تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

والأثر أخرجه البيهقي في الكبرى (10/ 212) من طريق المصنف.

6 - عن عبيد الله بن عمر: سُئِل ابن عمر عن الشطرنج فقال: هي شر من النرد.

قال المحقق: إسناده حسن.

وبعد هذه الآثارِ فقد رد القرافي في " الذخيرة " (13/ 283) على من زعم أن بعضَ التابعين لعب بها، بأن ذلك لا يصحُ عنهم.

تأصيلاتٌ قويةٌ لشيخِ الإسلامِ وابنِ القيمِ في تحريمِ اللعبِ بالشطرنجِ:

أصل كلٌ من شيخِ الإسلامِ ابنِ تيميةَ وتلميذهِ ابنِ القيم مسألةَ تحريمِ اللعبِ بالشطرنجِ تأصيلا قويا نقسمه بما يلي:

المسألةُ الأولى:

هل قال أحدٌ بإباحةِ اللعبِ بالشطرنجِ؟

سئل شيخ الإسلام في الفتاوى (32/ 216) سؤالا نصه:

وَسُئِلَ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى عَنْ اللَّعِب بِالشِّطْرَنْجِ: أَحَرَامٌ هُوَ؟ أَمْ مَكْرُوهٌ؟ أَمْ مُبَاحٌ؟ فَإِنْ قُلْتُمْ: حَرَامٌ ; فَمَا الدَّلِيلُ عَلَى تَحْرِيمِهِ؟ وَإِنْ قُلْتُمْ: مَكْرُوهٌ ; فَمَا الدَّلِيلُ عَلَى كَرَاهَتِهِ؟ أَوْ مُبَاحٌ فَمَا الدَّلِيلُ عَلَى إبَاحَتِهِ؟

فَأَجَابَ: الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ. اللَّعِبُ بِهَا: مِنْهُ مَا هُوَ مُحَرَّمٌ مُتَّفَقٌ عَلَى تَحْرِيمِهِ: وَمِنْهُ مَا هُوَ مُحَرَّمٌ عِنْدَ الْجُمْهُورِ ; وَمَكْرُوهٌ عِنْدَ بَعْضِهِمْ ; وَلَيْسَ مِنْ اللَّعِبِ بِهَا مَا هُوَ مُبَاحٌ مُسْتَوِي الطَّرَفَيْنِ عِنْدَ أَحَدٍ مِنْ أَئِمَّةِ الْمُسْلِمِينَ.ا. هـ.

شيخ الإسلام يقرر مسألة مهمة هنا وهي: أنه لم يقل أحدٌ من الأئمةِ بإباحةِ الشطرنجِ.

فالخلاف بين العلماء دائر بين التحريم - وهو قول الجمهور من الحنفية والمالكية والحنابلة -، والكراهة - وهو قول الشافعي -.

ولهذا رد الإمام ابن القيم في الفروسية (ص 313) قول من قال: أن مذهب الشافعي الإباحة بقوله:

وقد اتفق على تحريمها الأئمة الثلاثة وأتباعهم، والشافعي لم يجزم بإباحتها، فلا يجوز أن يقال: مذهب الشافعي إباحتها؛ فإن هذا كذب عليه، بل قال: " وأما الشطرنج فلم يتبين لي تحريمها ". فتوقف رضي الله عنه في التحريم ولم يفت بالإباحة.ا. هـ.

وقد بين شيخ الإسلام ابن تيمية معنى الكراهة عند السلف فقال في الفتاوى (32/ 241):

قَالَ البيهقي: رَوَيْنَا فِي كَرَاهِيَةِ اللَّعِبِ بِهَا عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي حَبِيبٍ، وَمُحَمَّدِ ابْنِ سيرين، وَإِبْرَاهِيمَ، وَمَالِكِ بْنِ أَنَسٍ.

قُلْت: " وَالْكَرَاهِيَةُ " فِي كَلَامِ السَّلَفِ كَثِيرًا وَغَالِبًا يُرَادُ بِهَا التَّحْرِيمُ وَقَدْ صَرَّحَ هَؤُلَاءِ بِأَنَّهَا كَرَاهَةُ تَحْرِيمٍ.ا. هـ.

وقال أيضا (32/ 219):

وَالْمَنْقُولُ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَصْحَابِهِ وَأَحْمَد وَأَصْحَابِهِ " تَحْرِيمُهَا ".

وَأَمَّا الشَّافِعِيُّ فَإِنَّهُ قَالَ: أَكْرَهُ اللَّعِبَ بِهَا ; لِلْخَبَرِ ; وَاللَّعِبُ بِالشِّطْرَنْجِ وَالْحَمَامِ بِغَيْرِ قِمَارٍ وَإِنْ كَرِهْنَاهُ أَخَفُّ حَالًا مِنْ النَّرْدِ، وَهَكَذَا نُقِلَ عَنْهُ غَيْرُ هَذَا اللَّفْظِ مِمَّا مَضْمُونُهُ: أَنَّهُ يَكْرَهُهَا وَيَرَاهَا دُونَ النَّرْدِ، وَلَا رَيْبَ أَنَّ كَرَاهَتَهُ كَرَاهَةُ تَحْرِيمٍ ; فَإِنَّهُ قَالَ: لِلْخَبَرِ. وَلَفْظِ الْخَبَرِ الَّذِي رَوَاهُ هُوَ عَنْ مَالِكٍ " مَنْ لَعِبَ بِالنَّرْدِ فَقَدْ عَصَى اللَّهَ وَرَسُولَهُ " فَإِذًا كَرِهَ الشِّطْرَنْجَ وَإِنْ كَانَتْ أَخَفَّ مِنْ النَّرْدِ.ا. هـ.

المسألةُ الثانيةُ:

هل قال أحد بإباحة اللعب بالشطرنج؟

الإجماعُ منعقدٌ بين الأئمةِ أن الشطرنجَ إذا كان بعوضٍ فإنهُ محرمٌ.

نقل شيخُ الإسلامِ ابنُ تيميةَ في الفتاوى (23/ 216) الإجماعَ عن ابنِ عبدِ البر فقال: فَإِنْ اشْتَمَلَ اللَّعِبُ بِهَا عَلَى الْعِوَضِ كَانَ حَرَامًا بِالِاتِّفَاقِ ; قَالَ أَبُو عُمَرَ بْنُ عَبْدِ الْبَرِّ إمَامُ الْمَغْرِبِ: أَجْمَعَ الْعُلَمَاءُ عَلَى أَنَّ اللَّعِبَ بِهَا عَلَى الْعِوَضِ قِمَارٌ لَا يَجُوزُ.ا. هـ.

وأما إن كان بغير عوض فقد ذكرنا الخلاف آنفا.

المسألةُ الثالثةُ:

أيهما أشد: النرد أم الشطرنج؟

فصل شيخ الإسلام في هذه المسألة تفصيلا جيدا فقال في الفتاوى (32/ 242): وَمَذْهَبُ الْأَئِمَّةِ الْأَرْبَعَةِ أَنَّ اللَّعِبَ بِالنَّرْدِ حَرَامٌ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ بِعِوَضِ.

وَقَدْ قَالَ ابْنُ عُمَرَ وَمَالِكُ بْنُ أَنَسٍ وَغَيْرُهُمَا: إنَّ الشِّطْرَنْجَ شَرٌّ مِنْ النَّرْدِ وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَأَحْمَد بْنُ حَنْبَلٍ وَالشَّافِعِيُّ وَغَيْرُهُمْ: النردشير شَرٌّ مِنْ الشِّطْرَنْجِ.

وَكِلَا الْقَوْلَيْنِ صَحِيحٌ بِاعْتِبَارِ ; فَإِنَّ النَّرْدَ إذَا كَانَ بِعِوَضِ وَالشِّطْرَنْجَ بِغَيْرِ عِوَضٍ: فَالنَّرْدُ شَرٌّ مِنْهُ وَهُوَ حَرَامٌ حِينَئِذٍ بِالْإِجْمَاعِ.

وَأَمَّا إنْ كَانَ كِلَاهُمَا بِعِوَضِ أَوْ كِلَاهُمَا بِلَا عِوَضٍ فَالشِّطْرَنْجُ شَرٌّ مِنْ النَّرْدِ ; لِأَنَّ الشِّطْرَنْجَ يَشْغَلُ الْقَلْبَ وَيَصُدُّ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَعَنْ الصَّلَاةِ أَكْثَرَ مِنْ النَّرْدِ.

وَلِهَذَا قِيلَ: الشِّطْرَنْجُ مَبْنِيٌّ عَلَى مَذْهَبِ الْقَدَرِ، وَالنَّرْدُ مَبْنِيٌّ عَلَى مَذْهَبِ الْجَبْرِ.ا. هـ.

ومقصود شيخ الإسلام بالعبارة الأخيرة وهي: " وَلِهَذَا قِيلَ: الشِّطْرَنْجُ مَبْنِيٌّ عَلَى مَذْهَبِ الْقَدَرِ، وَالنَّرْدُ مَبْنِيٌّ عَلَى مَذْهَبِ الْجَبْرِ " أن صاحب النرد يرمي ويحسب بعد ذلك، وأما صاحب الشطرنج فإنه يقدَّر ويفكر ويحسب حسابات النقلات قبل النقل.

نقلا عن موقع عبد الله بن زقيل وهو اجود من كتب في هذا

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير