَعْمُولٌ لَهُ بِالْإِجْمَاعِ. وَقَدْ اخْتَلَفَ فِي تَسْمِيَةِ هَذَا النَّوْعِ بِالِاسْتِصْحَابِ , فَأَثْبَتَهُ جُمْهُورُ الْأُصُولِيِّينَ وَمَنَعَهُ الْمُحَقِّقُونَ , مِنْهُمْ إمَامُ الْحَرَمَيْنِ فِي الْبُرْهَانِ " وَإِلْكِيَا فِي تَعْلِيقِهِ " , وَابْنُ السَّمْعَانِيِّ فِي الْقَوَاطِعِ " , لِأَنَّ ثُبُوتَ الْحُكْمِ فِيهِ مِنْ نَاحِيَةِ اللَّفْظِ لَا مِنْ نَاحِيَةِ الِاسْتِصْحَابِ. ثُمَّ قَالَ إمَامُ الْحَرَمَيْنِ: إنَّهَا مُنَاقَشَةٌ لَفْظِيَّةٌ
ويتوضح أثر هذا الخلاف لما نرى أن ابن حزم في إثباته استصحاب الدليل لم يفرق بين استصحاب النص واستصحاب الإجماع (الإحكام 3/ 404)،والسمعاني في إبطال الاستصحاب لم يفرق بين استصحاب النص واستصحاب الإجماع (القواطع2/ 35 وما بعدها)، لذا فالمنكرون للاستصحاب،أو لكون الاستصحاب دليلا مستقلا على القول بأن المناقشة لفظية، من باب أولى أن ينكروا استصحاب الإجماع، فالخلاف في تسمية هذا الدليل باستصحاب حال الإجماع وحجيته ينحصر ابتداء بين المثبتين للاستصحاب أما الخلاف مع من ينكر الاستصحاب أصلا فيأخذ منحى آخر
ـ[سيد أحمد مهدي]ــــــــ[20 - 08 - 07, 06:30 م]ـ
3 - مستند الإجماع معلوم في كثير من الأحيان وقد يراد بالاتفاق اتفاق الخصمين
مما يعرقل المناقشة ويصعب التصور النظري لهذا الدليل فرض عدم العلم بالمستند الذي انعقد عليه الإجماع المستصحب، وإلا فقد اتضح في بعض أمثلة استصحاب حكم الإجماع في محل النزاع-كما سبق وكما سوف يأتي إن شاء الله تعالى- أن المستند قد يكون معلوما، وهذا يساعد في فهم الدليل بشكل كبير، بل الغالب -والله أعلم- أن يعلم المستند في المسائل التي بابها هذا الدليل، لأن من يستدل بهذا النوع من الاستصحاب لا يلجأ إليه إلا عند تعارض الأدلة والآثار، فيعتمد على الإجماع الواقع على قدر من حكم أحد الدليلين المتعارضين،ويستصحبه في المسألة المتنازع فيها، وإن كان التأصيل النظري مع
¥