فرض عدم العلم بالمستند يستقيم أيضا –حسب رأيي-.
فقولهم أجمعوا في مثل هذه المسائل قد يكون إجماعا على دلالة معينة لنص ما، أو إجماعا على دلالته على بعض أفراده ثم الاختلاف في دلالته على أفراد آخرين، وبشكل أعم هو إجماع على قدر مشترك من فهم العلماء لنص من النصوص أو مجموعة منها والخلاف فيما زاد عنه.
ـ[سيد أحمد مهدي]ــــــــ[20 - 08 - 07, 06:35 م]ـ
4 - إخراج بعض الصور المشتبهة:القياس على إجماع والإجماع على عموم
هناك بعض المسائل الأصولية تتداخل مع مسألتنا في الصورة والجامع بين هذه المسائل: رد ما اختلفوا فيه إلى ما أجمعوا عليه نذكر منها مسألتين:
القياس على أصل ثابت بالإجماع
*ومثاله ما ذكر ابن عبد البر في الاستذكار 1/ 286:" ولم يختلف العلماء فيما عدا المني من كل ما يخرج من الذكر أنه نجس وفي إجماعهم على ذلك ما يدل على نجاسة المني المختلف فيه ولو لم تكن له علة جامعة بين ذلك إلا خروجه مع البول والمذي والودي مخرجا واحدا لكفى"
*وقوله في الاستذكار 1/ 402 في مسألة الأذان قبل الوقت في صلاة الصبح:"ومن حجتهم أيضا أن سائر الصلوات قد أجمعوا أنه لا يجوز لها الأذان قبل وقتها واختلفوا في الصبح فواجب أن ترد الصبح قياسا على غيرها إذ لم يجمعوا فيها على ما يجب التسليم له "
*وقوله في الاستذكار 2/ 307:" وأما قوله كان يخرج يديه في اليوم الشديد البرد من تحت برنس له فإن ذلك مستحب مأمور به عند الجميع والدليل على ذلك إجماع الجميع على أن المصلي يسجد على ركبتيه مستورتين بالثياب وهي بعض الأعضاء التي أمر المصلي بالسجود عليها فكذلك سائر أعضائه إلا ما أجمعوا عليه من كشف الوجه"
الإجماع على عموم حكم
ومن المسائل الأكثر اشتباها وتداخلا مع مسألتنا الإجماع على عموم حكم في ما يندرج تحته ثم الخلاف بين من أخرج بعض الأفراد من هذا العموم المجمع عليه، وبين من تمسك بأصل العموم، *مثاله قوله في الاستذكار 2/ 415:" ومن حجة من قال بالجهر في صلاة الكسوف إجماع العلماء على أن كل صلاة سنتها أن تصلى في جماعة من الصلوات المسنونات فسنتها الجهر كالعيدين والاستسقاء قالوا فكذلك الكسوف"
* وقوله الاستذكار2/ 124 وقد أجمع العلماء أنه لا تقطع صلاة فريضة لصلاة مسنونة فيما عدا الوتر واختلفوا في قطعها للوتر فالواجب رد ما اختلفوا فيه إلى ما أجمعوا عليه"
ـ[سيد أحمد مهدي]ــــــــ[20 - 08 - 07, 06:39 م]ـ
5 - التلازم بين الظاهرية وهذا الدليل وسببه:
قال ابن حزم رحمه الله في الإحكام 3/ 404مؤصلا الأخذ بهذا الدليل:" وأما الذي عملنا فيه بأن سميناه استصحاب الحال فكل أمر ثبت إما بنص أو إجماع فيه تحريم أو تحليل أو إيجاب ثم جاء نص مجمل ينقله عن حاله فإنما ننتقل منه إلى ما نقلنا النص فإذا اختلفوا ولم يأت نص ببرهان على أحد الوجوه التي اختلفوا عليه وكانت كلها دعاوى فإذا ثبت على ما قد صح الإجماع أو النص عليه ونستصحب تلك الحال ولا ننتقل عنها إلى دعاوى لا دليل عليها "
وقال ابن رشد في بداية المجتهدص1192:"ومما اعتمد عليه أهل الظاهر في هذه المسألة (أي بيع أم الولد) النوع من الاستدلال الذي يعرف باستصحاب حال الإجماع وذلك أنهم قالوا لما انعقد الإجماع على أنها مملوكة قبل الولادة وجب أن تكون كذلك بعد الولادة إلى أن يدل الدليل ذلك وقد تبين في كتب الأصول قوة هذا الاستدلال وأنه لا يصح عند من يقول بالقياس وإنما يكون ذلك دليلا بحسب رأي من ينكر القياس "
وقال في الضروري 96 - 97:"والخامس استصحاب الإجماع أو بالجملة الحكم الشرعي الثابت بالنقل في موضع يظن أنه أن المحكوم عليه قد تغير حكمه لتغيره في نفسه كبيع أم الولد وما أشبه ذلك وهذا الاستدلال يراه أهل الظاهر وهم لازمون في ذلك لأصولهم لأن من لا يجوز في الشرع النوع من النظر الذي يسمى عند أهل الصناعة بالقياس فالأشياء كما أنها عندهم على البراءة الأصلية حتى يرد دليل السمع كذلك إذا ورد دليل الشرع بقي على حكمه وإن تغيرت أوصافه حتى يرد دليل الارتفاع وكان الحال ههنا بالعكس في استصحاب البراءة الأصلية لأن هناك كان العدم أظهر فوجب الدليل على المثبت وههنا الوجود أظهر فوجب الدليل على النافي وأما من يرى القياس في الشرع فيلزمه ألا يقول بمثل هذا الاستصحاب لان له أن يقول نحن مكلفون بالنظر في القياس فيما ليس فيه نص وهذا قد تغير وصفه فله حكم ما لم يرد فيه نص إذ تغير الوصف يوجب تغير الحكم"
فأخذ الظاهرية بهذا الدليل ونسبته إليهم لا غبار عليها فما هو سبب هذا الارتباط؟
ـ[سيد أحمد مهدي]ــــــــ[20 - 08 - 07, 06:45 م]ـ
الظاهرية –كما قال ابن رشد- لازمون لأصولهم في الأخذ بهذا الدليل، فمن هذه الأصول أن ما ثبت بإجماع لا ينتقل عنه إلا بإجماع مثله، وهذا القول منسوب إلى بعض أصحاب الشافعي كما في المسودة1/ 307،ومن هذه الأصول أيضا أن الإجماع لا يترك بقياس لأنه ليس بدليل مطلقا عند الظاهرية، وهذين الأصلين ذريعة إلى الإغراق في الاستصحاب وتحميله ما لا يتحمل، ولهذا فإن إلزام المنكر لاستصحاب الإجماع المثبتَ أن يبطل القياس يستقيم إن قصد به الظاهرية ومن يقترب من أصولهم، أما من قال به من غيرهم فلا يصلح هذا إلزاما.
أما الوجه الثاني من ارتباط هذا الدليل بالظاهرية فيوضحه ما نقل في الإبهاج 3/ 169 - 170" وكان القاضي يعني أبا الطيب يقول داود لا يقول بالقياس الصحيح وهنا يقول بقياس فاسد لأنه يحمل حالة الخلاف على حالة الإجماع من غير علة جامعة"
فالظاهرية إنما أتوا –أيضا-من قبل إنكارهم لمفهوم المخالفة فوقعوا في القياس من حيث لا يشعرون، فإنهم بإنكارهم المفهوم المخالف أثبتوا الحكم الواقع على صفة لصفة تناقضها من كل وجه، فكأنهم قاسوها عليها مع وجود الفارق الواضح المؤثر، أما غيرهم من الأئمة فهم مع إثباتهم لمفهوم المخالفة إلا أنهم رأوا أن الصفة الزائدة التي وقع الإجماع عليها في المسائل التي بابها هذا الدليل لامفهوم لها أو لا دليل على تأثيرها واعتبارها، لذلك لم يعملوا به في خصوص تلك الصور.
ثم إن الظاهرية لإنكارهم القياس يعتبرون ما هو مؤثر ناقل الحكم في عرف الشرع غير ناقل ولا مؤثر لإنكارهم التعليل والتأثير المبني عندهم على الظنون والقول على الله بلا علم.
¥