أولا: المجمل كما سبق هو (ما لايفهم منه عند الاطلاق معنى) أو (ما دل على اكثر من معنى ولم يوجد مرجح)، فتعريف المجمل يحدد لنا هل هذا اللفظ مجمل او واضح الدلالة من نص او ظاهر وهذا يعني انه لابد من الرجوع إلى أقوال اهل العلم في تفسير الآية أو الحديث لمعرفة ما إذا كانت الاحتملات متساوية أو يوجد مرجح لأحدها من القرائن اللفظية أو الحالية فالمشترك مثلا سواء كان في الاسم أو الحرف سبب للاجمال كما ذكرت في أسباب الاجمال فمثلا كلمة (عين) مشترك لفظي بين العين الجارية والعين الباصرة والعين بمعنى الجاسوس والعين بمعنى الذات فإذا وردت اللفظة فلا تحمل على أحد هذه المعاني إلا بقرينة حالية أو لفظية لأن حملها على أحد المعاني بدون القرينة تحكم فمن ثم نعلم انها مجملة حتى يوجد المرجح.
ثانيا: هناك مسائل مختلف في كونها من قبيل المجمل أولا منها:
1 - مسألة ما أضيف فيه التحليل والتحريم إلى الأعيان ولا يمكن وصف العين بالتحليل أو التحريم كقوله تعالى: {حرمت عليكم الميتة} وقوله تعالى: {حرمت عليكم أمهاتكم} وقوله تعالى: {أحلت لكم بهيمة الأنعام} فظاهر اللفظ يقتضي تحريم ذات الميتة وذات الأم وحل ذات البهيمة ولا شك ان هذا الظاهر غير مراد بدليل ان التحليل والتحريم من الأحكام والأحكام لا تتعلق بالذوات والأعيان وإنما تتعلق بالأقوال والأفعال.
والجمهور على أن هذه الألفاظ ظاهرة في معان معينة وليست مجملة خلافا للكرخي وبعض الحنفية وبعض الشافعية وبعض الحنابلة.
2 - إذا وقع النفي على شيء لا يمكن أن يتوجه النفي إلى ذاته كقوله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " لاصلاة لمن لم يقرأ بفاتحة الكتاب " وقوله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " لا صيام لمن لم يبيت الصيام من الليل " (أخرجه الخمسة عن ابن عمر رضي الله عنهما واختلف في وقفه ورفعه فرجح البخاري وأبوحاتم وأبو داود والنسائي والترمذي وقفه ورجح ابن خزيمة وابن حبان والحاكم والبيهقي والخطابي رفعه).
فظاهر الحديث أن النفي وقع على ذات الصلاة والصوم وهذا الظاهر غير مراد لأن الصلاة موجودة حسا ونشاهدها فتعين إضمار المعنى وهو إما اضمار الصحة أي لا صلاة صحيحة أو لا صيام صحيح أو إضمار الكمال أي لا صلاة كاملة أو لا صيام كامل، ولذا اختلف في كونه من قبيل المجمل أولا على قولين: ذهب الجمهور إلى أن هذه النصوص ليست مجملة ويرجع فيها إلى عرف الشارع، وذهب ابو بكر الباقلاني وجماعة إلى انها من قبيل المجمل.
يمكن الرجوع لبعض الكتب للفائدة: بيان النصوص التشريعية طرقه وأنواعه د. بدران أبو العينين بدران، تفسير النصوص في الفقه الإسلامي د. محمد أديب صالح بالإضافة إلى كتب أصول الفقه المشهورة.
ـ[معاذ محمد عبدالله]ــــــــ[27 - 10 - 06, 12:54 ص]ـ
جزيت خيرا , ولكن مع وجود السنة هل المجمل له اعتبار؟
ـ[أبو حازم الكاتب]ــــــــ[27 - 10 - 06, 03:47 ص]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
والصلاة والسلام على رسول الله وبعد:
نعم اخي معاذ المجمل موجود ومستمر وهو موجود حتى في السنة وقد ذكرت لك أمثلة لذلك في السنة ووظيفة المجتهدين بيان ما استمر مجملا والمجمل كالعام الذي يبحث عن مخصصه والمطلق الذي يبحث عن مقيده والمحكم الذي ورد عليه النسخ فالمجتهدون يبينون ويظهرون التخصيص الوارد على العام كما يبينون النسخ الوارد على المحكم وكذلك يبينون المراد بما ورد مجملا عن طريق الأدلة والقرائن الأخرى فبيان المجمل موضع اجتهاد مستمر كغيره من مواطن الاجتهاد. والله اعلم
ـ[مصطفي سعد]ــــــــ[27 - 10 - 06, 06:26 م]ـ
شكرا لبطل هذا الموضوع ابوحازم الكاتب
ـ[معاذ محمد عبدالله]ــــــــ[27 - 10 - 06, 07:32 م]ـ
إذا هل جميع ما تفضلت وذكرته ((مشكورا)) جميع ما يتعلق بالمجمل وبداية تصلح للمبتدئ؟ أم أن هناك مباحث أخرى يجب النظر فيها؟
ـ[أبو حازم الكاتب]ــــــــ[28 - 10 - 06, 11:04 ص]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
والصلاة والسلام على رسول الله وبعد:
بارك الله فيك أخي مصطفى
أخي معاذ إن أردت أن ماذكرته لك من مسائل مختصرة في المجمل تكفي في باب الإجمال فنعم ويمكن الاستزادة لكني ذكرت رؤوس المباحث المهمة في المجمل، وإن أردت أن هناك مباحث مهمة في أبواب أصول الفقه ينبغي النظر إليها فأقول نعم فالمجمل جزئية بسيطة من مبحث دلالات الألفاظ وعلم أصول الفقه أربع أركان:
1 - الأدلة (الكتاب، السنة، الإجماع، القياس، الاستصحاب، المصلحة المرسلة، قول الصحابي، شرع من قبلنا، الاستحسان .... )
2 - الأحكام بنوعيها: أ / التكليفية (الوجوب والندب والتحريم والكراهة والإباحة) ب / والوضعية (السبب والشرط والمانع والرخصة والعزيمة ... )
3 - كيفية ااستنباط الأحكام من الأدلة (معاني الحروف، العام والخاص، المطلق والمقيد، النص والظاهر والمجمل والمبين، الأمر والنهي ... )،
4 - المستنبط (وهو المجتهد: شروطه مواصفاته ويلتحق به مباحث التقليد لأن المقلد قسيم المجتهد) والله الموفق.