تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

فمع أنه قد سبق أن قلنا: إن صحيح البخاري لا ينفع أن يكون دليلا

على أن الخاري يشترط العلم باللقاء، حتى لو تحقق فيه هذا الشرط؛ لإن البخاري أقام كتابه على: منهج الاحتياط، والمبالغة في التحري، ومجانبة مواطن الخلاف كل المجانبةإلا أن صحيح البخاري (من جهةأخرى)

نافع لنقض دعوى نسبة ذلك الشرط إلى البخاري،فيما لو وجد حديث واحد (نعم .. حديث ٌواحدٌ فقط) لم يتحقق فيه ذلك الشرط؛ لأن هذا الحديث الواحد دلَّنا على أن البخاري مع شدة احتياطه وتوقيه لكتابه لم

ير في انتقاء ذلك الشرط مايخالف الصحة والشروط التي أقام عليها كتابه

وقد قرر صحة هذا الدليل الحافظ ابنةحجر (قبل غيره)، وهو المنافح

عن صحيح البخاري، والذي لم يكن يساوره أدنى شك في أن البخاري يشترط العلم باللقاء.فإنه قال مجيبا على الإمام مسلم: "وإنما كان يتمُّ

له النقض والالزام لو رأى في صحيح البخاري حديثا معنعنالم يثبت لُقي

راويه لشيخه فيه؛ فكان ذلك واردا عليه ". (النكت2/ 598).

يقرر الحافظ هذا الدليل، ولو في حديث واحد فقط، ثم هو نفسه

يعترف بوجود هذا الدليل الذي يتم لمسلم به النقض والالزام!!!

يقول الحافظ: " ومسألة التعليل وعدم اللِّحاق: قلَّ أن تقع في البخاري بخصوصه؛ لأنه معلوم أن مذهبه عدم الاكتفاء في الإسناد المعنعن بمجرد إمكان اللقاء ". (النكت 1/ 383).

فانتبه لقوله: " قلَّ "!!!

وسنترك الإجمال إلى البيان، بضرب أمثلة تدل على اكتفاء البخاري في صحيحه بالمعاصرة:

المثال الأول: حديثا أبي عبدالرحمن السلمي عن عثمان بن عفان

رضي الله عنه، الأول حديث: " خيركم من تعلم القرآن وعلمه " (رقم 5027)، والثاني: حديث حصار عثمان، ومافيهمن قصة حفر بئر رومة

وتجهيز جيش العسرة (رقم 2778).

أخرجهما البخاري في صحيحه: مع نفي كُلٍّ من شعبة وابن معين

سماع أبي عبدالرحمن السلمي من عثمان رضي الله عنه، ومع قول

أبي حاتم الرازي: " روى عنه ولم يذكر سماعا " ورضي الإمام أحمد عن

نفي شعبة لسماعه من عثمان. (المراسيل لابن أبي حاتم 106 ـ108

رقم 382 ـ 387).

فيقول الحافظ في (الفتح) مدافعا: " لكن ظهر لي أن البخاري اعتمد في وصله وفي ترجيح لقاء أبي عبدالرحمن لعثمان على ماوقع في رواية شعبة عن سعيد بن عبيدة من الزيادة، وهي أن أبا عبدالرحمن أقرأ من زمن عثمان إلى زمن الحجاج، وأن الذي حمله على ذلك هو الحديث المذكور؛ فدل ذلك على أنه سمعه في ذلك الزمن. وإذا

سمعه في ذلك الزمن، ولم يوصف بالتدليس، اقتضى ذلك سماعه ممن عنعنه عنه، وهو عثمان.

ولاسيما ماشتهر بين القُرّاء: أنه قرأ القرآن على عثمان، وأسندوا

ذلك عنه من رواية عاصم بن أبي النجود وغيره.

فكان هذا أولى من قول من قال: إنه لم يسمع منه" (الفتح8/ 694)

فهنا يعترف الحافظ أن البخاري إنما كان اعتماده في تصحيح حديثين لأبي عبدالرحمن السلمي عن عثمان رضي الله عنه على المعاصرة وحدها!!

وهذا يكفينا من أشد العلماء دفاعا عن صحيح البخاري، وابلغهم

قناعة بنسبة شرط العلم باللقاء إليه!!

وأما ماذكره الحافظ من مسألة القراءة، فالحافظ نفسه لم يزعم أن

البخاري اعتمد عليها في تصحيحه لحديث السلمي عن عثمان رضي الله

عنه. والظاهر أن الحافظ لم يزعم هذا الزعم؛ لأنه كان يعلم أن إسناد ذلك لايثبت.

(انظر: العلل للدارقطني 3/ 60 رقم 284، وسير أعلام النبلاء للذهبي4/ 268، 270 ـ 271،وموقف الإمامين لخالد الدريس 119ـ120).

وهنا أنبه إلى أن حديثي أبي عبدالرحمن السلمي عن عثمان رضي

الله عنه، وإن لم نعلم بلقائه، إلا أن تصحيحيهما بناء على الاكتفاء بالمعاصرة هو المتوجِّه، أو له وجهٌ قويٌ في أقل تقدير.

ـــــــــــــــ يتبع ــــــــــــــــــ

ـ[مبارك]ــــــــ[07 - 11 - 02, 05:13 م]ـ

المثال الثاني: حديث عروة بن الزبير، عن أم سلمة رضي الله عنها: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لها: " إذا أقيمت صلاة الصبح فطوفي على بعيرك، والناس يصلون " (صحيح البخاري رقم1626).

ذكره الدارقطني في (التتبع)، وقال: " هذا مرسل "، وبين أنه

رُوي من طريق عروة عن زينب بنت أبي سلمة عن أم سلمة. (التتبع

للدارقطني 246ـ 247 رقم 107).

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير