ـ[أبو فهر السلفي]ــــــــ[12 - 10 - 05, 03:13 ص]ـ
ودونكم صورة من نص الفتوى التي أشار إليها أخونا الخليفي وهي مقسمة على ملفين مضغوطين:
ـ[عبدالله الخليفي المنتفجي]ــــــــ[12 - 10 - 05, 10:24 م]ـ
بارك الله فيك أحسنت ولكني آثرت أن أكتبها لكي تدخل في خدمة البحث
وجزاك الله خيراً على توثيق ما جئت به
ـ[أبو إدريس الحسني]ــــــــ[16 - 10 - 05, 08:36 ص]ـ
أيّها الإخوة السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
فقد اطّلعت على نقاشكم اللطيف، ووجدّت أنّكم تعدّون دعاء قنوت الوتر سنّة مؤكّدة، كما جاء في مختصر علل العتيبي لابن أبي حاتم بتحقيق الأزهري السلفي، ثمّ أشكل عليكم ترتيل هذا الدعاء أو التطريب به.
فقلتُ في نفسي لعلّي أن أضعَ بين يديّ الإخوة بعض الأمور التي قد تساعدهم في ترجيح ما هو صواب. فأقول:
1ـ صفةُ دعاء القنوت بوجهٍ عام عند الإمام مالك وأبي حنيفة أن يكون سرّياً لا جهرياً.
لأنّ الله تعالى يقول: (ادعوا ربّكم تضرّعاً وخفية إنّه لا يحبُّ المعتدين).
2ـ وأمّا الشافعيّة فعندهم قولان الأوّل أنّه سري والثاني أنّه جهري وهو المشهور في المذهب ومع ذلك فأصحاب القول الثاني يقولون:إنّ الإمام يجهر به، ولكن الجهر به دون الجهر بالقراءة.
كما لا يجوز الإطالة به أكثر من قدر الفاتحة، فإن أطال بطلت صلاته!
3ـ وقال الإمام ابن حزم أثناء انتصاره لمشروعيّة القنوت:
((مع أنّ القنوت ممكن أن يخفى؛ لأنّه سكوتٌ متّصل بالقيام من الركوع، لا يعرفه إلاّ من سأل عنه، وليس فرضاً فيعلمه الناس ولا بد.)) انتهى
4ـ وذكر النووي في الأذكار من آداب الدعاء نقلاً عن الغزالي:
(( .. الرابع خفض الصوت بين المخافتة والجهر. والخامس أن لا يتكلّف السجع وقد فُسّر به الاعتداء في الدعاء، والأَوْلَى أن يقتصر على الدعوات المأثورة، فما كلُّ أحدٍ يُحسِن الدعاء فيُخاف عليه الاعتداء. وقال بعضهم: اُدع بلسان الذلّة والافتقار، لا بلسان الفصاحة والانطلاق.)) انتهى
5ـ وقال مالك في المدوّنة: الأمر في رمضان الصلاة وليس بالقصص في الدّعاء.
قال الطرطوشي رحمه الله فقد نهى مالك أن يقُصَّ أحدٌ بالدّعاء في رمضان وحكى أنّ الأمر المعمول به في المدينة القراءة من غير قصص ولا دعاء.
وروى ابن القاسم أيضاً عن مالك أنّ أبا سلمة بن عبد الرحمن رأى رجلاً قائماً يدعو رافعاً يديه، فأنكر ذلك وقال: لا تقلصوا تقليص اليهود. قال مالك التقليص رفعُ الصوت بالدعاء ورفع اليدين.
وقال ابن الحاج في "المدخل" معلّقاً على ما سلف: فإذا تقرر هذا من مذهب الإمام مالك رحمه الله تعالى فاعلم أنّ الكراهة المذكورة محمولة على الجهر ورفع الصوت في جماعة، وأما الدعاء في السر فهو جائز أو مندوب بحسب الحال، وعلى هذا درج السلف والخلف رضي الله عنهم.
ثمّ قال وهو يتكلّم على الأدعية التي يفعلونها عند ختم القرآن في رمضان .... وهذا ضد ما يفعلونه في هذا الزمان عقب الختم من قراءة القصائد والكلام المسجّع حتى كأنه يشبه الغناء لما فيه من التطريب والهنوك وخلوّه من الخشوع والتضرّع والابتهال للمولى الكريم سبحانه وتعالى، قال عزّ وجل في كتابه العزيز {أمّن يُجيب المضطرّ إذا دعاه} ولم يقل أمّن يُجيب القوَّال. انتهى
6ـ وقد قال مالك رحمه الله في القوم يقدّمون الرجل ليُصلي بهم لحسن صوته؛ إنّما يقدّمونه ليُغنّي لهم.
وهذا إذا كان على ما يُعلم من التطريب في القراءة ووضعها على الطرائق التي اصطلحوا عليها التي تشبه الهنوك، وأمّا لو قدّموه لدينه وحسن صوته وقراءته على المنهج المشروع فلا شك أن هذا أفضل من غيره. انتهى (المدخل لابن الحاج المالكي)
7ـ وأما بخصوص تشبيه تحسين الصوت في الدعاء بتحسينه في القراءة فهذا مُشكل!!
لأنّ تحسين الصوت في القراءة له عدّة أسباب لا توجد في الدعاء.
فمن ذلك أنّ القراءة تكون بالقرآن والواجب أداء القرآن مرتّلاً والواجب تحسين الصوت فيه لأنّه كلام الله، وهكذا أُمرنا.
ثمّ إنّ تحسين الصوت بالقرآن إنّما هو في القراءة الجهرية كما هو معلوم، وهذا فيه الامتثال للأمر الأوّل، وفيه شدٌّ للمأموم للإنصات والتدبر فيما يسمع.
في حين أنّ الأصل في الدعاء الإسرار والتضرّع وهو من كلام العبيد عند لجوئهم لربّهم الكريم، ولم نُؤمر فيه بتحسين الصوت ورفعه (لأنّ الدّاعي مضطر) بل أمرنا بخفضه وإسراره.
ثمّ إنّ مسألة تحسين الصوت بالقرآن عند القراءة جرى فيها خلاف كبير بين العلماء، والراجح عندهم هو عدم جواز القراءة بألحان العجم والفسقة، والتمطيط. بل إنّهم لم يُجيزوا أن يُأذّن بالألحان.
والملفت للنظر! أنّه في أيّامنا هذه نجد الكثير من أتباع المذاهب والمتعصّبون لها، يُخالفون مذاهبهم في مسألة القنوت. فمثلاً نجد الإمام الحنفي؛ الذي يصرّ في دروسه على أنّ القنوت قبل الركوع ولا يُجهر به ويقيم الأدلّة لبيان بطلان ما قاله الشافعيّة وغيرهم؛ في شهر رمضان يخالف مذهبه الذي كان بالأمس ينتصر له فيقنتُ بعد الركوع ويجهر به ويطيل الدعاء!! فلماذا؟؟
لقد بات من الواضح أنّ الكثير من الأئمة في زماننا صاروا يراعون في تصرفاتهم ما يُرضي الناس ويعجبهم، أكثر من مراعاتهم وجوب فِعلِ الأصوب!!
أليس من العجيب أن تستغرق صلاة الوتر ثلاث ركعات مع الإمام عشر دقائق مثلاً، ثمّ هو يقف في آخر ركعة ليقنت فيستغرق معه الدعاء عشرين دقيقة!!
وقد صحّ أنّ رسول الله صلى الله عليه وسلّم قال: ((إنّه سيكون في هذه الأمّة قومٌ يَعتَدون في الطّهور والدّعاء))
انظر كيف جمع رسول الله صلى الله عليه وسلّم بين الطهور والدعاء! وهذا مما يساعد في فهم المراد.
فقوله يعتدون أي يتجاوزون الحدّ الذي شُرِّعَ لهم.
ففي الطهور يكون الاعتداء بالزيادة على الثلاث، وإسراف الماء، والمبالغة في الغسل إلى حدّ الوسواس ...
وأمّا في الدعاء فيكون برفع الصوت، والصياح، والدعاء بما لا يجوز، وتكلّف السجع، والتطويل، والتطريب ....
هذا ما يحضرني الآن ولعلّه يكون مفيداً للإخوة أثناء بحثهم في هذه المسألة، والسلام عليكم.
¥