حًكْمُ إسْبَالِ الثيَابِ أسْفَلَ الكَعْبَيْن.
ـ[نايف حمد علي]ــــــــ[28 - 04 - 05, 11:38 م]ـ
إسْبَالُ الثيَابِ للرجَالِ أسْفلَ الكعْبيْن لَهُ ثلاثُ حَالات:
الحَالةُ الأوْلى: أنْ يَكوْنَ لكبْر وَخُيَلاء، ففيْه وَجْهَان:
الوَجْهُ الأولُ: أنّهُ مَكْروهٌ وليْسَ مُحَرّماًُ، واخْتاره جَمْعٌ منْ الأصْحَاب، وَمنْ أوْلئك:
الإمَامُ ابنُ قُدامَة المَقْدسي _ يَرْحَمهُ الله _ في كتابيْه "الكافي" (1/ 142)، و"المُقْنع" (45).
والإمَامُ أبَوالخَطاب الكلْوَذاني _ يَرْحَمهُ اللهُ _ في "الهدَايَة" (1/ 32).
والإمَامُ الدُّجيلي _ يرْحمه اللهُ_ في "الوجيز" (1/ 656).
وكذا الإمَامُ ابنُ حمْدان في " الرعاية الصُغْرى" وابن المُنجا في " المذهب". وغيرهم من الأصْحاب.
قال الإمَامُ المَرْداوي _ يَرْحَمهُ اللهُ _ في "الأنْصَاف" (1/ 472):
(وهذا ضَعيْفٌ جداً، إنْ أرَادُوا كَرَاهةَ التنزيْه).
تنبيه: حمل بعْض الأصْحاب (الكراهة) هنا على كراهة التحْريم، ومن أولئك: الإمامُ ابنُ بَهاء البغْدادي _ يرْحمه الله_ كما في كتابه " فتح الملك العزيز" (1/ 656)، حيث قال: (والكَرَاهةُ في هذا كراهة تحْريم لمن قصد به الخُيلاء).
تنبيه: وَهم الإمامُ المَرْدَاوي _ يَرْحمُهُ اللهُ _ عنْدَمَا عَزا هذا القولَ لكتاب "المُسْتوعب" للإمَام السَامُري، إذْ إنّ صَاحبَ "المُسْتوعب" جَزمَ في كتابه المَذْكور: بالحُرْمَة؛ فقال في (2/ 436): (لا يَحلُّ لأحد أنْ يَجرّ ذيْلهُ بَطراً وَخُيَلاء).
والسَهو ظاهرٌ، وَجلّ منْ لا يَسْهُو.
الوَجْهُ الثاني: أنّهُ مُحرمٌ وكبيْرة إلا في نحو حربٍ، وهو المُعْتمد، وعليه جمهورُ الأصْحاب المتأخريين.
قال ابْنُ أبي عُمَرَ في شرْحِهِ (1/ 471): (فإنْ فَعلَهُ خُيَلاء فهو حَرَامٌ).
قال ابنُ مفلح _ يرْحمه الله_ في "الفروع" (2/ 59): (ويحرُمُ في الأصحّ _ وهو ظاهر كلام الإمام أحمد، بل كبيرة_ إسْبالُ ثيابهِ خُيلاء في غير حربٍ ولا حاجةٍ).
قال الإمامُ المرْداوي _ يرْحمه الله_ في "الإنْصاف" (1/ 472): (ه>ا عينُ الصوَاب الذي لا يُعْدل عنه. وهو المَ>هب، وهوظاهر نص الإمام أحمد)
قال الإمامُ ابن النجار الفتوحي _ يرْحمه الله _ في "المنتهى" مع شرحه للإمام البهوتي (1/ 317): (وحرُمَ أنْ يُسْبلها بلاحاجة خُيلاء في غير حرب).
قال الإمامُ مرعي الكرمي في (غاية المُنْتهى) مع شرحه للإمام الرحيْباني (1/ 364): (وحرُم وهو كبيرةٌ في غيْر حرْب إسْبالُ شيء من ثيابه خيلاء ولو عمامة وسراويل).
تنبيه: لو أسْبل إزَارَهُ لحَاجَةٍ مع خُيَلاء حرُمَ على الأصح.
ولذلك أدلةٌ كثيْرة، منها:
1 - ما أخرجهُ الإمامُ البخاري (5788)، والإمامُ مُسْلمٌ (2087) من حديث أبي هريرة رضي الله عنه، أنّ النبي صلى الله عليه وسلم قال: (منْ جَرّ ثوْبَهُ خُيَلاء لمْ يَنْظر اللهُ إليْهِ).
2 - ما رواه أبو سعيد الخدري _ رضي الله عنه_ قال: قال رسول الله _صلى الله عليه سلم_: (ما كان أسفل من الكعْبين فهو في النار، من جر إزاره بطراً لم ينظر الله إليه). أخرجه أبوداود في سننه (4/ 59)، وابن ماجه (2/ 1183).
تنبيه: لابن قدامة المقْدسي _ رحمه الله_ قولان ظاهرهما التعارض، في ه>ه الصورة؛ فجزم في "المغني" (2/ 298) بالحرمة. حيث قال: (فإنْ فعل >لك على وجه الخيلاء حَرُمَ)، وجزم في "الكافي" (1/ 142) بالكراهة، حيث قال: (ويكره إسْبالُ القميص والإزار والسراويل اختيالاً). وجزم بالكراهة ايضاً في " المُقْنع" (45): (ويكره إسبالُ شيء من ثيابه خيلاء).
و للإمام المرْداوي _ يرْحمه الله_ كلامٌ ظاهره الميْل إلى أنّ المقْصودَ بالكراهة عند الإمام ابن قدامة: كراهة التحْريْم، وبهذا جزمَ الإمَامُ ابن بهاء الحنبلي في "فتح الملك العزيز" (1/ 656)، حيث قال: (والكَرَاهةُ في هذا كراهة تحْريم لمن قصد به الخُيلاء).
قلتُ: ليس الأمرُ كدلك، بل الأرجح أنّ مقْصُودَ الإمامِ ابنِ قُدَامة المقدسي: كراهة التنْزيه، لعلل ثلاث:
العلة الأولى: أنّ الإمامَ المرْداوي نفْسَه قدّم اعْتمَادَ كتاب " الكافي" على غيْره، كما في مقدمة كتابه "تصحيْح الفروع" (1/ 32).
¥