تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

وهنا نرى أن نعرض لفئة تزعم أن الإسلام يفرق بين الربا الفاحش وغيره، وهي فئة نبتت في العصور الأخيرة من المتعلمين [= المتعالمين] الذين ليس لهم رسوخ قدم في علوم القرآن، وتأثرت بمذهب الغربيين في الربا، وظنت بهذا أنها قربت بين الشريعة الإسلامية، والقوانين الوضعية، وهذه الفئة لم تكتف بأنها خالفت إجماع المسلمين في كل العصور، ولا بأنها عكست الوضع المنطقي المعقول حيث جعلت التشريع الإسلامي بعد أن تقدم إلى نهاية الطريق في إتمام مكارم الأخلاق يرجع إلى أعقابه، ويتدلى إلى وضع غير كريم، بل أنها قلبت الوضع التاريخي إذ اعتبرت النص الثالث مرحلة نهائية، فبينما هو كما – علمت آنفاً – لم يكن إلا خطوة انتقالية في التشريع أعقبها آخر مرحلة في التشريع وهو التحريم العام المؤبد الشامل للقليل والكثير، لم يختلف في ذلك مفسر، ولا محدث، ولا فقيه.

والشبهة التي تمسك بها هؤلاء الزاعمون قد نشأت لهم من قوله تعالى: {يا أيها الذين آمنوا لا تأكلوا الربا أضعافا مضاعفة}، فقالوا بالجواز إذا لم يكن أضاعفاً مضاعفة، وهو فهم غير صحيح، فالقيد هنا - كما قال علماء الأصول جميعاً – لا مفهوم له [هامش = أحكام القرآن للجصاص ج2/ص37] لأن الآية إنما عنيت بذم هذا النوع من الربا الفاحش الذي يبلغ مبلغاً فاضحاً في الشذوذ عن المعاملات الإنسانية من غير قصد إلى تسويغ الأموال المسكوت عنها التي تقل عنه في الشذوذ، لما في هذا الأسلوب من المبالغة في الذم والتنفير من الشيء المنهي بتصويره بالصورة الخارجة عن المألوف، والتي تشمئز منها النفوس، فيكون ذلك أدعى إلى الإمتثال والإجتناب، وهذا الفهم الذي تؤيده الروايات المأثورة ... )) انتهى، نظرة الإسلام إلى الربا، المشكلة وحلها ص41 – 43.

- فائدة:

(({الربا}، كُتبت في بعض المصاحف العثمانية بالواو {الربوا} للتفخيم على لغة من يفخم ومثله في الرسم العثماني لفظ الزكاة والصلاة كتبا بالواو هكذا {الصلواة} و {الزكواة} وزيدت الواو بعد الألف تشبيهاً لها بواو الجمع، وبذلك جاء لفظ الربا مطابقاً لمعناه في أن كلاً منهم مشتمل على زيادة غير مستحقة، وقيل كتبت بالواو لأنهم تعلموا الخط من أهل الحيرة، وهو نبط لغتهم ربوا ساكنة، فكتبت كذلك)) انتهى، أبو شهبة ص50.

- فائدة:

حكم المال المجموع من الربا:

قال فضيلة الإمام القرطبي – رحمه الله – في تفسيره:

((قال علماؤنا: إنّ سبيل التوبة مما بيده من الأموال الحرام إنْ كانت من ربا فليردها على من أربى عليه، ويطلبه إن لم يكن حاضراً، فإن أيس من وجوده فليتصدق بذلك عنه، وإن أخذه بظلم فليفعل كذلك في أمر من ظلمه، فإن التبس عليه الأمر ولم يدر كم الحرام من الحلال مما بيده فإنه يتحرى قدر ما بيده مما يجب عليه رده حتى لا يشك أن ما يبقى قد خلص له فيرده من ذلك الذي أزال عن يده إلى من عرف ممن ظلمه أو أربى عليه، فإن أحاطت المظالم بذمته وعلم أنه وجب عليه من ذلك ما لا يطيق أداءه أبداً لكثرته فتوبته أن يزيل ما بيده أجمع إما إلى المساكين وإما إلى ما فيه صلاح المسلمين حتى لا يبقى في يده أقل ما يجزئه في الصلاة من اللباس، وهو ما يستر العورة وهو من سرته إلى ركبتيه، وقوت يومه لأنه الذي يجب له أن يأخذه من مال غيره إذا اضطر إليه، وإن كره ذلك من يأخذه منه)) انتهى.

يقول فضيلة الشيخ: محمد أبو شهبة – رحمه الله - ((وذلك لأن العلماء أجمعوا على أن من شروط التوبة المقبولة إرجاع الحقوق إلى أربابها)) انتهى، أبو شهبة ص85.

- فائدة:

لفصيلة الشيخ البحاثة: ((فضل إلهي))، مجلد عن الربا.

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير