تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

إِلَّا لِبُعُولَتِهِنَّ أَوْ آَبَائِهِنَّ أَوْ آَبَاءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ أَبْنَائِهِنَّ أَوْ أَبْنَاءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي أَخَوَاتِهِنَّ أَوْ نِسَائِهِنَّ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُنَّ أَوِ التَّابِعِينَ غَيْرِ أُولِي الإِرْبَةِ مِنَ الرِّجَالِ أَوِ الطِّفْلِ الَّذِينَ لَمْ يَظْهَرُوا عَلَى عَوْرَاتِ النِّسَاءِ وَلَا يَضْرِبْنَ بِأَرْجُلِهِنَّ لِيُعْلَمَ مَا يُخْفِينَ مِنْ زِينَتِهِنَّ وَتُوبُوا إِلَى اللهِ جَمِيعًا أَيُّهَا المُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ} [النور: 31]، فذكرت الآية الكريمة نوعين مِن الزينة، الأول: لا يُبْدِينه إلا ما ظهر منها، والثاني لا يُبْدِينه إلَّا للأصناف المحدَّدة في الآية؛ فدلَّ ذلك على أَنَّ الزينة المعهودة للنساء لا تظهر إلا لمن حدَّدتْهم الآية، وأَنَّ الثياب الظاهرة هي المقصودة بالزينة الأولى في الآية، أو تكون الزينة التي أُجْمِلَت في أول الآية قد فُسِّرَتْ في آخرها، وفُسِّر الأصناف الجائز ظهور الزينة لهم دون غيرهم، وهم الذين ذكرتهم الآية الكريمة، فيكون المراد إلا ما ظهر من الزينة لأصناف بعينهم مِن الناس، وليس لمطلق الناس، ويؤيد ذلك أيضًا أَنَّ المرأة مأمورة بعدم التَّبَرُّج؛ فعُلِمَ بذلك أَنَّ الآية الكريمة إما أنها قد استثنتْ نوعًا بعينة مِن الزينة وهو اللباس الظاهر ضرورة، أو أَنَّها استثنت ما ظهر مِن الزينة لفئاتٍ بأعيانهم حددتهم الآية، دون بقية الناس، وقد يكون الاستثناء هنا يعني عند الضرورة والاضطرار؛ أي: ولا يبدين زينتهنّ إلَّا ما ظهر منها رغمًا واضطرارًا وضرورة مِن تمريضٍ ونحوه.

ولا أريد أن أستطردَ في الكلام على هذه المسائل، فلم أقصد هنا استيعاب النصوص الواردة في مشروعية النقاب أو استحبابه أو وجوبه، وإنما المقصود الإشارة إلى أصله الشرعي الإسلامي، وكينونته أحد التشريعات التي وردتْ بها النصوص الشرعية، ومَن أراد الاستزادة في أدلة مشروعيته والوقوف على حكمه وآراء العلماء فيه؛ فعليه الرجوع للمؤلَّفات المشهورة في هذا الباب.

وأَمَّا مِن جهة حقيقة الخلاف بين النقاب ومعارضيه:

فتظهر حقيقة هذا الخلاف بوضوح عند الربط بين العداء للنقاب والعداء لعددٍ من الشرائع الإسلامية الأخرى كالحج والآذان وصلاة الجمعة، فهناك عداء مستمرٌّ ومتجدِّد لهذه الشعائر وأمثالها، والرابط بين هذه التشريعات وما يجري مجراها: هو كينونتها من شعائر الإسلام المميِّزة لشخصيته عن غيره، فهي إذن ليست مجرَّد تشريعات إسلامية فقط؛ لكنها إلى جوار ذلك شعائر مُمَيِّزة للشخصية الإسلامية؛ إِذ هي الإعلان الظاهر والواضح عن الهوية الإسلامية والانتماء للإسلام، فالأمر في هذه الشعائر يتعدَّى مجرَّد العبادات إلى كونه علامة مُمَيِّزة للهوية الإسلامية، وإعلانًا ظاهرًا عن الإسلام، وإذا كان الكتاب يتضح من عنوانه؛ فإِنَّ هذه الشعائر وأمثالها هي مِن عنوان الإسلام الظاهر والدالّ عليه، ومِن هنا تأتي أهمية مثل هذه العبادات والتشريعات من الجهتين الإسلامية وغير الإسلامية على السواء.

فالعراك هنا ليس واقعًا مع عبادات أو تشريعات لها طابع الخفاء أو نحوه، وإنما العراك بين دينين وهويّتين، يُعْلن كلٌّ منهما عن نفسه بوسائل خاصة به، فيُعْلن الإسلام عن هويَّته بشعائره المُمَيِّزة لشخصيته، والتي تتجاوز حدّ الاستجابة والإذعان في خاصَّةِ الشخص، بخلاف العبادات العامة أو الظاهرة التي تتسم بالعموم والظهور، بحيث يراها المسلم وغير المسلم، ومنها النقاب الظاهر الواضح، الذي يراه الناس بأكملهم عندما تخرج المسلمة من بيتها لقضاء بعض حوائجها فتمرُّ على الناس، تخبرهم في صمتٍ، وتدعوهم في سكونٍ، وتُعلن بغير كلام وعبارات عن هويتها الإسلامية، وانتمائها الأصيل للشعائر الإسلامية، حينئذٍ يُخْرِج المخالفُ أضغانَه، مستخدِمًا في ذلك ما قَدَرَ عليه من ترغيبٍ وترهيب للمرأة المسلمة من جهة، ولمَن يتعاطف مع قضيتها من جهة أخرى (25)، والمخالفُ في عدائه للنِّقاب خاصة أو لشعائر الإسلام عامة قد يتزيَّن ليصل إلى مراميه بأقصر الطرق وأقلّها ثمنًا؛ فتراه يختفي خلف "اللافتات" التي فرَّغها من محتواها؛ كالحرية الشخصية وحقوق الإنسان، ونحو ذلك مما يتذرَّع به لتنفيذ

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير