تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

وقوله: {الَّذِى سَخَّرَ لَنَا هَذَا} أي الذي ذلل لنا هذا الذي هو ما نركبه من الأنعام والسفن لأن الأنعام لو لم يذللها الله لهم لما قدروا عليها ولا يخفى أن الجمل أقوى من الرجل، وكذلك البحر لو لم يذلله لهم ويسخر لهم إجراء السفن فيه لما قدروا على شيء من ذلك. (1)

5 - قال الشوكاني:

وَجَعَلَ لَكُمْ مّنَ الْفُلْكِ وَالاْنْعَامِ مَا تَرْكَبُونَ} في البحر والبرّ أي: ما تركبونه {لِتَسْتَوُواْ عَلَى ظُهُورِهِ} الضمير راجع إلى ما قاله أبو عبيد. وقال الفراء: أضاف الظهور إلى واحد، لأن المراد به الجنس، فصار الواحد في معنى الجمع بمنزلة الجنس فلذلك ذكر، وجمع الظهر لأن المراد: ظهور هذا الجنس والاستواء: الاستعلاء أي: لتستعلوا على ظهور ما تركبون من الفلك والأنعام {ثُمَّ تَذْكُرُواْ نِعْمَةَ رَبّكُمْ إِذَا اسْتَوَيْتُمْ عَلَيْهِ} أي: هذه النعمة التي أنعم بها عليكم من تسخير ذلك المركب في البحر والبرّ. وقال مقاتل والكلبي: هو أن يقول: الحمد لله الذي رزقني هذا وحملني عليه {وَتَقُولُواْ سُبْحَانَ الَّذِى سَخَّرَ لَنَا هَذَا} أي: ذلل لنا هذا المركب، وقرأ عليّ بن أبي طالب (سبحان من سخر لنا هذا) قال قتادة: قد علمكم كيف تقولون إذا ركبتم.

وقال أيضا: والمراد بالأنعام هنا الإبل خاصة، وقيل الإبل والبقر، والأوّل أولى {وَإِنَّا إِلَى رَبّنَا لَمُنقَلِبُونَ} أي: راجعون إليه، وهذا تمام ما يقال عند ركوب الدابة أو السفينة. (2)

6 - قال العظيم آبادي:

-" وَجَعَلَ لَكُمْ مّنَ الْفُلْكِ وَالاْنْعَامِ مَا تَرْكَبُونَ " ما تركبونه على تغليب المتعدي بنفسه على المتعدي بغيره إذ يقال: ركبت الدابة وركبت في السفينة، أو المخلوق للركوب على المصنوع له أو الغالب على النادر ولذلك قال:

" لِتَسْتَوُواْ عَلَى ظُهُورِهِ " أي ظهور ما تركبون وجمعه للمعنى. " ثُمَّ تَذْكُرُواْ نِعْمَةَ رَبّكُمْ إِذَا اسْتَوَيْتُمْ عَلَيْهِ " تذكروها بقلوبكم معترفين بها حامدين عليها. {وَتَقُولُواْ سُبْحَانَ الَّذِى سَخَّرَ لَنَا هَذَا وَمَا كُنَّا لَهُ مُقْرِنِينَ} مطيقين من أقرن الشيء إذا أطاقه، وأصله وجد قرينته إذ الصعب لا يكون قرينة الضعيف. وقرء بالتشديد والمعنى واحد. وعنه عليه الصلاة والسلام أنه كان إذا


1 - أضواء البيان 7/ 212.
2 - فتح القدير 4/ 628.

وضع رجله في الركاب قال: بسم الله، فإذا استوى على الدابة قال: الحمد لله على كل حال {سُبْحَانَ الذي سَخَّرَ لَنَا هَذَا} إلى قوله:
" وَإِنَّا إِلَى رَبّنَا لَمُنقَلِبُونَ " أي راجعون، واتصاله بذلك لأن الركوب للتنقل والنقلة العظمى هو الانقلاب إلى الله تعالى، أو لأنه مخطر فينبغي للراكب أن لا يغفل عنه ويستعد للقاء الله تعالى. (1)
وذكر الألوسي والماوردي والسيوطي وغيرهم نفس التفسير تقريبا.
الدليل الثاني: حديث علي بن ابي طالب رضي الله عنه:
- حدثنا مُسَدَّدٌ أخبرنا أبُو الأحْوَصِ أخبرنا أبُو إسْحَاقَ الْهَمْدَانِيُّ عن عَلِيِّ بنِ رَبِيعَةَ، قال: «شَهِدْتُ عَلِيًّا وَأُتِيَ بِدَابَّةٍ لِيَرْكَبَهَا، فَلَمَّا وَضَعَ رِجْلَهُ في الرِّكَابِ قال: بِسْمِ الله، فَلَمَّا اسْتَوَى عَلَى ظَهْرِهَا قال الْحَمْدُ لله، ثُمَّ قال: سُبْحَانَ الله الَّذِي سَخَّرَ لَنَا هذَا وَمَا كُنَّا لَهُ مُقْرِنِينَ وَإنَّا إلى رَبِّنَا لَمُنْقَلِبُونَ، ثُمَّ قالَ: الْحَمدُ لله ثَلاَثَ مَرَّاتٍ، ثُمَّ قال: الله أكْبَرُ ثَلاَثَ مَرَّاتٍ، ثُمَّ قال: سُبْحَانكَ إنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي فَاغْفِرْ لِي، إنَّهُ لا يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إلاَّ أنْتَ، ثُمَّ ضَحِكَ، فَقيلَ: يا أمير المُؤْمِنِينَ مِنْ أيِّ شَيْءٍ ضَحِكْتَ؟ قال: رَأيْتُ النبيَ الله صلى الله عليه وسلم فَعَلَ كَما فَعَلْتُ، ثُمَّ ضَحِكَ فَقُلْتُ: يا رسول الله مِنْ أي شَيْءٍ ضَحِكْتَ؟ قال: إنَّ رَبَّكَ يَعْجَبُ مِنْ عَبْدِ هِ إذَا قال اغْفِرْ لِي ذُنُوبِي، يَعْلَمُ أنَّهُ لا يَغْفِرُ الذُّنُوبَ غَيْرِي». (2)
وصحح هذا الحديث العلامة الألباني فقال:
- حديث صحيح , صححه الترمذي وابن حبان والحاكم والذهبي.
إسناده: حدثنا مسدد: ثنا أبو الأحوص: ثنا أبو إسحاق الهمداني عن علي ابن ربيعة.
¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير