فهل بلغ بابن عبدالبر أن اعتبر قول مسلم قولا شاذا، لا يؤثر في حصول الإجماع؟!! والحاصل أن أحدا لم يقل ذلك، حتى ابن رجب الذي
بالغ فزعم أن اشتراط العلم باللقاء رأي الجماهير، فقد نص على أن مسلما موافق من ابن حبان وغيره من المتأخرين (حسب وصف ابن رجب).
إذن لا يمكن أن يكون هناك إجماع على اشتراط العلم باللقاء، ولا يمكن أن يكون هذا مقصود ابن عبدالبر.
ويزداد عدم قبول ذلك في فهم كلام ابن عبدالبر أنه نص على أن رأيه الذي يعرضه رأي اتفق عليه المشترطون للصحة والمصنفون في الصحيح.
ولا أحسب ابن عبدالبر قد نسي صحيح مسلم بمقدمته التي نقل فيها الإجماع على عدم اشتراط العلم باللقاء!! فإن نسيه، فماذا ذكر بالله عليكم؟!!
ثم لا تنسى أن من الموافقين لمسلم: ابن خزيمة وابن حبان والحاكم. وهولاء هم المصنفون في الصحيح. فمن يقصد ابن عبدالبر إن كان يقصد غير هولاء؟!
وعليه فإن كان هناك إجماع ينقله ابن عبدالبر فلا بد أن يكون إجماعا
موافقا لرأي مسلم وغيره، بل التعبير الصحيح أن يقال: إنه لا إجماع إلا على مانقل مسلم عليه الإجماع.
والنتيجة: أن كلام ابن عبدالبر يستحيل أن يقصد به نقل الإجماع
على اشتراط العلم باللقاء.
ومن أراد الفائدة من تتمة كلام الشريف حاتم فليرجع إليه في كتابه
العجاب (إجماع المحدثين) (109 ـ 111).
6 ـ قال الإمام أبو محمد ابن حزم ـ رحمه الله ـ في كتابه الفريد
" الإحكام " (2/ 21):
" وإذا علمنا أن الراوي العدل قد أدرك من روى عنه من العدول
، فهو على اللقاء والسماع، لأن شرط العدل القبول، ويضاد تكذيبه في أن يسند إلى غيره مالم يسمعه، إلا أن يقوم دليل على ذلك من فعله.
وسواء قال (حدثنا) أو (أنبانا)، أو قال (عن فلان)، أو قال (قال فلان) كل ذلك محمول على السماع منه. ولو علمنا أن أحدا منهم يستجيز التلبيس بذلك كان ساقط العجالة، في حكم المدلس. وحكم
العدل الذي قد ثبت عدالته فهو على الورع والصدق، لا على الفسق والتهمة وسوء الظن المحرَّم بالنص، حتى يصح خلاف ذلك. ولاخلاف
في هذه الجملة بين أحد من المسلمين، وإنما تناقض من تناقض في تفريع المسائل ".
ـــــــــــــــــ يتبع ــــــــــــــــــــ
ـ[بو الوليد]ــــــــ[03 - 11 - 02, 09:19 م]ـ
أخي الكريم مبارك ..
ذكرت ما يلي:-
(((ومن الدليل علىأن (عن) عند أهل العلم بالحديث على الاتصال حتى يتبين الانقطاع فيها، ماحكاه أبوبكر الأثرم عن أحمد بن حنبل: أنه سئل عن حديث المغيرة بن شعبة: " أن النبي صلى الله عليه وسلم
مسح أعلى الخف وأسفله، فقال: هذا الحديث ذكرته لعبدالرحمن بن
مهدي فقال: عن ابن المبارك: أنه قال عن ثور: حدثت عن رجاء بن حيوة، عن كاتب المغيرة. وليس فيه المغيرة.
قال أحمد: وأما الوليد فزاد فيه: " عن المغيرة " وجعله: ثولر عن رجاء، ولم يسمعه ثور من رجاء: لأن ابن المبارك قال فيه: عن ثور، حدثت عن رجاء.
قال أبو عمر: ألا تر أن أحمد بن حنبل (رحمه الله) عاب على الوليد بن مسلم قوله (عن) في المنقطع، ليدخله في الاتصال؟! فهذا
بيان أن (عن) ظاهرها الاتصال، حتى يثبت غير ذلك، ومثل هذا عن
العلماء كثير ".)))
الجواب:
ما ذكرته عن الإمام أحمد ليس في مسألتنا هذه في شئ!!
بل غاية ما فيه إعلال رواية الوليد برواية ابن المبارك .. ثم إن رواية ثور عن رجاء بن حيوة معروفة واللقاء بينهما ثابت، فلم يبق في مثل هذا إلا الأمن من التدليس!! فتأمل.
والظاهر أن كلام ابن عبد البر منصب على قبول رواية المعنعن عمن ثبت سماعه منه مع الأمن من التدليس ...
وإنما يعل الأئمة بعدم ذكر السماع ما لم يكن اللقاء فيه ثابتاً ..
وإن دل هذا على شئ؛؛ فإنما يدل على عدم تصورك التام للمسألة وتحرير محل النزاع؟!
والأئمة نادراً أو قليلاً ما يستخدمون هذا الإعلال في غير رواية التابعين عن غيرهم، حيث كثر الإرسال بينهم.
كل من ذكرتهم إنما تابعوا مسلماً على قوله ونقله الإجماع، مثل الحاكم وابن رشيد وغيرهما ولكن؛؛
هل يقبل قولهم في ذلك وكتب الأئمة والعلماء طافحة بالعمل على خلافه؟!!
... ثم هل تقول بأن البخاري يوافق مسلماً على شرطه، ويرى الاكتفاء بالمعاصرة مع الأمن من التدليس؟؟ وكذلك ابن المديني؟؟ إذاً كيف ينعقد الإجماع مع مخالفتهما؟!!!
ثم لو طلبنا منك أمثلة من تصرفات الأئمة على قولك لم تأت إلا بالشاذ القليل الذي يمكن تخريجه، ولا يمكن انعقاد الإجماع به!!
خصوصاً مع النقولات المستفيضة عنهم بخلافه ..
ثم إن الإمام مسلم لم يعمل بشرطه في الصحيح!!
أخي الكريم:
لم تدع الدليل الواضح الصريح وهو عمل الأئمة، إلى دليل يتطرق إليه الاحتمال في الوهم والخطأ وهو النقل عنهم؟!!!
وبماذا تفسر كل ما نقله العلائي عن الأئمة في كتابه (الزاخر الماتع) جامع التحصيل.؟!!
أرجو أن تكون الإجابات مختصرة وواضحة.
¥