قال الله تعالى: {وَمَا كُنْتُمْ تَسْتَتِرُونَ أَنْ يَشْهَدَ عَلَيْكُمْ سَمْعُكُمْ وَلا أَبْصَارُكُمْ وَلا جُلُودُكُمْ} قال ابن كثير (7/ 172) أي: تقول لهم الأعضاء والجلود حين يلومونها على الشهادة عليهم: ما كنتم تتكتمون (7) منا الذي كنتم تفعلونه بل كنتم تجاهرون الله بالكفر والمعاصي، ولا تبالون منه في زعمكم؛ لأنكم كنتم لا تعتقدون أنه يعلم جميع أفعالكم؛ ولهذا قال: {وَلَكِنْ ظَنَنْتُمْ أَنَّ اللَّهَ لا يَعْلَمُ كَثِيرًا مِمَّا تَعْمَلُونَ وَذَلِكُمْ ظَنُّكُمُ الَّذِي ظَنَنْتُمْ بِرَبِّكُمْ أَرْدَاكُمْ} أي: هذا الظن الفاسد -وهو اعتقادكم أن الله لا يعلم كثيرا مما تعملون-هو الذي أتلفكم وأرداكم عند ربكم، {فَأَصْبَحْتُمْ مِنَ الْخَاسِرِينَ} أي: في مواقف القيامة خسرتم أنفسكم وأهليكم.
في مسند الإمام أحمد: عن عبد الله بن مسعود قال: كنت مستترا بأستار الكعبة قال فجاء ثلاثة نفر كثير شحم بطونهم قليل فقه قلوبهم قرشي وختناه ثقفيان أو ثقفي وختناه قرشيان فتكلموا بكلام لم أفهمه فقال بعضهم أترون ان الله عز و جل يسمع كلامنا هذا فقال الآخران انا إذا رفعنا أصواتنا سمعه وإذا لم نرفع أصواتنا لم يسمعه قال وقال الآخران سمع منه شيئا سمعه كله قال فذكرت ذلك للنبي صلى الله عليه و سلم قال فأنزل الله عز و جل {وما كنتم تستترون أن يشهد عليكم سمعكم ولا أبصاركم} إلى قوله {وذلكم ظنكم الذي ظننتم بربكم أرداكم فأصبحتم من الخاسرين.
قال البغوي في تفسيره (4/ 318): والمعروف أن الآية مكية، وسبب نزولها: أن أبا جهل سمع النبي صلى الله عليه وسلم وهو في الحِجْر يدعُو يا الله يا رَحمن، فرجع إلى المشركين فقال: إن محمداً يدعو إلهين؛ يدعو الله، ويدعو إلهاً آخر يسمى الرحمن، ولا نعرف الرحمن إلا رحمن اليمامة فنزلت هذه الآية، ونزل قوله تعالى: {قُلِ ادْعُوا اللَّهَ أَوِ ادْعُوا الرَّحْمَنَ أَيًّا مَا تَدْعُوا فَلَهُ الأسْمَاءُ الْحُسْنَى (4)} (الإسراء -110).
· أنواع الإلحاد:-
1 - أن يسمى الأصنام بها كتسمية اللات من الإله (اشتقاق أسماء الله لغير الله).
2 - تسميته سبحانه وتعالى بما لا يليق بجلاله (العلة الفاعلة).
3 - وصفه بصفة نقص وخاصة إذا كانت مناقضة لما وصف بها نفسه (يد الله مغلولة).
4 - تعطيل أسماءه سبحانه عن معانيها وعن حقيقتها (مثل المفوضة والجهمية).
· الصفات قدر زائد عن الذات.
الأربعون: التعطيل , كقول آل فرعون.
- التعطيل: الإخلاء والترك.
· أنواع التعطيل:-
1 - تعطيل المصنوع عن صانعه (لا خالق للكون).
2 - تعطيل الصانع عن كماله المقدس (كتعطيل الجهمية)
3 - تعطيل حق معاملته.
- كقول فرعون: وذلك في قوله: (ما علمت لكم من إله غيري).
الحادية والأربعون: نسبة النقائص إليه.
· وفي بعض نسخ مسائل الجاهلية (كالولد والتعب والحاجة).
كنسبة الولد إليه سبحانه: كقول اليهود: (عزير ابن الله) , وقول النصارى (المسيح ابن الله).وكذلك العرب ينسبون البنات إلى الله جل علا , (وإذا بشر أحدهم بما ضرب للرحمن مثلا) (ويجعلون لله البنات سبحانه ولهم ما يشتهون) (وجعلوا الملائكة الذين هم عباد الرحمن إناثا) (أَفَأَصْفَاكُمْ رَبُّكُم بِالْبَنِينَ وَاتَّخَذَ مِنَ الْمَلآئِكَةِ إِنَاثا).
ومن النقائص التي يوصفون الله تعالى بها مع عدم وصف رهبانهم بها الحاجة والافتقار , (لقد سمع الله قول الذين قالوا إن الله فقير ونحن أغنياء) , قال ابن كثير في تفسيره (2/ 176): قال سعيد بن جبير، عن ابن عباس قال: لما نزل قوله: {مَنْ ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا فَيُضَاعِفَهُ لَهُ أَضْعَافًا كَثِيرَةً} [البقرة:245] قالت اليهود: يا محمد، افتَقَرَ ربّك. وعن ابن عباس، رضي الله عنه، قال: دخل أبو بكر الصديق، رضي الله عنه، بيت المدراس، فوجد من يهود أناسا كثيرا قد اجتمعوا إلى رجل منهم يقال له: فِنْحَاص وكان من علمائهم وأحبارهم، ومعه حَبْرٌ يقال له: أشيع. فقال أبو بكر: ويحك يا فِنْحَاص اتق الله وأسلم، فوالله إنك لتعلم أن محمدًا رسول الله، قد جاءكم بالحق من عنده، تجدونه مكتوبًا عندكم في التوراة والإنجيل، فقال فنحاص: والله -يا أبا بكر-ما بنا إلى الله من حاجة من فقر، وإنه إلينا لفقير. ما نتضرع إليه كما
¥